اتصل بنا
 

ذيبان على كف عفريت

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2021-12-19 الساعة 16:39

ذيبان على كف عفريت
نيسان ـ إبراهيم قبيلات..منذ سنوات طويلة ونحن نصرخ ان هناك مشاكل اقتصادية ستتحول لاحقا الى أزمات اجتماعية ثم سياسية وان على المعنيين تدبّر المعنى.
لم يستجب أحد، ولن يستجيب اليوم أيضا. فقد اتسع الفتق على الراتق كثيرا، ولم تعد سياسة الرقع تجدي.
نعم. لن يستطيع أحد حلّ أزمة البطالة ولا الفقر في الأردن، فإن خرقها لم يعد بالإمكان معالجته الا بإقناع المواطن الذي يرتدي هذا الثوب المهترئ من الفقر والبطالة ان ما يرتديه "على الموضة" وان عليه أن يتمتع بالثقوب المنشورة في ثوبه.
هذا ليس تشاؤما، بل توصيف لخبير في ما يصنعه المسؤولون في بلدي.
ما اراه ان جهة ما.. شخص ما.. شيطان ما يريد ان يصعق الأردن بالفوضى، حتى اذا ما اوشك الناس على الهلاك، طلبوا أي حل، فيأتي صانع الفوضى بالحل الذي يريده منذ البداية.
في الأردن من السهل جداً أن تصحو على مشكلة بسيطة، لكنها سرعان ما تتدحرج لتغدو قنبلة موقوتة في وجه الحكومة والشارع على السواء.
مشكلة البطالة ليست خاصة بذيبان وقراها دون سواها، بل هي سمك أردنية بامتياز، كما أنها ليست بالأزمة الوليدة، بل هي نتاج فشل كبير توارثته الحكومات ومؤسساتها التنفيذية لأجيال عديدة، حتى صارت عنواناً بارزاً في مسيرة نهضتنا الوطنية.
أما من يظن ان الخاصرة الضعيفة لصنّاع القرار هم المتعطلون عن العمل من شباب ذيبان فقد اخطأ الرؤية. وعليه ان ينظر على امتداد الطبقات الجغرافية على امتداد المجتمع الأردني ليدرك ان هناك من يريد صناعة الفشل في الأردن.
المسألة لم تعد فشلا إداريا. فإلى متى سيقول المسؤولون ان هناك إخفاقات إدارية، ثم لا يفعلون شيئا.
إن كانت مشكلتنا في الإدارة، فتفضلوا حلّوها.
ظلت الأزمة تنجب أطفالاً مشوهين، ثم يصبحون مسؤولين بياقات نظيفة ورواتب عالية، فيما تواصل الحكومات ترحيل أزمات الفقر والبطالة، وتتكدس أرقامهم، من دون أن تتقدم الحكومة بحلول حقيقية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وكأن شبابنا وشاباتنا من كوكب أخر ولا يعنينا مستقبلهم.
تدرك الحكومة وتدرك عمان الرسمية أن غياب الاستقرار المالي لدى شريحة الشباب يعني أن التطرف خيار لبعضهم، فيما ينزلق آخرون بوادي المخدرات.
هل هذا ما تريده الحكومة؟ ربما أن الحكومة تنتظر مصباحاً سحريا يقوم بواجباتها تجاه قضايا وطنية عالقة، وتنبئ بانفجار قريب.
في لواء ذيبان نسب البطالة مرتفعة إلى حدود الجنون، والحال هذا ينسحب على كمية الفقر الهاجعة في بيوت الذيبانيين ورؤوسهم، وعلى طموحات شبابهم ومستقبلهم.
الفقر يربك الشباب ويدفعهم إلى القفز في عربة المجهول والخطر وليس فقط في أحضان برج اتصالات شاهق، طالما أن الجميع يغلق أذانه عن مصيبتهم، فتتساوى لديهم الخيارات، ولا يعود لديهم ما يخسرونه.
هم في ذلك ضحية رؤى رسمية عوراء وقاصرة عن إدراك خطورة ارتهان جيل بأكمله بيد مسؤول مرتجف، كل همه المحافظة على امتيازاته من جيوب هؤلاء الفقراء.
في ذيبان لا وجود لمشاريع استثمارية، في ذيبان وجع ونزيف وفقر وبطالة وشهادات علمية مركونة على الرفوف، في ذيبان قلق تكدّس فوق بعضه حتى صارت المنطقة على كف عفريت.
أن يواصل المتعطلون عن العمل في لواء ذيبان اعتصامهم المفتوح لليوم 33 على التوالي في خيمة المتعطلين بمنطقة مثلث مليح من دون أن تتواضع عجلة عمان الفارهة، وتتحرك صوب أية حلول مستقبلية يعني أننا نلقي بأبنائنا إلى التهلكة، ويعني أننا نقذف بهم ثمناً لخطط رسمية رعناء لم تقدم لنا سوى الفشل ومزيد من الكلف المالية الباهظة.
هل تفكّر الرسمي بخطورة أن يعتلي مجموعة من الشباب برج اتصالات والتلويح بالانتحار الجماعي؟ .
القصة تجاوزت مرحلة حرق الكاوتشوك على الدواوير العامة، والخروج بفعاليات مطلبية، والإدراجات الإلكترونية الغاضبة، القصة بوضوح أنهم يدفعوننا دفعاً إلى الغرق جماعياً بوحل فسادهم، والقصة أن أمننا الجمعي على فوهة بركان.
لا وربي ليست المسألة إدارية او فشل غير مقصود، انهم يريدون الخراب للوطن، يريدون صعقه من أجل تخويفنا، حتى إذا خفنا فعلوا بالوطن وبنا ما شاؤوا.

نيسان ـ نشر في 2021-12-19 الساعة 16:39


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً