اتصل بنا
 

اعترافات لصة صغيرة جدا جدا..

نيسان ـ نشر في 2021-11-23 الساعة 13:45

نيسان ـ دائما ما أتابع اللقاءات مع ممن ساقهم قدر الشهرة كي نستمع لتفاصيل حياتهم ومواعظهم وذكرياتهم بعض الأوقات على فضاءات التلفزة.
لطالما غبتطهم على طفولتهم البريئة، الخالية مما مر بي وببعض أقراني، فلم أسمع من أحدهم أنه كان يغش في المدرسة، ولم يسرق من صناديق العائلة وجزادين الأمهات ولم يكذب حتى من باب أخراج نفسه من ورطة وتجنب تمعيط كشته ورقعه بالشبشب، ولم يتباطح مع طفل ويخرمش وجهه عند الدكان..
حقيقة أحسدهم جدا، والسبب أنني لم أعش مثل ظروفهم وتقاهم، لقد كنت لصة صغيرة محترفة ومخربانية وشرانية في نطاق الأسرة والحارة والمدرسة بعض الشئ، ويسرني الأعتراف ببعض الجرائم التي سقطت عني بالتقادم من جهة والعفو الخاص من جهة أخرى الذي كان يصدر بعد كل جريرة أفعلها.
لقد سرقت نصية الجبنة التي كانت مخبأة لفصل الشتاء، كنت اسحب درج المطوى وتناول منها كذا فرضة وأهرب لأكلها مع رفيقاتي في حاكورة رافع حتى لم يجدوا بها إلا الماء المالح عند فتحها وقت الحاجة، وياما فككت مسامير الصندوق المقفل بطريقة جهنمية وسرقت علب السردين وتشاركتها مع قطتي في التباين، كنت أفضل الأكل بدون خبز، أما الكارثة الكبرى فكانت ذهول أهلي من قدرة عقلي على كشف الرقم السري لحقيبة عمي والتي وجدت فيها شوكولاتة ثمينة و تنباك ومالبورو ، أما الدجاجات فكلهن كن يبضن في الخم، ولم "تخرب" الدجاجة الحمراء في خرابة عوض، كما كانوا يتوهمون، لقد سرقت البيض يوميا و قايضته بهريسة وعوامة وقضامة من الدكان.
أما الكارثة الكبرى فكانت عندما حل فصل الشتاء و بدأت كرزة البرد، وقرروا تحضير صوبة البواري وسحبها من فوق الكواره للاستعمال، حيث تفاجأوا بها مفككة عارية، بدون غطاء أوالقاعدة وكل ما يتلق بالألمنيوم من أجزاء... نعم.. أنا فككتها وبعتها لتاجر الخردة واشتريت بثمنها بوظة، كنت مولعة بسحبات البلالين،وتجميع صور مارادونا، وكذلك حذائي البلاستيك لم ينقله الكلب كما ادعيت، وأنما لحق بالصوبة.. لقد كنت مضطرة جدا أريد المنافسة للفوز بالبالون الكبير رقم عشرة الذي راح غصة بنفسي في ذاك الزمن.
ولا أنكر أنني أدرت أكثر من عراك عند مدرسة الذكور والأناث على لعبة" القلول" و فشخت وانفشخت، و لا أنكر غشي في امتحان التاريخ لكن للأسف لم يرد السؤال الذي توقعته يومها.
هذه جردة طفولة مختلفة وحقيقية انعكست رأسا على عقب عندما كبرت ووعيت، وكأنني "عالكبير" تخلصت من كل شرور النفس البشرية وتأدبت جدا وقعدت أستمع لعظات بعض اللصوص الكبار... يا إلهي ما هذه الصدفة... الآن وأنا أكتب الاعتراف الأخير... صوت سيارة نجدة في الحارة.. لا يوجد لي ملاذ آمن" لأتودر" عنهم....!!

نيسان ـ نشر في 2021-11-23 الساعة 13:45


رأي: ميسر السردية

الكلمات الأكثر بحثاً