تأجيل التاريخ الأردني..أخبروا الرفاعي ان للتاريخ استحقاقات إجبارية لا يُهمل ولا يُمهل ولا يتأجل
محمد قبيلات
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2021-08-06 الساعة 11:22
نيسان ـ كتب محمد قبيلات
نعود مرة أخرى إلى قصة العشرين عاما الرفاعية، فالقضية ذات شجون، وتحتاج إلى إلقاء النظر إليها من أكثر من زاوية، كونها تأتي في إطار عملية تأجيل التاريخ التي دأبت الطبقة السياسية السائدة على ممارستها، حفاظا على مصالحها ومكتسباتها ومكانتها، واعتقادًا منها بأن المتغيرات ستبقى نفسها إلى الأبد.
وفي ذلك تجاهل كبير للتغييرات الجذرية التي طرأت بفعل التقدم الرقمي في قطاع الاتصالات، وما أجراه من تغيير جذري على علاقة الفرد بالجماعة، وبالتالي علاقة الفرد بالسلطة.
المعنى؛ أن الفرد لم يعد مجرد كائن متلقٍ، بل يستطيع أن يبث رسائله أنّا شاء، وإلى كل الناس في لحظات، ولم تعد هناك سلطة حقيقية للدولة على هذا المدى الشبكي المفتوح للناس كلهم، وأصبح هذا الفضاء الواسع هو المجال العام للمجتمع، حيث لم يعد المجال العام مجرد مرافق عامة وساحات ومنتديات وطرق وأسواق، يمكن السيطرة عليها بدوريات راجلة وسيّارة، بل أصبح مجالا افتراضيا أكثر فعالية ومراوغة ومناورة، فليس من داع اليوم للتجمهر في ساحة عامة للتعبير عن موقف من قضية ما.
أصبح كل ما يتطلبه الأمر، عبارة من ثلاث كلمات، ربما يطلقها غاضب من ارتفاع أسعار سلعة معينة، وما هي إلّا ساعات لتطوف كل البيوتات، وتصبح حديث الناس وموضوع تفاعلهم وغضبهم، ولا تمتلك الجهات المسؤولة إلّا أن تذعن لهذه المطالبات، أو يزيد رصيدها من الاحتقان في صدور الناس، ضمن عملية تراكمية تهدد بانفجار عظيم، ولو بعد حين.
فالموقف لا يحتمل الانتظار عشرين عاما، وربما لا يحتمل عشرين شهرًا، فحسابات الشارع وتفاعلاته، لم تعد تضبط على حسابات مراكز القرار، وحتى عملية الإصلاح لو أُنجزت، فالأزمة لن تُحل بالسهولة التي نتوقعها، وبالمناسبة، مراكز القرار تعرف ذلك، ولذلك تحاول أن تؤجل التاريخ بالتسويفات وعمليات شراء الوقت.
أي نظام يحتاج اليوم من أجل أن يستمر إلى شرعية، ولم تعد الشرعيات الادعائية تنجح، الشرعية هي فقط شرعية التنمية وتوفير الشعور بالأمان لكل فرد من أفراد المجتمع، وهنا بيت القصيد، فحتى لو جرت عملية الإصلاح السياسي بشكلها المجتزأ، كالذي نراه، فلن تؤدي إلى اجتراح خطط وحلول تنموية فورية، كون الطبقة السياسية الحالية عاجزة وغير مبدعة، لأنها غير كفؤة ووليدة التنفيعات والتوريثات والمحسوبيات وعمليات شراء الذمم واسعة النطاق، ولا حل بغير إصلاح حقيقي ينفض هذه الطبقات الهلامية نفضًا.
هذه الأفكار ليست من بنات الشطط، فالمشكلات اليوم باتت كبيرة، وتزداد اتساعًا، يكفي أن نذكًر السادة غير المرتاحين لهذا الطرح ، بأن الجامعات تخرج نحو المئة ألف طالب جاهز، نفسيا، للعمل سنويا، هذا إضافة إلى الذين يتسربون من المدارس، أو يخفقون في الصفوف المدرسية النهائية ويتوجهون مباشرة إلى سوق العمل.
لا تسألوا عن تعداد هذه الجيوش الجرارة دائرة الإحصاءات العامة، فقط اسألوا كم من هؤلاء يُسجّلون كمشتركين جدد في الضمان الاجتماعي، لتكتشفوا أن الارقام مرعبة، فعدد المشتركين الجدد لا يتجاوز 5% من هذه الأعداد، إلى أين تذهب البقية؟
الجواب بكل بساطة إنهم ينضمون إلى جيش الغاضبين، وهؤلاء يمتاز غضبهم بأنه مرٌ أيها السادة، ولدى كل واحد منهم جهاز خلوي خاص، ويستخدم كافة التطبيقات التي تعرفونها، والتي لا تعرفونها، وأغلب التعليقات الجارحة على صوركم وأخباركم في السوشيال ميديا تأتي من هذا الجيش الجرار.
هل تعرف من هم قادة الرأي العام بعد عشرين سنة يا دولة رئيس لجنة الإصلاح؟
إنهم هؤلاء الذين ولدوا بعد عام 2000 وبعد عشرين سنة ستتجاوز أعمارهم الأربعين عاما، مسلحين بأدوات وآليات تفكير، غير تلك التي تعودتم عليها من أجيالنا الغابرة.
