كيف نقرأ التصعيد العسكري 'المفاجئ' في الجنوب السوري؟
عمر الرداد
كاتب وخبير أمني
نيسان ـ نشر في 2021-08-01 الساعة 15:54
نيسان ـ يطرح التصعيد الذي تشهده بعض مناطق محافظة درعا في جنوب سوريا بين الجيش السوري و"مسلحين" في مركز مدينة درعا وبعض قراها، وتحديداً في ريفها الغربي، يطرح جملة من التساؤلات حول توقيت العملية وأهدافها، لا سيّما أنّ محافظة درعا مستقرة نسبياً منذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2018 بإشراف القوات الروسية، والذي قضى بتسليم فصائل لأسلحتها الثقيلة ونقل بعض العناصر خارج المحافظة، وضم بعض المقاتلين لتشكيل عسكري شكلته روسيا "اللواء الثامن"، ويبدو أنّ تلك التساؤلات مرتبطة بمعطيات وجملة من الحقائق تتجاوز جغرافية درعا، من بينها:
أولاً: واضح اليوم في هذه المواجهة الجديدة أنها تأتي في ظل موازين قوى تختلف عمّا كانت عليه الأوضاع قبل عام 2018، إذ تبدو المواجهات أقرب ما تكون لحروب عصابات مقابل جيش نظامي، تغيب عنها الفصائل القريبة أو التابعة للقاعدة وداعش، ممّا يعني انحسار وجودها في المنطقة، مقابل حضور لـ "العشائر والأهالي والوجهاء"، وتشكيلات سابقة ظهرت بعد عام 2011.
تأتي المواجهة الجديدة في ظل موازين قوى تختلف عمّا كانت عليه الأوضاع قبل عام 2018 إذ تبدو المواجهات أقرب ما تكون لحروب عصابات مقابل جيش نظامي
ثانياً: تشكل الحرب الإعلامية، خاصة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إحدى أبرز أدوات المواجهة، من خلال تسريبات تظهر مزاعم كل طرف بتحقيق انتصارات، بما فيها فيديوهات مسرّبة حول أسر عدد من جنود الجيش السوري وعمليات حرق لنقاط تفتيش تابعة للجيش النظامي، بالتزامن مع تسريبات أخرى حول استهداف الجيش السوري للمستشفيات والشيوخ والأطفال ومحاصرة 50 ألف مواطن سوري في مركز مدينة درعا.
ثالثاً: لعل التساؤل الأبرز هو أنه، في ظل السيطرة النسبية للحكومة السورية على محافظة درعا، مقابل انعدامها في إدلب ومناطق أخرى تُعرف بشرق الفرات، فلماذا تتحرك الحكومة السورية باتجاه منطقة تقع تحت سيطرتها؟
وفي تقديرنا أنّ العملية برمّتها تعكس خلافات معقدة ومتداخلة داخل أوساط النظام السوري، لا سيّما مع تولي الفرقة الـ4 في الجيش السوري قيادة المواجهة مع مسلحي درعا، والمرجح أنّ الحليفين الأساسيين "روسيا وإيران" غير بعيدين عن تلك الخلافات، مع استمرار ولاءات داخل الفرقة الـ4 للحليف الإيراني على حساب الروسي، وقد شهدت علاقات روسيا مع اللواء الـ8 الذي شكلته بعد اتفاق عام 2018، خلافات تردد معها أنّ روسيا أوقفت رواتب عناصر اللواء منذ عدة أشهر، لا سيّما مع امتناع المحافظة عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً.
رابعاً: ربما ما يؤكد تلك الخلافات الموقف الروسي غير الواضح تجاه هذه العملية، التي لم يشارك فيها من خلال الطيران الحربي الروسي، أو بعمليات صاروخية ضد المسلحين، على غرار المشاركة الروسية في عمليات إدلب وريفي حلب وحماة، ضد فصائل موالية لتركيا.
خامساً: إنّ تزامن تفجر المواجهات في درعا مع الاتفاق الأردني ـ السوري للفتح الكامل للمركز الحدودي بين البلدين "جابر- نصيب" وبدء تشغيله يطرح تساؤلاً فيما إذا كانت المواجهات في درعا تستهدف تطورات العلاقات بين الأردن والحكومة السورية، خاصة أنه سبق الاتفاق على إعادة فتح المعبر الحدودي الكشف عن اتصالات بين القيادتين الأردنية والسورية، وصلت إلى حد أنّ العاهل الأردني حمل معه القضية السورية إلى واشنطن، وكانت إحدى أبرز القضايا المطروحة في لقاءاته مع الرئيس الأمريكي "بايدن"، وبمرجعية الحل السياسي في سوريا، والاعتراف باستمرار النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.
تشكل الحرب الإعلامية، خاصة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إحدى أبرز أدوات المواجهة، من خلال تسريبات تظهر مزاعم كل طرف بتحقيق انتصارات
سادساً: إنّ المعطيات السابقة وغيرها الكثير ترجح وبقوة العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تفكك ألغاز التصعيد، غير المبرر، في محافظة درعا، غير أنّ أبرزها أنّ هناك جهة/ جهات غير راضية عن عودة العلاقات بين الأردن وسوريا، ومؤكد أنّ لهذه الجهات أدواتها داخل الدولة السورية، وداخل التنظيمات المسلحة في المحافظة، التي عمدت مع انطلاق مواجهات يوم الخميس إلى إغلاق الطريق الدولي بين عمان ودمشق، بوصفه أحد الأهداف الرئيسة من هذه العملية.
