اتصل بنا
 

مذكرات السياسي الأردني.. بطولات بأثر رجعي وأثر سلبي على المعارضة الوطنية

نيسان ـ نشر في 2021-10-14 الساعة 12:31

x
نيسان ـ
محمد قبيلات

عندما تطالع السِّيَر الذاتية للساسيين الأردنيين، يجب عليك أن تطلق العنان لخيالك، فلا يستوعب الخيال إلّا خيالًا أجمَحَ منه، ولا يمكن أن تعيش الحلم بكل تفاصيله، وبكل جوارحك، إلّا اذا أسدلت جفنيك عن الحقيقية المعاشة، وسرحت في ملكوت أحلام اليقظة، وتغاضيت عن كل ما يمكن أن يمت للحقيقة بصلة.
حسنا، من حق الناس أن يسطِّرون مذكراتهم، إلى هنا يبدو الأمر عاديا، لكن جل من يكتبون مذكراتهم هذه الأيام، أو لنقل أن جل الساسة في بلادنا لا يقتنعون بأن للكرسي بدايةً ونهايةً، كما أن لكل شيء نهايةً وبدايةً، بل إنهم مسكونون بديمومتها لهم من دون غيرهم.
ينسون، أو يتناسون، أنه ليس معنى أن تتسلم منصبا حكوميا أنه أصبح لك ولورثتك من بعدك، فزمن الإقطاع ولّى، وأصبحت المنافسة على المواقع القيادية تتم على أساس الكفاية المهنية، وليس بناء على حجم حسابات البنوك وحيازات الأطيان، وبناء عليه، لا يجوز أن تنتهي لعبة الخاسرين والرابحين في المناصب بموالين ومعارضين.
ويا ليت ساستنا وكبار الموظفين، عندما يغادرون مواقعهم، يلعبون لعبة المعارضة على أصولها، بل المشكلة أنهم كوّنوا تيارًا عريضا من الغاضبين، وبحكم مواقعهم وأوزانهم الاجتماعية، وربما بما يملكون من معلومات وبقايا سلطة ونفوذ، صار تأثيرهم كبيرا على الحياة السياسية.
من جانب آخر، هم لم يشكلوا أي دعم للمعارضة، بل إنهم تسببوا بحالة عارمة من فقدان الثقة الشعبية بالمعارضة أكثر من فقدانها بتيار الموالاة، وانخراط هذا التيار بالمناكفة السياسية تسبب بسيادة أفكار نمطية غير صحيحة عن هدف المعارض؛ كأن يقال إنه يعارض السياسات من أجل الحصول على منصب فقط.
أخطر ما ينتجه هذا التيار الغاضب، ضرب وحدة المجتمع الأردني، وذلك لاستخدامهم الأسلحة الرخيصة في معاركهم، فليس لدى أغلب أعضاء هذا التيار ما يتكئون عليه في حربهم، سوى التخندق الجهوي لكسب الشعبية السهلة، وبأقصر الطرق، وأقل التكاليف، بغض النظر عما ينتج عن هذا السلوك من خسائر على المستوى الوطني.
هذا إضافة إلى إرباك المستوى السياسي عموما، وخلط القضايا، والتشويش على أصوات المطالبة الحقيقية، وتعطيل الفرز السياسي الطبيعي.
ورأينا قبل أيام نتاجا لهذه الحالة، في حالة من حالات الدمج الاعتباطي للأحزاب السياسية، انخراط مجموعة من أعضاء هذا التيار في خلطة حزبية نادرة، طبعا هم ينضمون الآن لهذه الأحزاب لأنهم باتوا يعتقدون أن المستقبل للأحزاب، وأنها قد تشكل طريقا لعودتهم إلى مواقع قيادية، من دون أية قناعة أو إخلاص لهذه الأحزاب، إنهم ركاب "أوتو ستوب " غير معنيين بالرحلة وسينزلون في أول محطة.
وليس في ذلك بحد ذاته مشكلة، لكن المشكلة بالتشويش على أداء هذه الأحزاب الناشئة، حيث سيُحمِّلوها غاياتهم الفردية البعيدة كل البعد عن برامج الحزب، مع العلم أن الأحزاب أصلا مشمولة بحالة من عدم الثقة الشعبية ولا ينقصها هذا الحِمل الجديد.
لا بد أن نقول لأصحاب الدولة والمعالي والباشوية، أنه لم يكن من داع لِتَحَمُّلِكم تلك الأعباء، وأوزار تأليف الروايات والقصص، فالذاكرة الشعبية زاخرة بالسواليف والحكايا، وواقعنا المعاش اليوم ما هو إلّا نتاج سياساتكم وخططكم التي نفذتموها أو رسمت بأيديكم، فيا ليتكم أرحتم واسترحتم وكفيتمونا شر وعناء فك أحاجيكم وجملكم الملتوية.

نيسان ـ نشر في 2021-10-14 الساعة 12:31

الكلمات الأكثر بحثاً