ما بين السياسي والأمني في زيارة بيرنز لإسرائيل والضفة الغربية
عمر الرداد
كاتب وخبير أمني
نيسان ـ نشر في 2021-08-19 الساعة 16:12
نيسان ـ تنسجم الزيارة التي قام بها مدير المخابرات الأمريكية، وليام بيرنز، إلى إسرائيل والضفة الغربية، ولقاءاته مع القيادات السياسية والأمنية في تل أبيب ورام الله، مع التطورات التي شهدتها المنطقة، سواء فيما يتعلق باستئناف حرب الناقلات البحرية من قبل إيران، أو المقاربات الجديدة على صعيد العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية وآفاق استئناف المفاوضات بين الجانبين، بعد مؤشرات على توفر آفاق جديدة قد تهيّئ الأرضية لانطلاقة جديدة، بعد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة.
ملفات إيران، وعنوانها تصعيد الحرس الثوري الإيراني استئناف حرب الناقلات البحرية مع تولي إبراهيم رئيسي رئاسة الجمهورية، بالتزامن مع مباحثات الصفقة النووية، كانت صلب مباحثات بيرنز مع تل أبيب، التي تستند لمرجعية عنوانها "أمريكا ذاهبة باتجاه صفقة جديدة معدلة مع إيران، بينما تريد إسرائيل ضمانات كافية من واشنطن حول حدود تلك الصفقة، ومتطلبات أمنها القومي، وموقعها فيها"، وبما يضمن أن تتجاوز الصفقة الجديدة "ثغرات" صفقة "أوباما" عام 2015، التي ركزت على البرنامج النووي، ولم تتضمن اشتراطات على إيران بخصوص ملفات البرنامج الصاروخي والتدخل الإقليمي.
تتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية مواصلة توجيه ضربات نوعية للحرس الثوري وميليشياته في سوريا والعراق بالتزامن مع تنفيذ عمليات داخل العمق الإيراني
تدل المعطيات على أنّ إسرائيل تبني استراتيجيتها تجاه إيران وفق قواعد، أبرزها الحرب الاستخباراتية ضد إيران، وقد قدّمت لبيرنز ملفات "سرّية" حول إيران من خلال بنك معلوماتها الهائل عن الأخيرة، بما فيها ملف حول شخصية الرئيس الإيراني الجديد، وبما يضمن تعزيز الشكوك داخل أمريكا بأنّ إيران غير مستعدة للتنازل.
وتتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية مواصلة توجيه ضربات نوعية للحرس الثوري وميليشياته في سوريا والعراق، بالتزامن مع تنفيذ عمليات داخل العمق الإيراني، والركيزة الثالثة لهذه الاستراتيجية هي إقناع المجتمع الدولي بمحاذير الوقوع في مغبة صفقة جديدة دون ضمانات كافية تضبط السلوك الإيراني، بالتزامن مع تشكيل تحالف في المنطقة ضد إيران بمشاركة إسرائيل، لا سيّما بعد انفتاح علاقاتها التطبيعية مع حكومات عربية جديدة، وعلى أساس أنّ إيران تستهدف الدول العربية "السنّية"، وهي مسألة تحظى بحساسية عالية لدى الحكومات والشعوب العربية.
من غير الواضح مدى النجاحات التي حققها بيرنز في مباحثاته بخصوص إيران، لكن المؤكد أنّ لدى المخابرات الأمريكية أيضاً بنك معلومات حول إيران وأوضاعها، بما فيها صراعات مراكز القوى، وإيران الجديدة بعد سيطرة خامنئي على مفاصل الدولة الإيرانية "الحرس الثوري، والبرلمان، ورئاسة الجمهورية والحكومة"، وهو ما يعني أنّ أي اتفاق جديد سيكون برعاية خامنئي.
زيارة بيرنز ربما تكون قد حققت نتائج في الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا يُستبعد أن تنطلق المفاوضات بين الجانبين عمّا قريب
بيد أنّ مباحثات بيرنز في رام الله وتل أبيب حول الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي لم تكن بالصعوبة نفسها حول الملف الإيراني، لأنّ هناك مقاربة جديدة لدى الحكومة الإسرائيلية قد تؤسس لانطلاق مفاوضات، وهو ما تحرص عليه إدارة بايدن، ويبدو أنّ زيارة بيرنز ولقاءاته في رام الله ركزت على استئناف مفاوضات السلام، وتقديم دعم للسلطة الفلسطينية بمواجهة ظروفها الاقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية ضمان ثباتها بمواجهة تطلعات حركة حماس لمدّ سيطرتها على الضفة الغربية.
ويبدو أنّ زيارة بيرنز لرام الله حققت بعض النتائج التي بدأت ترجماتها على الأرض عبر قرار القضاء الإسرائيلي بتجميد قضية منازل المواطنين الفلسطينيين في الشيخ جراح، وقرار الحكومة الإسرائيلية بالسماح للفلسطينيين ببناء 1000 وحدة سكنية مقابل قيام إسرائيل ببناء 2000 وحدة في الضفة الغربية، وهي المرّة الأولى التي تسمح فيها إسرائيل للسلطة بالبناء في مناطق بالضفة بهذه الصورة المعلنة، بالإضافة إلى تسريبات حول لقاءات "مباشرة" مفترضة في الأيام القادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ورغم ذلك، فإنّ مقاربات بيرنز لم تلامس موضوع حل الدولتين الذي تؤكد عليه إدارة بايدن، ويبدو أنها تسير باتجاهات تثبيت مضامين صفقة القرن "السلام الاقتصادي"، والتخفيف على الفلسطينيين من قبل إسرائيل، وانطلاق المفاوضات مع استمرار التنسيق الأمني، وهو ما تبدي السلطة الفلسطينية قبولاً أوّلياً به، في ظل أزمات متفاقمة عايشتها مع إدارتي "ترامب ونتنياهو"، تبعها تهديد وجودي لها بعد حرب غزة الأخيرة، والنجاحات التي حققتها حماس عبر صواريخها التي شملت الجغرافيا الإسرائيلية.
وبالخلاصة، فإنّ زيارة بيرنز ربما تكون قد حققت نتائج في الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا يُستبعد أن تنطلق المفاوضات بين الجانبين عمّا قريب، إلا أنها ما تزال بعيدة عن تحقيق نتائج موازية بخصوص الملف الإيراني، والتي ستكون الضمانات الإيرانية لأمن إسرائيل أحد أبرز معايير إنجازه، وهو ما تدركه إيران وتجعله ورقة مساومة حتى النهاية.
(حفريات)
ملفات إيران، وعنوانها تصعيد الحرس الثوري الإيراني استئناف حرب الناقلات البحرية مع تولي إبراهيم رئيسي رئاسة الجمهورية، بالتزامن مع مباحثات الصفقة النووية، كانت صلب مباحثات بيرنز مع تل أبيب، التي تستند لمرجعية عنوانها "أمريكا ذاهبة باتجاه صفقة جديدة معدلة مع إيران، بينما تريد إسرائيل ضمانات كافية من واشنطن حول حدود تلك الصفقة، ومتطلبات أمنها القومي، وموقعها فيها"، وبما يضمن أن تتجاوز الصفقة الجديدة "ثغرات" صفقة "أوباما" عام 2015، التي ركزت على البرنامج النووي، ولم تتضمن اشتراطات على إيران بخصوص ملفات البرنامج الصاروخي والتدخل الإقليمي.
تتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية مواصلة توجيه ضربات نوعية للحرس الثوري وميليشياته في سوريا والعراق بالتزامن مع تنفيذ عمليات داخل العمق الإيراني
تدل المعطيات على أنّ إسرائيل تبني استراتيجيتها تجاه إيران وفق قواعد، أبرزها الحرب الاستخباراتية ضد إيران، وقد قدّمت لبيرنز ملفات "سرّية" حول إيران من خلال بنك معلوماتها الهائل عن الأخيرة، بما فيها ملف حول شخصية الرئيس الإيراني الجديد، وبما يضمن تعزيز الشكوك داخل أمريكا بأنّ إيران غير مستعدة للتنازل.
وتتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية مواصلة توجيه ضربات نوعية للحرس الثوري وميليشياته في سوريا والعراق، بالتزامن مع تنفيذ عمليات داخل العمق الإيراني، والركيزة الثالثة لهذه الاستراتيجية هي إقناع المجتمع الدولي بمحاذير الوقوع في مغبة صفقة جديدة دون ضمانات كافية تضبط السلوك الإيراني، بالتزامن مع تشكيل تحالف في المنطقة ضد إيران بمشاركة إسرائيل، لا سيّما بعد انفتاح علاقاتها التطبيعية مع حكومات عربية جديدة، وعلى أساس أنّ إيران تستهدف الدول العربية "السنّية"، وهي مسألة تحظى بحساسية عالية لدى الحكومات والشعوب العربية.
من غير الواضح مدى النجاحات التي حققها بيرنز في مباحثاته بخصوص إيران، لكن المؤكد أنّ لدى المخابرات الأمريكية أيضاً بنك معلومات حول إيران وأوضاعها، بما فيها صراعات مراكز القوى، وإيران الجديدة بعد سيطرة خامنئي على مفاصل الدولة الإيرانية "الحرس الثوري، والبرلمان، ورئاسة الجمهورية والحكومة"، وهو ما يعني أنّ أي اتفاق جديد سيكون برعاية خامنئي.
زيارة بيرنز ربما تكون قد حققت نتائج في الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا يُستبعد أن تنطلق المفاوضات بين الجانبين عمّا قريب
بيد أنّ مباحثات بيرنز في رام الله وتل أبيب حول الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي لم تكن بالصعوبة نفسها حول الملف الإيراني، لأنّ هناك مقاربة جديدة لدى الحكومة الإسرائيلية قد تؤسس لانطلاق مفاوضات، وهو ما تحرص عليه إدارة بايدن، ويبدو أنّ زيارة بيرنز ولقاءاته في رام الله ركزت على استئناف مفاوضات السلام، وتقديم دعم للسلطة الفلسطينية بمواجهة ظروفها الاقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية ضمان ثباتها بمواجهة تطلعات حركة حماس لمدّ سيطرتها على الضفة الغربية.
ويبدو أنّ زيارة بيرنز لرام الله حققت بعض النتائج التي بدأت ترجماتها على الأرض عبر قرار القضاء الإسرائيلي بتجميد قضية منازل المواطنين الفلسطينيين في الشيخ جراح، وقرار الحكومة الإسرائيلية بالسماح للفلسطينيين ببناء 1000 وحدة سكنية مقابل قيام إسرائيل ببناء 2000 وحدة في الضفة الغربية، وهي المرّة الأولى التي تسمح فيها إسرائيل للسلطة بالبناء في مناطق بالضفة بهذه الصورة المعلنة، بالإضافة إلى تسريبات حول لقاءات "مباشرة" مفترضة في الأيام القادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ورغم ذلك، فإنّ مقاربات بيرنز لم تلامس موضوع حل الدولتين الذي تؤكد عليه إدارة بايدن، ويبدو أنها تسير باتجاهات تثبيت مضامين صفقة القرن "السلام الاقتصادي"، والتخفيف على الفلسطينيين من قبل إسرائيل، وانطلاق المفاوضات مع استمرار التنسيق الأمني، وهو ما تبدي السلطة الفلسطينية قبولاً أوّلياً به، في ظل أزمات متفاقمة عايشتها مع إدارتي "ترامب ونتنياهو"، تبعها تهديد وجودي لها بعد حرب غزة الأخيرة، والنجاحات التي حققتها حماس عبر صواريخها التي شملت الجغرافيا الإسرائيلية.
وبالخلاصة، فإنّ زيارة بيرنز ربما تكون قد حققت نتائج في الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا يُستبعد أن تنطلق المفاوضات بين الجانبين عمّا قريب، إلا أنها ما تزال بعيدة عن تحقيق نتائج موازية بخصوص الملف الإيراني، والتي ستكون الضمانات الإيرانية لأمن إسرائيل أحد أبرز معايير إنجازه، وهو ما تدركه إيران وتجعله ورقة مساومة حتى النهاية.
(حفريات)
نيسان ـ نشر في 2021-08-19 الساعة 16:12
رأي: عمر الرداد كاتب وخبير أمني