ومع ذلك، فمن المرجح ألّا تطول الفترة الزمنية التي ستستغرقها العملية، وهو ما أعلنته الحكومة السورية بأنّ هدف العملية استعادة الأمن وتسليم العناصر المسلحة لأسلحتها الثقيلة تنفيذاً لاتفاق المصالحة عام 2018، كما أنّ الموقف الروسي لن يبقى دون حسم بوضع حد لهذه العملية في الوقت المناسب، تنفيذاً للاستراتيجية العسكرية الروسية التي تضع مواجهة الفصائل الإرهابية في إدلب وريفي حلب وحماة والبادية السورية على سلّم أولوياتها.
أولاً: واضح اليوم في هذه المواجهة الجديدة أنها تأتي في ظل موازين قوى تختلف عمّا كانت عليه الأوضاع قبل عام 2018، إذ تبدو المواجهات أقرب ما تكون لحروب عصابات مقابل جيش نظامي، تغيب عنها الفصائل القريبة أو التابعة للقاعدة وداعش، ممّا يعني انحسار وجودها في المنطقة، مقابل حضور لـ "العشائر والأهالي والوجهاء"، وتشكيلات سابقة ظهرت بعد عام 2011.
تأتي المواجهة الجديدة في ظل موازين قوى تختلف عمّا كانت عليه الأوضاع قبل عام 2018 إذ تبدو المواجهات أقرب ما تكون لحروب عصابات مقابل جيش نظامي
ثانياً: تشكل الحرب الإعلامية، خاصة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إحدى أبرز أدوات المواجهة، من خلال تسريبات تظهر مزاعم كل طرف بتحقيق انتصارات، بما فيها فيديوهات مسرّبة حول أسر عدد من جنود الجيش السوري وعمليات حرق لنقاط تفتيش تابعة للجيش النظامي، بالتزامن مع تسريبات أخرى حول استهداف الجيش السوري للمستشفيات والشيوخ والأطفال ومحاصرة 50 ألف مواطن سوري في مركز مدينة درعا.
ثالثاً: لعل التساؤل الأبرز هو أنه، في ظل السيطرة النسبية للحكومة السورية على محافظة درعا، مقابل انعدامها في إدلب ومناطق أخرى تُعرف بشرق الفرات، فلماذا تتحرك الحكومة السورية باتجاه منطقة تقع تحت سيطرتها؟
وفي تقديرنا أنّ العملية برمّتها تعكس خلافات معقدة ومتداخلة داخل أوساط النظام السوري، لا سيّما مع تولي الفرقة الـ4 في الجيش السوري قيادة المواجهة مع مسلحي درعا، والمرجح أنّ الحليفين الأساسيين "روسيا وإيران" غير بعيدين عن تلك الخلافات، مع استمرار ولاءات داخل الفرقة الـ4 للحليف الإيراني على حساب الروسي، وقد شهدت علاقات روسيا مع اللواء الـ8 الذي شكلته بعد اتفاق عام 2018، خلافات تردد معها أنّ روسيا أوقفت رواتب عناصر اللواء منذ عدة أشهر، لا سيّما مع امتناع المحافظة عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً.
رابعاً: ربما ما يؤكد تلك الخلافات الموقف الروسي غير الواضح تجاه هذه العملية، التي لم يشارك فيها من خلال الطيران الحربي الروسي، أو بعمليات صاروخية ضد المسلحين، على غرار المشاركة الروسية في عمليات إدلب وريفي حلب وحماة، ضد فصائل موالية لتركيا.
خامساً: إنّ تزامن تفجر المواجهات في درعا مع الاتفاق الأردني ـ السوري للفتح الكامل للمركز الحدودي بين البلدين "جابر- نصيب" وبدء تشغيله يطرح تساؤلاً فيما إذا كانت المواجهات في درعا تستهدف تطورات العلاقات بين الأردن والحكومة السورية، خاصة أنه سبق الاتفاق على إعادة فتح المعبر الحدودي الكشف عن اتصالات بين القيادتين الأردنية والسورية، وصلت إلى حد أنّ العاهل الأردني حمل معه القضية السورية إلى واشنطن، وكانت إحدى أبرز القضايا المطروحة في لقاءاته مع الرئيس الأمريكي "بايدن"، وبمرجعية الحل السياسي في سوريا، والاعتراف باستمرار النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.
تشكل الحرب الإعلامية، خاصة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إحدى أبرز أدوات المواجهة، من خلال تسريبات تظهر مزاعم كل طرف بتحقيق انتصارات
سادساً: إنّ المعطيات السابقة وغيرها الكثير ترجح وبقوة العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تفكك ألغاز التصعيد، غير المبرر، في محافظة درعا، غير أنّ أبرزها أنّ هناك جهة/ جهات غير راضية عن عودة العلاقات بين الأردن وسوريا، ومؤكد أنّ لهذه الجهات أدواتها داخل الدولة السورية، وداخل التنظيمات المسلحة في المحافظة، التي عمدت مع انطلاق مواجهات يوم الخميس إلى إغلاق الطريق الدولي بين عمان ودمشق، بوصفه أحد الأهداف الرئيسة من هذه العملية.
ومع ذلك، فمن المرجح ألّا تطول الفترة الزمنية التي ستستغرقها العملية، وهو ما أعلنته الحكومة السورية بأنّ هدف العملية استعادة الأمن وتسليم العناصر المسلحة لأسلحتها الثقيلة تنفيذاً لاتفاق المصالحة عام 2018، كما أنّ الموقف الروسي لن يبقى دون حسم بوضع حد لهذه العملية في الوقت المناسب، تنفيذاً للاستراتيجية العسكرية الروسية التي تضع مواجهة الفصائل الإرهابية في إدلب وريفي حلب وحماة والبادية السورية على سلّم أولوياتها.
نيسان ـ نشر في 2021-08-01 الساعة 15:54
رأي: عمر الرداد كاتب وخبير أمني