اتصل بنا
 

المشهد السياسي بين التناغم والتباين

نائب أردني

نيسان ـ نشر في 2021-11-27 الساعة 08:45

نيسان ـ ليس من السهل ادخال مجتمعات المنطقة بعلاقات طبيعية وروابط التنمية وتجارية من دون انهاء الملف المركزي السياسي للمنطقة الذى يشكله الملف الفلسطيني الاسرائيلي فان الدخول من الباب الاقتصادي لا يعنى انتهاء الملف السياسي وان ابرام الاتفاقيات التجارية واعلاء سقف العوائد لا يعنى تحقيقها لان الموضوع وهو عقائدي وليس سياسي فان تفهمت القيادات العربية طبيعة المشهد السائد فان هذا لا يعني ابدا اقرارها الضمني بالسيادة الاسرائيلية على الاراضي والمحتلة وكان هذا الاستنتاج عند بيت القرار الاسرائيلي فهو استنتاج ناقص وغير صحيح .
فلن تقبل مجتمعات المنطقة اعتبار اسرائيل دولة وتتعامل معها بصفة عضو عامل من دون انهاء ملف الاحتلال وبيان الحكومة الاسرائيلية عن حدودها التي مازلت غير معرفة لا بالامم المتحدة ولا معلنة حتى في الكنيست الاسرائيلي لان المجتمعات العربية لن تقبل فكرة الدخول بعلاقات طبيعية مع الشعب الاسرائيلي من دون خطوات ملموسة وجادة تبتعد فيها اسرائيل عن المواربة المشوبة بالريبة بتعاطيها مع مجريات المشهد العام وهي السياسات التي دأبت اسرائيل على اتخاذها منذ اطلاق عملية السلام فلا حققت انجازا يشرعن وجودها من الباب السياسي ولا انجزت مناخا يعزز من عامل الثقة الذي قد يجعل من سياساتها سياسات صديقة للمجتمعات العربية وبقيت اسرائيل ترواح مكانتها بين منزلة العدو الشعبي الى منزلة العدو الصديق الرسمي وهذا لم يمكنها من تشكيل حالة يمكن البناء عليها وكل الذي قامت طيلة سنوات التفاوض كان يتمثل برسم دوائر افتراضية فلا علت لها بنيان ولا استدلت على طريق السلام.
ومع الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة بالانسحاب التيكتيكي وانتقال القوة الاستراتيجية من الدافع النووي الى المانع البيولوجي واشتداد مشهد الترسيم بالايقاع الجيوسياسي وما يواكبه من مد النفوذ فان اسرائيل اصبحت بحاجة للعمق العربي من باب التحصين الاستراتيجي كونها مرفوضة شكلا عند المركز الايراني والمركز التركي لكنها تمتلك بالعمق العربي باب مازال مواربا للدخول وهذا ما يجعلها حريصة الى الاحتماء في الحاضنة العربية وهو ما جعلها تخرج من عقلية القلعة التي كانت تؤمن بها وتعيد انتاج وجوده في المشهد العام من على استراتيجية تلتزم فيها بقواعد المشاركة لكنها تريد صياغتها على مقاييسها ومن على ايقاعها وهذا ما جعل العلاقات العربية الاسرائيلية تعيش اجواء بين التناغم والتباين حيث باتت القائمة على مناخات بين التناغم والتباين.
وهو ما كان له انعكاسات عميقة اثرت على طبيعة المشهد العام وجعلته يقف على مفترق حاد بين الخطاب الرسمي الذى جاء بخطاب عقلاني متفهم لمعادلة الضوابط والموازين لكنه مشوب بتوجس والبيان الشعبي الذي اخذت تعبيراته في مجملها تكون صامتة الرافضة التي تعلم بان اسرائيل ستبقى تنتظر الاجواء المواتية لتفرض ايقاعها واطراف المعادلة المشاركة كما المتداخلة يعملون ضمن ايقاع من التباين والتناغم وهذا ما يجعل المشهد العام بظاهره هادئ في طياته فيه ما يمكن قوله بالتوقيت الملائم.
والاردن الذي يعمل بدبلوماسية وازنة فيها من المرونة ما يجعلها تمتد وتستطيل الى درجة كبيرة لكنه يبقى يشكل عنوان الشجرة العربية ذات الجذور الضاربة بالتاريخ والثابتة على القيم والمبادئ التي شكلت للاردن ومجتمعه عقيدة راسخة ومتوافق عليها ومتفق حولها فالثابت يبقى ثابتا والمتغير يبرزه ميل الاغصان بسبب الرياح العاتية واما الجذور فستبقى ثابتة وتسقى من عين المجد وتعلو بقيادة راسخة.
(الدستور)

نيسان ـ نشر في 2021-11-27 الساعة 08:45


رأي: حازم قشوع نائب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً