اتصل بنا
 

مفكرون عرب يحاولون تفسير التحولات في المجتمعات العربية والإجابة على أسئلة النهضة

نيسان ـ نشر في 2021-09-01 الساعة 08:45

مفكرون عرب يحاولون تفسير التحولات في
نيسان ـ في محاولة لإنجاز فهم معرفي لقضايا التحولات في العالم العربي وأسئلة النهضة، خاصة في ظل التحولات العميقة التي شهدها العالم العربي على مدى أكثر من عقد من الزمان في العديد من المستويات والتي تنبئ إلى إنتاج تراكمات مهمة في المستقبل المنظور، أطلقت الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية ومنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) سلسلة من ندوات المنتدى الدولي بعنوان "التحولات".
حيث عُقدت الندوة العلمية الرقمية الأولى تحت عنوان "التحولات في العالم العربي ومشروع النهضة"، بمشاركة أربعة مفكرين عرب وهم: ميسر اللجنة الفيلسوف والأكاديمي المصري الدكتور مصطفى النشار، والأكاديمي المصري الدكتور مجدي عبد الحافظ، والأكاديمي الدكتور عصمت سيد حسين نصار من مصر، والكاتب شايع الوقيان من السعودية. وافتتحت الجلسة المنسقة العامة للشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية الدكتورة ماريس يونس التي أكدت أن هذه الندوة تشكل الحلقة الأولى من مشروع أكبر يرصد التطور في بلدان العالم العربي، والذي هو تطور غير متجانس ويرتبط بجملة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والسكانية وغيرها، فالتغيرات متعددة الأوجه هي المشكلة المحورية لمشروعنا الحواري.
وقد بدأ الدكتور مصطفى النشار عرضه من مرحلة الصدمة الاستعمارية التي تعرض لها العالم العربي والتي كانت بداية تحولات كثيرة جرت في البلدان العربية ولم تنقطع وما زالت مستمرة وإن كانت بشكل مختلف بعد تحولها من الصورة الحادة والعسكرية إلى حروب الجيل الرابع - كما وصفها.

وأضاف: نحن دائماً في حوار وتحولات معظمها سببه الغربي وتدخلاته في الشأن العربي كما أننا في حالة دائمة من ردود الأفعال ولسنا فاعلين، متسائلاً متى سنخرج من ذلك الصراع ثلاثي الأبعاد الذي قدمته المشاريع النهضوية الأولى والمتمثل بأتباع الأصالة وأتباع المعاصرة وأتباع التوثيق بينهما.
وتابع أن آخر هذه التحولات هي ثورات الربيع العربي وما تخلفه الآن من ضياع لمفهوم الدولة في العربي سواء في سوريا أو العراق أو تونس ومصر، مؤكداً أنه لا يمكننا التقدم إلا من منظور الاستقلال الذاتي الحقيقي ومن منظور استقلال القرار العربي، ومن منظور صورة من صور التضافر والوعي بضرورة الاتحاد أياً كان شكله بين إمكانيات الدول العربية مجتمعة حتى لا تصبح فريسة للطائفية والحروب والانقسامات والتدخلات الخارجية.
من جهته، أكد الدكتور مجدي عبد الحافظ أن التحولات العميقة التي حصلت في عالمنا العربي عبر القرنين الماضيين لامست وعلى مستويات عدة الأجهزة والوسائل التقنية المختلفة، والمؤسسات، والأنظمة، والفكر، والثقافة، والسلوك حتى وصلت إلى اللغة والعادات، وفرضت مصطلحات جديدة أيضاً على مستويات عدة. وتوقف عبد الحافظ عند عنوانين وردا في الورقة الإرشادية لسلسة الندوات، الأول المعوقات التي شابت الحداثة في مجتمعاتنا، والثاني قيم الحداثة المفتقدة في عالمنا العربي. ففيما يخص القيم المفتقدة اعتبر عبد الحافظ أن العقلانية هي القيمة الأولى التي غابت جزئياً في مجتمعاتنا مما أثر على ممارساتنا المختلفة، فانعكس الأمر على طريقة تعاملنا مع الزمن فلم نعد نحترم الوقت في كل المجالات. أما القيمة الثانية فهي غياب الفردية ليس بمفهومها النرجسي وإنما المقصود أن الحداثة تتوجه دائما للفرد، ولا يمكن أن تحقق إنجازها دون مساهمات وإبداعات الفرد الذي ما زال غير متحرراً في مجتمعاتنا. أما القيمة الثالثة فهي غياب المساحة العمومية والتي تؤطر السلوك الخاص والعام، وتميز بين الحياة الخاصة والعامة الأمر الذي أدى إلى غياب التوافق الذي يربط بين سلوك المواطنة والسلوك الطبيعي. والقيمة الرابعة هي الشفافية التي تعكس انتصار العقل وتعتبر آلية فاعلة تتجلى في الانتخابات العامة في الدولة، وتبرز عند اتخاذ القرارات والإحاطة بأسبابها وتجعل من أملاك الحكام والمسؤولين شأناً عاماً. والقيمة الخامسة وهي غياب الديمقراطية التي تجعل المواطن حراً وتحميه من الاستبداد. أما القيمة السادسة فتتمثل في غياب العلمانية الذي أدى لتحويل الظواهر الاجتماعية إلى ظواهر دينية، وسمح بتداخل مناحي الحياة.
وتابع "أما معوقات الحداثة فهي غياب الفاعل الاجتماعي على عكس ما حدث للغرب، و المعوق الثاني هو فرض الحداثة ومحاولة تطبيقها من أعلى، مما جعل الناس يربطون بين الحداثة والأوامر الظالمة التي اعتادوا على تلقيها، وثالث هذه المعوقات هو العمل على الإلغاء قبل الإحلال أي تم إلغاء الهيئات التقليدية في حياة الناس قبل أن يحل بدلاً منها الهيئات الحديثة، مثل إلغاء النقابات والأحزاب قبل إيجاد البديل، والمعوق الرابع هو أن منجزات الحداثة لعبت أدواراً معاكسة لقيم لحداثة ذاتها فتم تحديث الأجهزة والأدوات واستخدامها في مكانها غير الصحيح وانما استخدمت في قمع المظاهرات والتعذيب في السجون، وأخيراً يأتي المعوق الخامس وهو خلافات الداعين للحداثة وتعدد مراكز الحداثة حيث رفعوا أعلاماً مختلفة وتناقضت نتائج دراستهم تبعاً للمرجعيات."

وختم أن على الفلسفة والفلاسفة في عالمنا دور كبير، فلا بد أن يصاحب هؤلاء الناس في التحرر من قيود واستبداد الأنظمة ويتعلم معهم الاحتفاظ بالاستقلالية والتمسك بالمعالجات النقدية ونشر الفكر العقلاني في مجتمعاتهم.
الكاتب شايع الوقيان ركز خلال مداخلته على مناقشة سؤال النهضة العربية الحديثة، مفترضاً أنها نهضة حديثة لأن هناك نهضة قديمة وهي نهضة العرب بالعهد العباسي، أما النهضة الحديثة فقد بدأت في مطلع القرن التاسع عشر بعد الحملات الفرنسية وكان اصطدام النهضة العربية بالآخر الغربي اصطداماً سلبيا، ومنذ تلك الفترة ظهر سؤال النهضة عندما فوجئ العرب بهذا التحديث والتنظيم للغزاة.

وأضاف أنه يمكن التعبير عن هذا السؤال بصيغة مشهورة جداً أجمع عليها مفكرو النهضة وهي "لماذا تأخر العرب والمسلمون وتقدم غيرهم؟"، فكانت التحولات متمحورة حول مواجهة التخلف من وجهة نظر غربية وليست أصيلة من واقع احتياجنا العرب

نيسان ـ نشر في 2021-09-01 الساعة 08:45

الكلمات الأكثر بحثاً