اتصل بنا
 

عندما تتحطم أحلام الشباب على أبواب الرأس مالية

نيسان ـ نشر في 2021-09-24 الساعة 21:16

نيسان ـ كلنا نعلم ان الشباب هو الطاقة المحركة الأساسية في المجتمعات، ففئة الشباب هي الامل والطموح والاندفاع والتغيير هي القوة الحقيقية التي تبنى عليها الأوطان وبهم تتحدد المسارات. تعول الدول على فئة الشباب كونهم نقطة المحور المهمة في الهدم او التطوير لن أكثر الحديث عن أهمية الشباب فهي واضحة للجميع.
نحن في وطن يصارع الكثير من المشكلات على جميع الأصعدة فلا يخلو بيت أردني من تحدي او مشكلة اجتماعية او اقتصادية او نفسيه او توجيهيه .... الخ، فمعظم البيوت أنهكت او صابها الإحباط او فقدان الامل، ولن اضع كامل الحق على هذه البيوت، تتحمل الحكومات الأردنية المتعاقبة جزء كبير من هذه الحالة العامة السائدة في أجواء هذا الوطن الكبير بأهله، شباب أمس هم من يواجه الجو العام السائد المحبط وشباب اليوم في تيه كبير وامام طرق مسدودة، نرى حالات الانتحار والهجرة والجريمة والتعاطي وردود الفعل المتشنجة والسقوط الاخلاقي .... الخ هنا وهناك، إذا دققنا جيدا بالأسباب الأساسية لهذه الأمور فكلها تعود الى محور أساسي واحد وهو الفشل الذريع في بناء شباب يملك الاندفاع الإيجابي معطاء ينظر بأمل لمستقبل مرسوم بدقة تغطيه عناوين الانتماء والفخر، شباب يعطي كل ما عنده ويطلب المزيد لان البيئة متهيئه له ليكون حجر بناء يفتخر بما يعطي لوطن يعشق.
مرة أخرى انا هنا اليوم ليس لأجلد من السبب في هذا التيه الذي يواجه شباب الوطن الغالي ولكن لأسلط النظر على قضية أساسية وتعتبر أحد المخارج المهمة لاحد هذه الاحباطات المتتالية التي تواجهها مكونات الاسر الأردنية، الاسر الأردنية التي بنت هذا الوطن على امتداد مئة عام بالحب والانفس والعطاء والتضحية.
المشاريع الريادية او المشاريع الصغيرة الباب الوحيد امام الشباب الأردني اليوم بعد ان فقد الامل بالعمل بشهادته الجامعية التي صرف عليها الاهل الغالي والنفيس، المشاريع الصغيرة او الريادية هي المخرج بعد ان اغلقت كل الأبواب في ان يكون هذا الشاب جزء من المنظومة الحكومية لعدة أسباب الكل عارفها وأتمنى ان تتلاشى، المشاريع الصغيرة عندما أصبح العمل خارج الوطن او الهجرة لمن استطاع اليها سبيلا والمعظم يعرف الأسباب وأتمنى ان تتلاشى، المشاريع الصغيرة حتى لا يطلب شخص تجاوز عمره 23 عام مصروفه من اهله وأهله تحت وطئت غلاء الأسعار وتدني الدخول والتزامات تكسر الظهر والدخل. المشاريع الصغيرة التي قامت عليها دول عظمى اليوم وتم انتشال هذه الدول من الفقر والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، المشاريع الصغيرة لتوجيه الشباب الى طرق الابتكار والتطوير والإبداع، المشاريع الصغيرة مخرج مهم للحكومات لحل مشاكلها والتفرغ لوضع البصمات التي نفتخر بها لكيلا نرجمها غدا. تتغنى الحكومة الأردنية بدعم المشاريع الريادية والصغيرة نظريا فقط، ولكن على ارض الواقع الحكومة الأردنية بقوانينها وتشريعاتها وسياساتها ومنظريها يحاربون كل شاب في رزقه وفي مشروعه حتى أفكار الشباب في بعض الحالات تسرق. التالي بعض المتطلبات الحكومية التعجيزية للمشروع صغير وهي كالتالي مثلا ترخيص بلدية، ترخيص غرفة صناعة، ترخيص غرفة تجارة، رسوم إضافية، اشتراطات خاصة ومعقدة، اشتراك ضمان اجتماعي، رخصة مهن وامور أخرى لا استحضرها الان. بربكم شاب محبط فاقد للأمل لا يملك أكثر من 200 دينار تم جمعهم على حساب طعامه وملابسه والتزاماته كيف به يوفي هذا الكم الهائل من الالتزامات والاشتراطات الحكومية التي في معظمها للجباية لا غير ولا ننسى ما يتبعها من مخالفات وغرامات، اليس هذا الشاب سيكفر بالوطن وبكل ما يحتويه ويصبح نقطة هدم تكبر كل يوم !!!!! ارحموا لبنات الوطن من التشريعات والمتطلبات المتعددة والتي في معظمها غير لازمة او لا دور لها كل ما ذكرت ممكن يكون برخصة مزاولة نشاط تجاري فقط من المحافظة بقيمه لا تتدعى 15 دينار. الا تريدون شباب مبادر؟ كيف يكون ذلك وأنتم تقتلون روح المبادرة من بدايتها كيف ؟؟!!