التاريخ له استحقاقات اجبارية، وهو عنيد؛ لا يُهمل ولا يُمهل ولا يتأجل.
نعود مرة أخرى إلى قصة العشرين عاما الرفاعية، فالقضية ذات شجون، وتحتاج إلى إلقاء النظر إليها من أكثر من زاوية، كونها تأتي في إطار عملية تأجيل التاريخ التي دأبت الطبقة السياسية السائدة على ممارستها، حفاظا على مصالحها ومكتسباتها ومكانتها، واعتقادًا منها بأن المتغيرات ستبقى نفسها إلى الأبد.
وفي ذلك تجاهل كبير للتغييرات الجذرية التي طرأت بفعل التقدم الرقمي في قطاع الاتصالات، وما أجراه من تغيير جذري على علاقة الفرد بالجماعة، وبالتالي علاقة الفرد بالسلطة.
المعنى؛ أن الفرد لم يعد مجرد كائن متلقٍ، بل يستطيع أن يبث رسائله أنّا شاء، وإلى كل الناس في لحظات، ولم تعد هناك سلطة حقيقية للدولة على هذا المدى الشبكي المفتوح للناس كلهم، وأصبح هذا الفضاء الواسع هو المجال العام للمجتمع، حيث لم يعد المجال العام مجرد مرافق عامة وساحات ومنتديات وطرق وأسواق، يمكن السيطرة عليها بدوريات راجلة وسيّارة، بل أصبح مجالا افتراضيا أكثر فعالية ومراوغة ومناورة، فليس من داع اليوم للتجمهر في ساحة عامة للتعبير عن موقف من قضية ما.
أصبح كل ما يتطلبه الأمر، عبارة من ثلاث كلمات، ربما يطلقها غاضب من ارتفاع أسعار سلعة معينة، وما هي إلّا ساعات لتطوف كل البيوتات، وتصبح حديث الناس وموضوع تفاعلهم وغضبهم، ولا تمتلك الجهات المسؤولة إلّا أن تذعن لهذه المطالبات، أو يزيد رصيدها من الاحتقان في صدور الناس، ضمن عملية تراكمية تهدد بانفجار عظيم، ولو بعد حين.
فالموقف لا يحتمل الانتظار عشرين عاما، وربما لا يحتمل عشرين شهرًا، فحسابات الشارع وتفاعلاته، لم تعد تضبط على حسابات مراكز القرار، وحتى عملية الإصلاح لو أُنجزت، فالأزمة لن تُحل بالسهولة التي نتوقعها، وبالمناسبة، مراكز القرار تعرف ذلك، ولذلك تحاول أن تؤجل التاريخ بالتسويفات وعمليات شراء الوقت.
أي نظام يحتاج اليوم من أجل أن يستمر إلى شرعية، ولم تعد الشرعيات الادعائية تنجح، الشرعية هي فقط شرعية التنمية وتوفير الشعور بالأمان لكل فرد من أفراد المجتمع، وهنا بيت القصيد، فحتى لو جرت عملية الإصلاح السياسي بشكلها المجتزأ، كالذي نراه، فلن تؤدي إلى اجتراح خطط وحلول تنموية فورية، كون الطبقة السياسية الحالية عاجزة وغير مبدعة، لأنها غير كفؤة ووليدة التنفيعات والتوريثات والمحسوبيات وعمليات شراء الذمم واسعة النطاق، ولا حل بغير إصلاح حقيقي ينفض هذه الطبقات الهلامية نفضًا.
هذه الأفكار ليست من بنات الشطط، فالمشكلات اليوم باتت كبيرة، وتزداد اتساعًا، يكفي أن نذكًر السادة غير المرتاحين لهذا الطرح ، بأن الجامعات تخرج نحو المئة ألف طالب جاهز، نفسيا، للعمل سنويا، هذا إضافة إلى الذين يتسربون من المدارس، أو يخفقون في الصفوف المدرسية النهائية ويتوجهون مباشرة إلى سوق العمل.
لا تسألوا عن تعداد هذه الجيوش الجرارة دائرة الإحصاءات العامة، فقط اسألوا كم من هؤلاء يُسجّلون كمشتركين جدد في الضمان الاجتماعي، لتكتشفوا أن الارقام مرعبة، فعدد المشتركين الجدد لا يتجاوز 5% من هذه الأعداد، إلى أين تذهب البقية؟
الجواب بكل بساطة إنهم ينضمون إلى جيش الغاضبين، وهؤلاء يمتاز غضبهم بأنه مرٌ أيها السادة، ولدى كل واحد منهم جهاز خلوي خاص، ويستخدم كافة التطبيقات التي تعرفونها، والتي لا تعرفونها، وأغلب التعليقات الجارحة على صوركم وأخباركم في السوشيال ميديا تأتي من هذا الجيش الجرار.
هل تعرف من هم قادة الرأي العام بعد عشرين سنة يا دولة رئيس لجنة الإصلاح؟
إنهم هؤلاء الذين ولدوا بعد عام 2000 وبعد عشرين سنة ستتجاوز أعمارهم الأربعين عاما، مسلحين بأدوات وآليات تفكير، غير تلك التي تعودتم عليها من أجيالنا الغابرة.
التاريخ له استحقاقات اجبارية، وهو عنيد؛ لا يُهمل ولا يُمهل ولا يتأجل.