اتصل بنا
 

الصفقة الكبرى أو جهنم الكبرى

كاتب لبناني

نيسان ـ نشر في 2015-09-30 الساعة 08:26

نيسان ـ

وراء الضوء حديث عن تقرير للاستخبارات الألمانية يدق جرس الانذار. اذا بقيت الامور في ايقاعها الحالي، ودون التوصل إلى تسويات كبرى، فسيكون الشرق الأوسط في قبضة أبي بكر البغدادي...
وتبعاً لما يتردد، فإن دول المنطقة كافة تعاني من هشاشة منقطعة النظير . كلها قابلة للانفجار أو للانهيار، ليشير التقرير إلى أن تصاعد الصراع السعودي - الايراني الذي يبدو، في الوقت الراهن، من دون أفق، يعمل لتنظيم الدولة الاسلامية.
المثير في التقرير الذي ارسلت مقتطفات منه الى بعض الأجهزة العربية، ووضع أمام المستشارة انغيلا ميركل، وربما أمام قادة غريبين آخرين، تأكيده أن القاعدة الشعبية للتنظيم اتسعت على مدى العام المنصرم ما بين 10 و 15 في المئة، ودون أن يكون هناك أي اثر سيكولوجي او استراتيجي لغارات التحالف الدولي في استيعاب أو في الحد من الديناميكية الايديولوجية والعملانية للتنظيم.
التقرير يتقاطع مع تقارير لأجهزة استخباراتية أخرى، بما فيها الاستخبارات الروسية والصينية، تقول ان «داعش» اعتمد، على نطاق واسع، استراتيجية الانفاق. حدث هذا في الموصل وفي الرقة، وبطبيعة الحال في مناطق أخرى من سوريا والعراق، بحيث ان استعادة أي من المدينتين يحتاج إلى قوة برية هائلة لا يمكن ان تتوفر في حال من الاحوال..
حتى الآن، لا يزال رجب طيب اردوغان يراقص الخليفة الذي عرض على احدى الجهات الاقليمية بيعها وثائق تتعلق بالسيناريوات التي وضعها معاونون للرئيس التركي مع معاونين للبغدادي بمائة مليون دولار. الجهة الاقليمية اذ وجدت ان المبلغ مبالغ فيه جداً، ليست بحاجة إلى تلك الوثائق، على اهميتها وحساسيتها، لأن لدى أجهزة استخباراتها الكثير من المعلومات المثيرة حول الدرر التركي في وصول «داعش» الى وصل اليه..
التقارير الاستخباراتية تكاد تجمع على ضرورة وقف الصراع بين السعوديين والايرانيين، الصراع الذي ظهر من خلال المسرح السوري، انه يدور في حلقة مفرغة، إن لم تكن الحلقة الجهنمية، فالسعوديون يشعرون ان بقاء البلاط، وكذلك التأثير الجيو سياسي، يحتاج الى الذهاب بالاثارة المذهبية الى حدودها القصوى، والايرانيون الذين حطوا الرحال على شواطئ المتوسط منذ القرن الثالث قبل الميلاد (الاخمينيون) وجدوا في العربة المذهبية «الوسيلة الالهية» لاختراق الشرق الاوسط والوصول الى تلك الشواطئ..
والتقارير التي تقول ان الحرب في اليمن انهكت المملكة وستنهكها أكثر أذا ما أخذت بالاعتبار التضاريس الطبيعية والقبلية والمذهبية والمناطقية هناك، تقول ايضاً ان الجمهورية الاسلامية التي كانت تراهن على سوريا على انها المحطة المركزية لتحقيق رؤيتها (الرؤية أم الرؤيا؟) الاستراتيجية، لا تجد أمامها سوى نظام مبعثر وسوى أرض محطمة، وسوى احزمة من المقاتلين الذين يعتبرون ان ايران هي « العدو الأكبر» الذي يفترض القتال ضده كطريق مثالية الى ... الجنة!
استطراداً، وبحسب التقارير التي يتم تداولها ديبلوماسياً وسياسياً، يفترض بالسعوديين والايرانيين ان يكونوا قد اقتربوا من خط النهاية. السعوديون الغارقون في اليمن، والى حد الاستنجاد بقوات مصرية وسودانية، والايرانيون الذين كادوا يفقدون المبادرة في سوريا، فجاء طوق النجاة من موسكو..
واذا كانت التسوية في اليمن، وحيث تنظيم القاعدة يتقدم وراء دبابات التحالف لينقض عليها في لحظة ما، ممكنة، واذا كانت التسوية في سوريا، وحيث يتواجد أكثر من 1200 فصيل أو تنظيم مسلح تبعاً لما أكده نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون ديفيد شيلد، شبه مستحيلة، فإن تفاهماً بين الرياض وطهران يمكن ان يشق الطريق أمام مفاوضات باتت كلها ضرورية، لاقفال هاتين الحربين اللتين ذهبتا في دوامة الدم الى حدودها القصوى..
السؤال ماذا تبقى لايران في اليمن وماذا تبقى للسعودية في سوريا؟ ولعل السؤال الأكثر حساسية هو من بين البلدين معني أكثر بتواصل الصراع؟
هذا متروك للاستنتاجات . الذين يقفون الى جانب طهران يعودون الى آراء أميركية تعتبر ان النظام في المملكة لم يعد صالحاً للتفاعل مع قيم القرن، لذا يحاول، وعبر الاموال الطائلة، تسويق المذهبية وتأجيج النيران أكثر فأكثر لكي يبقى بمنأى عن اي انفجار داخلي.
أما الذين يقفون الى جانب الرياض فيلاحظون انه اذا ما زالت الحرائق المذهبية فلن يعود للايرانيين موطئ قدم في اي بلد في المنطقة، فيما النظام، وعقب اتفاق فيينا، بات أكثر توجساً من التحلل الذاتي والانتقال الى سياسات الانفتاح والتفاعل..
كان يفغيني بريماكوف يقول ان الاميركيين سعداء لأن رقصة الفالس تجري هكذا بالسواطير. هل ندرك في هذه الحال، لماذا بادر الروس الى رسم الخطوط الحمراء في سوريا؟
الصفقة الكبرى أو ... جهنم الكبرى!!

نيسان ـ نشر في 2015-09-30 الساعة 08:26

الكلمات الأكثر بحثاً