اتصل بنا
 

الأردن في المرآة الأميركية .. الصورة واضحة

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2021-07-23 الساعة 09:19

نيسان ـ على الرغم من أن الرئيس الأميركي جوزيف بايدن بدأ عهده بعدم الالتفات كثيرا إلى قضايا الشرق الأوسط العربي تحديدا، فإنه فتح الأبواب لأول شخصية عربية ليسمع منها رؤية واضحة وصورة أكبر للمنطقة العربية والشرق أوسطية وأهم القضايا الحساسة في هذا الإقليم السياسي المبعثر، لهذا كان جلالة الملك عبدالله الثاني هو الشخصية المناسبة التي سجلت محاضر الاجتماع بين بايدن والملك أكثر وأهم الصور والرؤى والمتغيرات التي طرأت على وقع "كل شيء قد تغير"، وبلا شك فإن من يعيش في هذا الإقليم بتعقيداته ليس كمن يستقي معلوماته من الضابط السياسي في سفارته، على قاعدة "كل مُرّ سيمر".
خلال أكثر من أربع سنوات اتخذ الأردن موقف الحياد فيما يتعلق بالعلاقات البينية للمجتمع السياسي العربي، وصبر كشجرة الصبار في صحراء العرب القاحلة منتظرا سُحب التغيير التي جاء بها القدر طوعا، لتتغير الأمور بأكثر مما توقع الملك بعد عودته من الزيارة الأولى لواشنطن في بواكير عهد ترمب الذي التقاه وتأكد من نواياه الخبيثة تجاه دعم التطرف السياسي في القضية الفلسطينية، والدعم المفتوح لصديقه بنيامين نتنياهو، وإعلانه المتأخر عن "صفقة القرن" التي باءت بالفشل، فترمب رحل ونتنياهو هُزم وبقي الملك محافظا على ثبات مواقفه وتعزيز دور الأردن مجددا رغم الحصار الناعم للأردن ومحاولات تحييده.
الحسنات في زيارات الملك لواشنطن أنه يعتمد على قاعدة علاقات ممتدة ومتشعبة ليس أولها أركان البيت الأبيض، فالأهم لديه نادي الشخصيات المؤثرة في الكونغرس وجماعات الضغط المرخصة والقيادات الهامة للأمن والاستخبارات وأركان الجيش، ولهذا كان لقاء الملك برفقة ولي العهد الحسين بن عبدالله تتويجا لزخم الرحلة السياسية، التي أظهرت مدى التفاعل والقبول والأريحية التي لفت اللقاءات وأعطت المباحثات إطارا أكبر من الزيارات الشكلية، فالرئيس بايدن أكد مجددا أن الأردن والملك لا يزالا من أهم الشركاء الاستراتيجيين في الشرق الأوسط لواشنطن، وبالتأكيد كانت كل التصورات والحلول لإعادة ضبط استقرار "إقليم الشام" السياسي الملتهب قد أحاط بها الملك لصانع القرار العالمي بقوته ونفوذه.
الملك كما نسمعه، لا يتحدث عن الأردن إلا ويذكر أهمية علاقاته بالدول العربية الشقيقة، غنية كانت او متواضعة، ويعتقد دائما بأن قوة واستقرار الأردن مستمد من قوة واستقرار الدول العربية الشقيقة، وهذا الأصل في أن تكون عربيا، لهذا كان استشراف مستقبل المنطقة برمتها هو موضوع البحث لدى القيادة الأميركية، وإذا استثنينا إسرائيل المميزة لواشنطن تاريخيا، فإن الأردن حقيقة هو أهم شريك عسكري وسياسي مع الولايات المتحدة عبر التاريخ، وأي تصور يطرحه الملك لعلاقات واشنطن مع العواصم العربية الشرقية سيكون محل ترحيب بالأخذ به، أكان في العراق الذي سيزور رئيس حكومته واشنطن قريبا، أو دعم استقرار سوريا أو التأكيد على أمن دول الخليج عموما.
ورغم أولوية المصالح الأردنية العليا، فإن القضية الفلسطينية هي ميزان العلاقات الأردنية مع الشريك الأميركي، والملف الفلسطيني محمول دوما مع الملك، وهذا يأتي ضمن الحل الوحيد في التأكيد على حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حقوقهم التاريخية، وهذا بالمناسبة استمرار لنهج الاردن منذ زيارات الملك الراحل الحسين، فهذا الإرث المرهق لم يستسلم له الأردن، بل يتحمله بلا شكوى، ودرة القضية وهي القدس ستبقى ضمانة السلام لمن يبحث عن سلام.
وفي العودة للرئيس بايدن وما يعتقده، فهو مؤمن بدور الأردن التاريخي، ولهذا وصف الأردن بانه "حليف قوي في جوار صعب" وهذا إعادة تأكيد على موثوقية الأردن، ومثله كانت المعطيات للاجتماعات الفرعية، مع نائبة الرئيس كاميلا هريس إذ شدد على إبقاء الوضع القائم في القدس، وطلب الدعم للأردن لاستكمال المشاريع التنموية ودعم استضافة الأردن للاجئين السوريين وغيرها من القضايا، ولقائه مع وزير الدفاع الأميركي ووزير الخارجية أيضا ضمن سلسلة الاجتماعات المكثفة، فضلا عن الاجتماع الهام مع وزير الأمن الداخلي والذي نوقش فيه تسريع اتفاقية تسهيل دخول المواطنين الأردنيين لمسارات الدخول عبر مطارات الولايات المتحدة والذي من المنتظر التوقيع عليها قريبا.
هنا نعود للقضية الأساس وهي مصلحة الأردن الوطنية للعلاقات مع الولايات المتحدة، والتي يجب أن تستغل لتعزيز الإقتصاد الأردني وفتح الحدود مع دول الجوار وعودة العجلة التجارية مدعومة بحلول سياسية وأمنّية عبر الحدود التي تعاني من الفوضى المسلحة، والتفاوض على دعم الموازنة الحكومية للوفاء بجزء من المسؤولية الأمنية والشراكة العسكرية التي تحمل الأردن خلالها مهمات صعبة، أبقت وضع الحدود جميعها في مأمن وحماية واستقرار حصد نتائجه الجيران جميعهم، وليس هناك شيء بالمجان.
Royal430@hotmail.com
الرأي

نيسان ـ نشر في 2021-07-23 الساعة 09:19


رأي: فايز الفايز كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً