جدل التعديلات الوزارية لن يتوقف
د. زيد النوايسة
أكاديمي وكاتب
نيسان ـ نشر في 2021-10-14 الساعة 07:42
نيسان ـ الجدل الدائر حول التعديل الأخير لحكومة الدكتور بشر الخصاونة ليس مستغرباً ولا جديداً على الحياة السياسية في الأردن؛ هذا طقس فلكلوري اردني يتكرر بعد كل تشكيل او تعديل ولكن سرعان ما تتجاوزه الازمات التي تواجهها أي حكومة اردنية نتيجة ظروف الأردن الاقتصادية وتركيبته الاجتماعية وظروف الإقليم المعقدة التي لا يمكن القفز عليها واخذها بالحسبان ليبدأ سريعاً الحديث عن موعد التعديل المقبل أو حتى من سيشكل الحكومة المقبلة.
جزء مما يحدث يمكن فهمة في سياقه التاريخي إذا ما عدنا لطبيعة تشكيل الحكومات في الأردن منذ الاستقلال؛ والتي كانت تعتمد في ظل غياب الحياة الحزبية القادرة على توليد قيادات سياسية على مبدأ الولاء أولاً، والعلاقات الشخصية للرئيس وتقديراته، ودوائر صنع القرار وعلى رأسها المؤسسة الأمنية مع تطعيم الفريق بمجموعة من التكنوقراط.
قرأت أربع مذكرات سياسية لرؤساء وزارات سابقين وتوقفت عند كيفية تشكيل الحكومات وتعديلها والحسابات التي كانت ترافقها وتشكلت لدي قناعة مطلقة بأنه في ظل واقعنا السياسي لن يتمكن أي رئيس وزراء من مغادرة ذات المربع فهو مضطر حكماً لمراعاة الجغرافيا والمكونات على تعددها وبطبيعة الحال ميله الشخصي وعلاقاته الإنسانية وغالباً يكون الهامش المتاح له محدودا.
المهم هنا ودون التقليل من الأصوات التي تحمل رأيا مخالفاً وناقداً للتعديل أو تلك التي تدافع عنه ضرورة الحديث مرة أخرى عن أهمية ربط بقاء الوزير أو رحيله بمعايير محددة وواضحة وقابلة للقياس بقدرة الوزير على الاستجابة لبرنامج الحكومة وتنفيذه لا أن يتم اختزال المشهد بأن التعديل يستجيب لقصة التمثيل التي تشغل بال المجتمع الأردني كثيراً.
هل سيحدث التعديل الأخير فرقاً كبيراً في الأداء الحكومي؟ هذا سؤال لا يحتاج لتفكير كبير للإجابة عليه؛ الازمات التي نعيشها أكبر من قدرة أي حكومة واي تعديل أو تشكيل للإتيان بحلول سحرية؛ لكن المهم هو محاولة إدارة الازمات والعمل على التخفيف من تداعياتها خاصة الاقتصادية دون أن يتوقف الفريق الوزاري على البحث عن حلول خاصة في مجالات الاقتصاد ورفع معدلات النمو وتخفيف البطالة وضبط الترهل الإداري وتحري العدالة بأقصى درجاتها.
عملياً؛ التعديل الرابع هو الثاني على الحكومة التي تشكلت في مثل هذا الوقت قبل عام؛ التعديلات السابقة فرضتها جملة الاحداث المرتبطة بالتعامل مع جائحة كورونا؛ المؤكد أن لدى الرئيس أسبابه التي ليس بالضرورة أن تعلن للعامة عن اختياره لبعض الشخصيات في فريقه فهو كما غيره من رؤساء الحكومات معني بنجاح حكومته ويعتقد أن هؤلاء الأشخاص قادرون على أن «يشيلوا» معه الحمل وبالتالي هو من يتحمل خياراته بالمعنى السياسي والدستوري.
واجهت حكومة الخصاونة منذ تشكيلها أزمات عديدة معظمها مرتبطة بأزمة كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية وخاصة الاغلاقات؛ وتحمل الرئيس شخصياً كلفة أخطاء بعض وزرائه بدلاً من ان يكونوا عاملاً مساعداً صار بعضهم جزءا من المشكلة وعبئاً على الحكومة وعندها لم يبق لدى الرئيس من خيار بديل لمغادرتهم حتى يستمر المركب الحكومي وإعطاء دفع زمني يضمن استمرارها وإنجاز الملفات المكلفة بها وبنفس الوقت كان هناك وزراء اثبتوا قدرة وكفاءة ولكن يبدو أن التوازنات فرضت مغادرتهم.
لن تكون هذه الحكومة وأي حكومة مقبلة بعيدة عن سهام النقد والغمز عند اجراء أي تعديل أو تبديل لكن المهم أن يكون هذا النقد مبنياً على أسس موضوعية وبعيداً عن الموقف الشخصي من الرئيس أو فريقه؛ التعديل الأخير ليس تحولاً يستدعي كل هذا الغضب؛ هذا نهج الامر الواقع في الأردن منذ 75 عاما.
(الغد)
جزء مما يحدث يمكن فهمة في سياقه التاريخي إذا ما عدنا لطبيعة تشكيل الحكومات في الأردن منذ الاستقلال؛ والتي كانت تعتمد في ظل غياب الحياة الحزبية القادرة على توليد قيادات سياسية على مبدأ الولاء أولاً، والعلاقات الشخصية للرئيس وتقديراته، ودوائر صنع القرار وعلى رأسها المؤسسة الأمنية مع تطعيم الفريق بمجموعة من التكنوقراط.
قرأت أربع مذكرات سياسية لرؤساء وزارات سابقين وتوقفت عند كيفية تشكيل الحكومات وتعديلها والحسابات التي كانت ترافقها وتشكلت لدي قناعة مطلقة بأنه في ظل واقعنا السياسي لن يتمكن أي رئيس وزراء من مغادرة ذات المربع فهو مضطر حكماً لمراعاة الجغرافيا والمكونات على تعددها وبطبيعة الحال ميله الشخصي وعلاقاته الإنسانية وغالباً يكون الهامش المتاح له محدودا.
المهم هنا ودون التقليل من الأصوات التي تحمل رأيا مخالفاً وناقداً للتعديل أو تلك التي تدافع عنه ضرورة الحديث مرة أخرى عن أهمية ربط بقاء الوزير أو رحيله بمعايير محددة وواضحة وقابلة للقياس بقدرة الوزير على الاستجابة لبرنامج الحكومة وتنفيذه لا أن يتم اختزال المشهد بأن التعديل يستجيب لقصة التمثيل التي تشغل بال المجتمع الأردني كثيراً.
هل سيحدث التعديل الأخير فرقاً كبيراً في الأداء الحكومي؟ هذا سؤال لا يحتاج لتفكير كبير للإجابة عليه؛ الازمات التي نعيشها أكبر من قدرة أي حكومة واي تعديل أو تشكيل للإتيان بحلول سحرية؛ لكن المهم هو محاولة إدارة الازمات والعمل على التخفيف من تداعياتها خاصة الاقتصادية دون أن يتوقف الفريق الوزاري على البحث عن حلول خاصة في مجالات الاقتصاد ورفع معدلات النمو وتخفيف البطالة وضبط الترهل الإداري وتحري العدالة بأقصى درجاتها.
عملياً؛ التعديل الرابع هو الثاني على الحكومة التي تشكلت في مثل هذا الوقت قبل عام؛ التعديلات السابقة فرضتها جملة الاحداث المرتبطة بالتعامل مع جائحة كورونا؛ المؤكد أن لدى الرئيس أسبابه التي ليس بالضرورة أن تعلن للعامة عن اختياره لبعض الشخصيات في فريقه فهو كما غيره من رؤساء الحكومات معني بنجاح حكومته ويعتقد أن هؤلاء الأشخاص قادرون على أن «يشيلوا» معه الحمل وبالتالي هو من يتحمل خياراته بالمعنى السياسي والدستوري.
واجهت حكومة الخصاونة منذ تشكيلها أزمات عديدة معظمها مرتبطة بأزمة كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية وخاصة الاغلاقات؛ وتحمل الرئيس شخصياً كلفة أخطاء بعض وزرائه بدلاً من ان يكونوا عاملاً مساعداً صار بعضهم جزءا من المشكلة وعبئاً على الحكومة وعندها لم يبق لدى الرئيس من خيار بديل لمغادرتهم حتى يستمر المركب الحكومي وإعطاء دفع زمني يضمن استمرارها وإنجاز الملفات المكلفة بها وبنفس الوقت كان هناك وزراء اثبتوا قدرة وكفاءة ولكن يبدو أن التوازنات فرضت مغادرتهم.
لن تكون هذه الحكومة وأي حكومة مقبلة بعيدة عن سهام النقد والغمز عند اجراء أي تعديل أو تبديل لكن المهم أن يكون هذا النقد مبنياً على أسس موضوعية وبعيداً عن الموقف الشخصي من الرئيس أو فريقه؛ التعديل الأخير ليس تحولاً يستدعي كل هذا الغضب؛ هذا نهج الامر الواقع في الأردن منذ 75 عاما.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2021-10-14 الساعة 07:42
رأي: د. زيد النوايسة أكاديمي وكاتب