أفغانستان تدمغ رئاسة بايدن
نيسان ـ نشر في 2021-09-04 الساعة 08:27
نيسان ـ دمغ الانسحاب المضطرب من أفغانستان رئاسة بايدن، أعجبه ذلك أم لم يعجبه. ستبقى مشاهد الانسحاب والفوضى العارمة التي رافقته وصور الضحايا مطبوعة في أذهان الأميركيين والعالم، وهي مليئة بالدروس والاستنتاجات التي تذهب بالاتجاهات كافة.
لم يكن الانسحاب قرار بايدن بل ترامب، ولكن تنفيذه حدث في عهد الإدارة الجديدة التي تحملت تكلفته السياسية، وليس القرار خطأً بالمعنى الاستراتيجي، بيد أن فوضى الانسحاب غطت على أي جانب إيجابي له.
المقلق أن الميدانيين كان معهم أشهر للتحضير للانسحاب، ما يعني أنه كان يمكن حدوثه بشكل أكثر تنظيما، لكن يبدو أن عدم استمرارية ووضوح رسائل القيادة السياسية من واشنطن، وتضاربها أحيانا بين إدارتين، خلق حالة من عدم اليقين في أن الانسحاب بالفعل سيحدث، ما جعل رجال الميدان يعتقدون أن هذا القرار ربما سيتم التراجع عنه في آخر لحظة.
قدوم طالبان كان متوقعا، كيف لا وقد تفاوضت معه أميركا ذاتها التي دعمت ودربت الحكومة التي انقلبت عليها طالبان، وكل الحديث أن الجيش والحكومة الأفغانية التي أنفقت عليها أميركا البلايين كان يجب أن تقف بوجه طالبان ذرا للرماد بالعيون. القناعة العميقة أن السيطرة السياسية والميدانية كانت لطالبان لذلك تفاوضت أميركا معها، لأنها حسمت أمرها بضرورة وقف نزيف التكلفة المادية العسكرية وهذا مكسب استراتيجي، والمكسب الأهم، أن الانسحاب سيجعل دولا أخرى تدخل على المشهد الأفغاني، وتحاول دعم الاستقرار خاصة الصين والباكستان، بعد أن كان ذلك مهمة أميركا، وإن الصين وآخرين مستفيدون طبيعيون من محافظة أميركا على أمن واستقرار أفغانستان.
سيؤثر الانسحاب الأميركي بالمصداقية الاستراتيجية لأميركا في المشهد الدولي، لا شك في ذلك، وأقرب الحلفاء يعلم أن أميركا لم تعد مهتمة أو تملك الإرادة السياسية لتدخلات دولية غير ملحة. أصدقاء أميركا وأعداؤها يعون ذلك، ما سيؤثر في العديد من الملفات الدولية بالشرق الأوسط ليس بمنأى عنها.
أميركا بدأت بالفعل بإعادة تموضع في الإقليم الشرق أوسطي وهي تعلن في غالب استراتيجياتها للأمن القومي أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية لها إلا بالحدود الدنيا، وأن جنوب شرق آسيا، والصين وروسيا هي الأولويات. هذا يعني أن ثمة أدوارا أكبر تنتظر الفاعلين في الإقليم، وأميركا ستكون مساندة من الخلف وبالطرق الدبلوماسية وربما أخرى، ولكن ليس بالعمل العسكري الميداني كما كان سابقا.
ثمة تغيير كبير آخر له تداعياته على الشرق الأوسط جراء الدروس المستفادة من أفغانستان، فأميركا تعلن على رؤوس الأشهاد أن عهد صناعة بناء الدول ونشر الديمقراطية فيها قد ولى.
بايدن ذاته يعلن ذلك وهو الذي كان جزءا أصيلا من إدارة كان لها دور قابل وأحيانا داعم للربيع العربي تحت لواء نشر الديمقراطية. ستستمر الدبلوماسية الأميركية بالترويج والضغط في ملفات حقوق الإنسان، لكن هذا سيبقى على المستوى الدبلوماسي الناعم وليس بأكثر، وفي ذلك دلالات وتداعيات سياسية يجب أن لا تخطئها العين.
