اتصل بنا
 

ثقة .. قصة لـ عبد الخالق جمعان الغامدي

نيسان ـ نشر في 2015-09-28 الساعة 23:04

x
نيسان ـ

لم يكن أمامها خيارات أخرى فوالدها يعاني من ارتفاع كبير في السكر يحتاج إلى دواء من الصيدلية داخل المدينة التي تبعد عنهم مسافة ساعتين سيرا على الأقدام ودقائق بالسيارة، سيحل الظلام ويصعب السير في الطرقات الملتوية وبين الأحراش، ولا يستبعد وجود المتربصين هناك، اتخذت القرار الصعب، ركبت سيارة والدها وانطلقت نحو المدينة، اشترت الدواء من أقرب صيدلية لها، كثرت العيون حولها، كثرت التساؤلات، ترددت عدة مرات عبارة أنثى تسوق السيارة، تعالت الأصوات بها، تجمع بعض المارة، كثر اللغط، اتركوها يا ناس وشأنها، لا والله ما نتركها، المجرمة تخالف الشرع ونسكت، بلغوا الهيئة لا يسكت عن الحق إلا شيطان أخرس، لا يمكن أن نقبل هذا في مجتمعنا، يا ناس كونوا يدا واحدة ضد الرذيلة، كيف تقبلونها، زاد الضجيج وتداخلت العبارات والله وانعم بها، لا والله إنها ما تستحي ولا عندها دم، والله.... والله.... أأأأأأأأأأأأ، تمازجت الأصوات، لم يعد بإمكانها أن تفرق بينها، كادت أن تنهار، تمالكت نفسها، وأصرت على إتمام مهمتها. بسرعة يترجل من سيارة جيمس ثلاثة أشخاص يرتدي أحدهم زيا عسكريا متسائلا، فينهي هذي السافرة مالها رادع؟!، ومن بين الحشود تشق طريقها بصعوبة فقد تدهسهم كلهم، فلم يعد يهمها شيء إلا أن تنفذ منهم قبل أن يتمكن منها رجال الحسبة، فهم لا يعلمون ما يحل بأهلي لو وقعت في أيديهم، لا يوجد في قانونهم ما يبرر ذنبي المصطنع، فأنا مجرمة مخالفة للشرع والدين في نظرهم ونظر كثير من أفراد المجتمع، يا للهول مجتمع يحارب المرأة حتى في شئونها الخاصة، وفي تأدية أهم واجباتها باسم محاربة الرذيلة، هل هذا هو الفساد عينه؟، أم أنه يكمن في تصرفي أنا؟، هل خالفت الشرع كما سمعت منهم؟، هل وهل وهل، دارت في ذهنها تساؤلات بلا حدود. بنظرة في المرآة لاحظت أن هناك سيارة تتعقبها، نعم إنها سيارتهم، زادت في سرعتها، لكنهم هم أيضا جادين في الملاحقة فقد اقتربوا منها كثيرا، واصلت السير بكل ثقة تجاوزت كل المنحنيات بسلاسة فهي الخبيرة في الطريق أيضا، أعطت والدها جرعة الدواء بأعصاب قوية جدا، ثم استلقت على المقعد المجاور له وأطلقت العنان لخيالها الواسع.

نيسان ـ نشر في 2015-09-28 الساعة 23:04

الكلمات الأكثر بحثاً