اتصل بنا
 

في إصلاح اليساريين المَلِكِيين الجدد

نيسان ـ نشر في 2021-08-10 الساعة 13:06

x
نيسان ـ
كتب محمد قبيلات

طالعت يوم أمس، مقالة ليساري قديم، انتقد فيها بيان الأحزاب الرافضة للصّياغات الأولية، شبه النهائية، لقانون الأحزاب، وقد كال من النقد للأحزاب اليسارية الكثير، متبرِّئًا إلى، حلفاء اليوم، أصحاب السلطة من تلك الأحزاب، التي يراها متخلفة وناقمة وغير معترفة بما يراه هو، وفق نظاراته الخاصة، صحيحا.
بطبيعة الحال، لا يحق لأي كان أن يصادر حقه في النقد، لكن وأنا أقرأ سطوره المجبولة على الولاء، تذكرت لقاءً جمعني في ليلة من ليالي نيسان 1989، وكانت ليلة لا تخلو من لسعة برد، كأنها اختزنتها من الشتاء، وما أسخن تلك الجلسة إلّا حماسة هذا الرفيق واستعجاله إلى عملية تغيير واسعة النطاق، وكما قال: تنسف عاليها وواطيها.
فما كان من صديقنا الثالث إلا أن طلب منه أن يتأنّى قليلا، وقال له بالحرف: يا رفيق نريد أن نعمر بلدنا ولا نريد له خرابا.
المهم، وأنا أقرأ مقالته، أصابتني حالة من التشويش، إذ أن صوته قي تلك الليلة ظل شاكوشًا يدق على صدى كل جملة في مقالته، ويعطل عليَّ استيعابها، فالانحرافات كبيرة، ليست مجرد إزاحة، ولا انكفاءة ولا كبوة، ما هذا الذي أُطالع؟ يا سبحان مغير الأحوال، كيف استطاع هذا المناضل "الفذ" في صفوف تنظيم متطرف، رفع شعارات من قبيل كل السلطة للمقاومة، أن يزاود على رفاق الأمس ممن كانوا أكثر منه اعتدالا، كيف انقلب؟ وكيف أصبح مَلِكِيًا أكثر من الملك؟!
نعم، والله، مَلِكِيٌ أكثر من الملك، فالملك نفسه قال في لقاء إبان حقبة الربيع العربي، لبعض اليساريين والقوميين: أنا يساري فيما يخص الصحة والتعليم، والملك، حسب ما قاله في بعض المقابلات الإعلامية، وما يرشح من مقربين، لا يحب الكاذبين والمتزلفين، فمن المؤكد أنك لن تحجز في مجلسه الكريم صوفة مريحة، حتى وإن بدأت مقالتك بالاحتجاج، بأسلوب الدس، على تسمية الأحزاب في بيانها للجنة بـلجنة الإصلاح، مع إسقاط أنها مَلِكِيَّة، فهذه الأسلاليب الدنيئة لن تقربك من مراكز القرار.
من حق الأحزاب، برغم الملحوظات الكثيرة على أدائها ومنهجياتها، أن ترفض التعديلات، وأن تناقش وتعبر عن رأيها في هذا الأمر، لأنه يخصها، أما أنت فحقك أن تسرح في مضمار آخر، مثل أن تسعى لترتيب أمورك كما تشاء، وفي أية ضفة تريد، شريطة أن تنتقل كليا إلى تلك الضفة، فأنت اليوم ابن أفكار ونيات جديدة، لا يحق لك أن تطبق برمجياتها على الآخرين.
أيها الرفيق الممعن في التقدم مَناصبيا؛ هنيئا لك أنت وعضو لجنة الأحزاب "البارز"، الذي هبَّ لنجدتك وتأييدك، هنيئا لكما بهذا الدرْك العالي الذي بلغتمانه وبلعتمانه، ونتمنى لكما المزيد من التقدم والازدهار، حتى تبلغان منتهاه، تقاعد الوزير، ونرجو لكما ومنكما وأنتما تمارسان التسلل إلى تلك الأهداف "النبيلة"، أن تخففا الضجيج علينا قليلا، فنحن نريد أن ننعم ببعض الهدوء من كل جلبات التصفيق والتزلف والتعييش، نحن نريد أن ننعم بقيلولة هادئة، من دون طرق الحدادين، من غير هدى وإيقاعات وحرفنة الحدادين القدماء، على ألواح الصفيح الملساء، ونريد أن نستفيق بعد ذلك، ونمارس الاسترخاء الكامل، لننعم بفنجان قهوة، يُذهب بمرارته الزكية، طعم النابلسية الدِلع.

نيسان ـ نشر في 2021-08-10 الساعة 13:06

الكلمات الأكثر بحثاً