(الغد)
لم يكن الانسحاب قرار بايدن بل ترامب، ولكن تنفيذه حدث في عهد الإدارة الجديدة التي تحملت تكلفته السياسية، وليس القرار خطأً بالمعنى الاستراتيجي، بيد أن فوضى الانسحاب غطت على أي جانب إيجابي له.
المقلق أن الميدانيين كان معهم أشهر للتحضير للانسحاب، ما يعني أنه كان يمكن حدوثه بشكل أكثر تنظيما، لكن يبدو أن عدم استمرارية ووضوح رسائل القيادة السياسية من واشنطن، وتضاربها أحيانا بين إدارتين، خلق حالة من عدم اليقين في أن الانسحاب بالفعل سيحدث، ما جعل رجال الميدان يعتقدون أن هذا القرار ربما سيتم التراجع عنه في آخر لحظة.
قدوم طالبان كان متوقعا، كيف لا وقد تفاوضت معه أميركا ذاتها التي دعمت ودربت الحكومة التي انقلبت عليها طالبان، وكل الحديث أن الجيش والحكومة الأفغانية التي أنفقت عليها أميركا البلايين كان يجب أن تقف بوجه طالبان ذرا للرماد بالعيون. القناعة العميقة أن السيطرة السياسية والميدانية كانت لطالبان لذلك تفاوضت أميركا معها، لأنها حسمت أمرها بضرورة وقف نزيف التكلفة المادية العسكرية وهذا مكسب استراتيجي، والمكسب الأهم، أن الانسحاب سيجعل دولا أخرى تدخل على المشهد الأفغاني، وتحاول دعم الاستقرار خاصة الصين والباكستان، بعد أن كان ذلك مهمة أميركا، وإن الصين وآخرين مستفيدون طبيعيون من محافظة أميركا على أمن واستقرار أفغانستان.
سيؤثر الانسحاب الأميركي بالمصداقية الاستراتيجية لأميركا في المشهد الدولي، لا شك في ذلك، وأقرب الحلفاء يعلم أن أميركا لم تعد مهتمة أو تملك الإرادة السياسية لتدخلات دولية غير ملحة. أصدقاء أميركا وأعداؤها يعون ذلك، ما سيؤثر في العديد من الملفات الدولية بالشرق الأوسط ليس بمنأى عنها.
أميركا بدأت بالفعل بإعادة تموضع في الإقليم الشرق أوسطي وهي تعلن في غالب استراتيجياتها للأمن القومي أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية لها إلا بالحدود الدنيا، وأن جنوب شرق آسيا، والصين وروسيا هي الأولويات. هذا يعني أن ثمة أدوارا أكبر تنتظر الفاعلين في الإقليم، وأميركا ستكون مساندة من الخلف وبالطرق الدبلوماسية وربما أخرى، ولكن ليس بالعمل العسكري الميداني كما كان سابقا.
ثمة تغيير كبير آخر له تداعياته على الشرق الأوسط جراء الدروس المستفادة من أفغانستان، فأميركا تعلن على رؤوس الأشهاد أن عهد صناعة بناء الدول ونشر الديمقراطية فيها قد ولى.
بايدن ذاته يعلن ذلك وهو الذي كان جزءا أصيلا من إدارة كان لها دور قابل وأحيانا داعم للربيع العربي تحت لواء نشر الديمقراطية. ستستمر الدبلوماسية الأميركية بالترويج والضغط في ملفات حقوق الإنسان، لكن هذا سيبقى على المستوى الدبلوماسي الناعم وليس بأكثر، وفي ذلك دلالات وتداعيات سياسية يجب أن لا تخطئها العين.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2021-09-04 الساعة 08:27
رأي: د.محمد المومني