اتصل بنا
 

رفع السرية عن تحقيقات 11 ايلول -2001م ونظرية المؤامرة

نيسان ـ نشر في 2021-09-12 الساعة 19:19

نيسان ـ دون الحاجة الى قيام الرئيس الأمريكي جو بايدن بالموافقة خلال شهر سبتمبر 2021م على رفع السرية عن بعض وثائق التحقيقات الأمنية والاستخبارية حول هجمات 11 ايلول-سبتمبر 2001م الإرهابية ضد أمريكا ، فأن وسائل إعلام الأمريكية نشرت خلال العقدين الماضيين الكثير من الكتب والدراسات و الاعترافات والسير الذاتية والمذكرات الشخصية لمعظم الرؤساء الأمريكيين والكثير من المسؤولين السياسيين والأمنيين المعنيين بالهجمات وتداعياتها اللاحقة.
طبعاً هذا الأمر قد لا يروق لإصحاب نظرية المؤامرة المنتشرين بكثرة حول العالم خاصة في أمريكا الذين يصرون على أن هناك تأمر ما بين تنظيم القاعدة وبعض المستويات السياسية في أمريكا , أو يتهمون أمريكا بأنها هي التي رتبت كل هذه القصة من أولها الى آخرها لضرب الاسلام والمسلمين واحتلال البلاد العربية. وقد انتشرت الكثير من الروايات والنظريات في أمريكا وفرنسا حول هذا الأمر.
لقد تحولت نظريات المؤامرة إلى مسألة سياسية حساسة منذ اعتداءات سبتمبر/أيلول ‏‏2001م. ‏‎ وفي هذا السياق يقول( سيلفان دولوفي) ، الأستاذ المحاضر في علم النفس الاجتماعي بجامعة رين 2 الفرنسية وصاحب كتاب "المؤامرة: الإدراك والثقافة والمجتمع" في تصريح لوكالة فرانس24 أن "تنامي مواقع التواصل الاجتماعي سهّل نشر وتقاسم نظريات المؤامرة بسرعة ومع أكبر عدد من الناس بعدما كانت (نظريات المؤامرة) محصورة لدى أقلية قليلة من الناس ولا تحظى بانتشار واسع. "
وهناك طرف مهم في هذه المعادلة اليوم وهو لوبي عائلات الضحايا في هجمات 11 أيلول –سبتمبر والذي استمر بالنشاط والتنامي منذ عشرين عاماً ويضغط باتجاه كشف المزيد من التفاصيل والسرية عن الوثائق التي يعتقد بأنها قد تفيده في الملاحقات القانونية والقضائية للمتسببين بهذه الهجمات مع تركيزهم على بشكل محموم لتحميل السعودية والإمارات المسؤولية .حيث تورط في تنفيذ الهجمات 19 شخصاً بينهم 15 مواطناً سعودياً، واثنان من ‏الإمارات، ولبناني ومصري، الأمر الذي وضع السعودية في واجهة المتهمين، ‏خصوصاً مع وجود تقارير عن تورط مسؤولين كبار فيها.‏ وبالتالي ضرورة التعويض المالي. من خلال ما بات يعرف بقانون (جاستا) (العدالة ضد رعاة الإرهاب) الذي مرر من الكونجرس الأمريكي عام 2016م ،لكنه لا يذكر هجمات 11 سبتمبر أو المملكة العربية السعودية، إلا أنه سيسمح ضمنياً بإجراء دعاوى قضائية ضد المملكة من قبل أهالي القتلى والجرحى والمتضررين جراء الهجمات.
وهو الأمر الذي استمرت كافة الإدارات الأمريكية التساهل به ، أو عدم الانخراط فيه بجدية، الى أن جاء نشر مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي يوم السبت 11 ايلول 2021م ، بالتزامن مع مراسم احياء ذكرى الهجمات ، أول وثيقة مرتبطة بتحقيقه في هجمات 11 سبتمبر أيلول، ومزاعم دعم الحكومة السعودية للخاطفين وذلك بناء على أمر تنفيذي من الرئيس جو بايدن.
وأظهرت الوثيقة المؤلفة من 16 صفحة والمنقحة جزئيا اتصالات بين الخاطفين وسعوديين لكنها لم تشر إلى دليل على تورط الحكومة السعودية في الهجمات التي أودت بحياة زهاء ثلاثة آلاف شخص.
أن المتتبع لما نشر خلال ال 20 سنة الماضية حول الهجمات وتداعياتها من غزو أفغانستان واحتلال العراق حتى ظهور تنظيم داعش ، يصاب بالذهول، والتخمة المعرفية لحجم المعلومات والتفصيلات التي تحدث عنها المسؤولين المباشرين عن تلك الأحداث خاصة من مدراء وضباط المخابرات الأمريكية الذين تحدثوا بأدق التفاصيل حول ما يعرفون.
وكلهم – تقريباً- أعترف بوضوح وشجاعة بالفشل جهة عدم تقدير خطورة تنظيم القاعدة. وبعض الضباط اعترف بسوء إدارة المصادر الاستخبارية ، وعدم أخذ تهديدات القاعدة على محمل الجد ، وضعف التنسيق ، والتنافس الشديد بين: وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالية ، أضافة الى التنافس والانقسام الحزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين.
ولعل هذا في جزء كبير منه ، مرده الى أن أمريكا كانت تشعر بالراحة والأمان، بعد أن بدأت تشعر ‏بنشوة النصر الإمبراطوري أثر خروجها منتصرة من الحرب الباردة تاركة ورائها ‏‏ غبار حطام جدار برلين، والاتحاد السوفياتي المفكك ، فيما بدأت قاطرة العولمة ‏اللبرالية بالإقلاع مع نهاية 1989م. ‏
لكني إطلاقاً؛ لم أرى أو أسمع أو أقرأ لواحد منهم تحدث عن تواطئ أو خيانة أو مؤامرة . بل أجمعوا كلهم –باستثناء فريق بوش الابن من المحافظين الجدد- بوضوح وصراحة على الشعور بالندم وبالكثير من السخرية والمرارة على سوء التقدير، وعجرفة وجهل بعض رؤسائهم في تقدير خطر "الأطراف الفاعلة من غير الدول" كالجماعات الإرهابية وعلى راسها تنظيم القاعدة وعدم الاستفادة من دروس وتجارب التاريخ .
ولعل هذا ما دفع مسؤول مثل( لورنس وليكرسن) الذي كان يعمل أنداك مديرا لمكتب وزير الخارجية (كولن باول) الى القول بصراحة وألم خلال مقابلته في برنامج وثائقي حول 11 ايلول ، 20 عاما من الفوضى نشر على محطة فرانس 24 9 ايلول -2021م "أن أمريكا لا تستفيد من الدروس والتجارب ، وأنه ينغي تسميتها الولايات المتحدة الأمريكية فاقدة الذاكرة" .
‏ في الخلاصة؛ يمكنني الادعاء بأنه لم يبق أي إسرار حول هذه الهجمات. وأن ما بقي –‏ هذا أن بقي شيء - هو فقط توثيق رسمي للتقارير والمراسلات والتحليلات بين اللاعبين الرسمين في المؤسسات والدوائر لما قد ‏تم كشفه والإفصاح عنه حتى الآن. وهذه ربما تكون مفيدة للمؤرخين و للباحثين والاكاديميين أكثر ‏من فائدتها القانونية والإجرائية. ‏

نيسان ـ نشر في 2021-09-12 الساعة 19:19


رأي: سعود الشرفات

الكلمات الأكثر بحثاً