استعرض لكم قصة شباب مبادر اليوم من محافظة المفرق وكيف سيقتل حلمه بسبب تشريعات واخطاء تطبيق وتنفيذ من قبل الجهاز الحكومي الأردني الذي يجب ان يكون الاب الحنون الداعم وليس القاتل لكل حلم او امل للشباب، قضيتنا اليوم هي شركات التوصيل للمنازل في المفرق وهي كالتالي كما وردت من صاحب المشروع والمبادرة:
احد الشباب من محافظة المفرق الفقيرة والمتعثرة جدا , بداء مشروعه على دراجة هوائية تكلفت كل المشروع مئة وخمسون دينار لأغير وبما أنه شاب منتمي ويؤمن بالقانون تم تسجيل المشروع بغرفة الصناعة والتجارة, ولكن الموظف في غرفة الصناعة والتجارة سأل صاحب المشروع عن طبيعة العمل التجاري او طبيعة المشروع فكان الرد خدمة توصيل للمنازل, فكان رد الموظف لا يوجد لدينا بند يغطي هذه الخدمة او فكرة المشروع (قصور تشريعي وظيفي وتطبيقي واضح) , ومن ثم جاء رد الموظف بالحل الغير مناسب وهو تسجيل المشروع تحت اسم (خدمات لوجستية مناولة وامداد وتخزين ونقل) لكن هذا الوصف الطويل العريض يختلف تمام عن طبيعة المشروع ولوصف العمل القائم عليه المشروع (خطأ اداري وتشريعي واضح تتحمل الحكومة وتشريعاتها المسؤولية) .
فما كان من الشاب المبارد الا القبول حتى يكون تحت القانون ويعمل بترخيص يعتقد ان هذا الاجراء هو الداعم له وسيكون نقطة قوه له بالمستقبل. بدأ المشروع وكانت البدايات مشجعه فأثنى عليه اهل المفرق وتم ذكر المشروع في جميع وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة وغيرها كمشروع ريادي فريد تحت عنوان رفض ثقافة العيب (توصيلة على بسكليت)!
وللعلم هذا المشروع اخذ أكثر من جائزة كمشروع ريادي ابداعي، حتى انه سيدنا جلالة الملك التقى هذا الشاب وقدم له كل الدعم النفسي والمعنوي وشد على يده وشجعه في سبيل الاستمرار والتطوير، وما كان هذا الشي الا ان يقوي عزيمة الشاب. بدأ المشروع ينعرف وبدأ الحلم يكبر ويصبح حقيقة وفريق العمل يكبر يوم بعد يوم من شباب طامح حامل للأمل داخل قلبه فالفريق أصبح يتكون من شباب يعمل من اجل دواء امه وشباب يعمل من اجل اطعام اخوانه وشباب يعمل ليجمع مصروف الجامعة.
ومن ثم بدأت الصعوبات وبدأ الخنق البطيء فبعد عدة أشهر تواصلت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وقالوا لصاحب المشروع، المشروع يحتاج ترخيص من هيئة تنظيم قطاع الاتصالات !!!! شيء عجيب غريب التداخلات التشريعية والقانونية في هذا البلد !! برسوم سنوية 1200 دينار لمشروع رأس ماله 150 دينار، والسبب ان طبيعة المشروع تتشابه مع طبيعة خدمة البريد!! هنا هل نبكي ام نضحك؟؟ هل توصيل كيلو بندورة او سندويشة شاورما أو طير دجاج أو علبة دوا هو خدمة بريديه !؟ اين دعم الشاب اين دعم المشاريع اين دعم المبادرات اين تكريم سيد البلاد؟ ثم جاءت المرحلة الثانية من الخنق وهي قولهم ممنوع توصل الاكل ولا الدواء هذه الأمور تحتاج الى ترخيص من الغذاء والدواء (كم ترخيص نحتاج حتى نسد احتياجاتنا!) بالإضافة الى توثيق كل خطوه تقوم بها عن طريق سجلات نظامية وهذا الخنق الثالث. كلنا مع القانون والتنظيم والمراقبة ولكن ليست بطرق الخنق هذه، لو كل هذه التعليمات موجودة في كل بلاد العالم لفشلت كل الدول الريادية، الشباب يحتاج الى التوجيه والمساعدة والوقوف معهم ومع مشاريعهم وليس خنقهم وقتلهم ببطيء! ويستمر مسلسل الخنق حتى تفتح الأبواب للرأسمالية المقيتة ولكن لن يكون هذا على حساب لبنات اوطن وشبابه.
يكمل الشاب المسلسل المحزن ويقول تمت مراجعة موقع وزارة الصناعة والتجارة للحصول على ما تم طلبه، ويضيف الشاب انه لم يجد شيء تحت بند الموافقات المسبقة على موقع وزارة الصناعة والتجارة. ولا حاجة للموافقات المسبقة! ويضيف الشاب انه لو كان يعلم ان مشروعه بهذه الخطورة وهذا الكم من الموافقات والتراخيص والمراجعات والرسوم المرتفعة الغير منطقيه وغيرها لما بدأ تخيل كل هذه المتطلبات هي مقابل توصيلة بنص دينار !! (هل نبكي ام نضحك هنا) اين التشريع المناسب اين الموظف الداعم اين الدعم الحقيقي اين روح القانون اين التشاركية مع القطاع الخاص التي تتغنى بها الحكومة يوميا وصرف الملايين عليها ومن ثم نأتي نحارب شبابنا والرياديين ؟؟! لو كان يعرف وعورة الطريق ما كان بدأ ولا فكر ولا اجتهد ولا صدق الوعود. هل تريد الحكومة حصر المشاريع بفئة الرأس ماليين كما فعلت المولات بالدكاكين ؟؟!! يبدو ذلك واضحا.
يكمل الشاب حاولت التواصل مع جميع الجهات المعنية ولكن كل الأبواب قفلت بوجهي كأني عدو !! لماذا! تم ارسال الفاكسات والايميلات والشكاوى من عند رئاسة الوزراء ونازل وما حد حكى معي ولم أفهم ما المقصود ؟؟ هل صناديق الشكاوى والايميلات موضوعه للرفاهية والديكور والشكل العام ؟؟!! ولم نفهم المقصود من هذا التجاهل. نكمل مسلسل الخنق المحزن ويضيف الشاب انه يوم الامس الخميس 2021-9- 23ان الهيئة تتصل به وتخبره انه عليه رسوم ترخيص ثلاث او اربع او خمس سنوات والمبلغ المقدر مبدئيا ب عشرة الاف دينار غير الغرامات وتم توجيه نفس التهمه ونفس الغرامات لستة شركات توصيل في محافظة المفرق من يعمل بها شباب محبط يحفر بالصخر والامل يقتل كل يوم بروح الشباب الذي يحب الاعتماد على النفس وتم التهديد بالتسكير بالشمع الأحمر. هل هذا أحد أساليب الحكومة وموظفيها لفتح الباب امام شركات كبرى رأس مالية لدخول سوق المفرق؟ هل هكذا يقتل الشباب على أبواب الرأس المالية المقيتة، هل هذا أسلوب يا الحكومة الأردنية ؟!
اترككم الان مع بعض العبارات التي كتبها الشاب صاحب اول مشروع توصيل بالمفرق ((بدكو شباب يشتغل حكيتولي.؟ .. بدكو مشاريع رائدة؟ .... بدكو الشباب يصرف على حالو؟ بدكو نظل نحب البلد؟ بدكو ننظر بعين الامل للمستقبل؟ بدكو نبتعد عن المخدرات والابصر شو؟ بالله عليكو... بالله عليكو احنا شباب شغالين على مستوى دينار وايام ما بنطلع مصروفنا ما انتو شايفين وعارفين... بنشتغل بعز الشوب.. بنشتغل بعز المطر والبرد... معقول الله قالها ندفع 1200 نيرة لهيئة مش عارفين شو دورها بالموضوع.... اذا التعليمات والقوانين هاي انحطت قبل ما يكون في اشي اسمو خدمة توصيل... يا عالم عدلو التعليمات... عدلو الانظمة... خليكو متابعين للتطور.. ما انتو هيئة اسمكو لحالو بيخوف.... واللا اذا ما اخذتو منا 1200 دينار رواتبكو بتتأثر؟ المهم يا سادة يا كرام اذا تسكر مشروعي انا اعلن وبكل بساطة اني رح اقعد اشحد ورح ابعثلكو لوكيشن وين بكون اشحد وخلي فرقة مكافحة التسول يعتقلوني بس مش يطلعو يقولو عندو سكوتر باسمو وسجل تجاري.. ترا انا من وراهن رح اصير اشحد مش من ورا شي تاني.
كل الدعم للمشاريع الصغيرة، يجب على الجميع ان يقف مع الشباب المكافح وتسهيل الإجراءات لهم وان يكون هنالك فرق من موظفين الحكومة المميزين وظيفتهم المساعدة والدعم التوجيه مجانا تحت نظام مراقبة صارم لهم. ويجب ان ينزل أصحاب القرار من صومعتهم للتواصل مع أصحاب المشاريع الصغيرة لتقديم الدعم الكامل لهم في جميع صوره، الحكومة مقصرة وعاجزه في هذا الموضوع ويجب ان تتغير الكثير من التشريعات والقوانين التي تعتبر حجر عثره امام أبنائنا بأسرع وقت وان نخرج من البيروقراطية العقيمة.

نيسان ـ نشر في 2021-09-24 الساعة 21:16


رأي: الدكتور معن نصر العليان

الكلمات الأكثر بحثاً