اتصل بنا
 

مسؤولون لبنانيون الى روسيا

كاتب لبناني

نيسان ـ نشر في 2015-09-30 الساعة 08:32

نيسان ـ

لن يقتصر الدور الذي تسعى الحكومة الروسية إلى تعزيزه في المنطقة، في المرحلة الراهنة، على الحضور العسكري القوي في الميدان السوري، بل يمتد ليشمل الساحة اللبنانية، من خلال تفعيل العلاقات الثنائية مع بعض القوى والشخصيات السياسية، لا سيما تلك التي تدور في فلك قوى الثامن من آذار، مع الإبقاء على سياسة الإنفتاح باتجاه تلك المنضوية في صفوف قوى الرابع عشر من آذار.
منذ سقوط الإتحاد السوفياتي السابق، تراجع الحضور الروسي في بلاد الأرز، نتيجة إنشغال موسكو بأوضاعها الداخلية إلى حد كبير، لكن بعد العودة القوية إلى الساحة الدولية، باتت العودة إلى لعب دور فاعل أمراً ضرورياً، خصوصاً أنها ستكون اللاعب الأبرز في الدولة الجارة، التي كانت قبل سنوات قليلة المقرر الرئيسي في لبنان.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، إلى أن موسكو لا تزال تعتبر أن دورها في لبنان ليس بالحجم الذي يسمح لها بأن تكون مقرراً أساسياً، حيث إنقسام القوى المؤثرة بين الدول الإقليمية والدولية واضح جداً، إلا أنها تشدد على أن هذا لا يمنعها من السعي إلى تعزيزه بالشكل المطلوب في المرحلة الراهنة، خصوصاً أن الأوضاع على الساحة المحلية تنتظرها العديد من التقلبات الكبرى، نتيجة التحولات الدراماتكية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً بعد أن أصبحت الجماعات الإرهابية لاعباً أساسياً على هذا الصعيد.
وتلفت هذه المصادر إلى أن نقطة الإنطلاق المركزية في بناء النفوذ ستكون الساحة السورية، حيث تملك الحكومة الروسية حضوراً وازناً، حافظت عليه رغم سقوط الإتحاد السوفياتي، من خلال العلاقة القوية مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وبعد ذلك مع الرئيس الحالي بشار الأسد، لكنها توضح أنها لن تكتفي به نتيجة الرغبة في التوسع نحو الدول التي تطل على حوض البحر المتوسط، خصوصاً بعد الإكتشافات النفطية التي حصلت في السنوات الأخيرة، وتشير إلى أن الأزمة السورية كانت بوابة العودة إلى الساحة الدولية، من خلال المواقف التي أعلنت عنها منذ البداية، لناحية الوقوف إلى جانب الحكومة في الحرب التي تخوضها، ضد مجموعة من الدول الإقليمية والدولية التي دعمت قوى المعارضة السياسية والمسلحة.
وفي حين ترى أن موسكو ستسعى إلى قيادة الحملة على الجماعات والمنظمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، توضح المصادر نفسها أن هذا الأمر يتطلب منها الإنفتاح في العلاقات مع العديد من الدول العربية، لا سيما الخليجية منها، وتعتبر أن ذهاب الولايات المتحدة الأميركية إلى توقيع الإتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ساهم إلى حد بعيد في فتح قنوات إتصال بين الجانبين، خصوصاً بين روسيا والسعودية، وتضيف: «الرياض وجدت أنها من خلال هذه الخطوة يمكنها توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى واشنطن، مع إدراكها أنها لا تستطيع أن تذهب بعيداً في هذا المجال».
وفي الوقت الذي تشير فيه إلى أن روسيا باتت تمتلك علاقات جيدة مع كل من مصر والسعودية، حيث كانت متوترة في الفترة السابقة، توضح المصادر نفسها أنها في الأصل لديها قنوات إتصال جيدة مع كل من إيران والعراق وسوريا، وتؤكد بأن لبنان في المرحلة المقبلة سيكون من الساحات التي تبحث عن تعزيز حضورها فيها، لا سيما أن الأرضية جاهزة لمثل هذا الأمر، في ظل إنقسام سياسي لأي جهة راغبة في تعزيز نفوذها إلى الدخول بقوة من أجل حجز ممثلين لها.
من هذا المنطلق، تكشف هذه المصادر عن لقاءات يجري الإعداد لها في موسكو لأكثر من شخصية سياسية وحزبية لبنانية في الأيام المقبلة، يقع معظمها في قوى الثامن من آذار، خصوصاً تلك التي تصنف على أساس أنها وطنية أو علمانية، وتشدد على أن هذا لا يعني أن قوى الرابع عشر من آذار ستكون بعيدة عن هذا الإنفتاح، ولكن البداية ستكون من الأقربين إلى السياسة الروسية في المنطقة، وتلفت إلى أن هذه اللقاءات بدأت منذ أشهر قليلة، إلا أنها ستعزز في المرحلة المقبلة من أجل تأمين بيئة حاضنة لمواقف روسيا، خصوصاً أنها تنوي الذهاب بعيداً في خياراتها الكبرى على مستوى الشرق الأوسط، وتضيف: «الممثل الخاص للرئيس الروسي لدى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، سيكون جدول أعماله مزدحماً جداً في المستقبل القريب».
على هذا الصعيد، تشدد مصادر نيابية من قوى الثامن من آذار، عبر «الديار»، على أن هناك توجهاً روسياً جديداً في لبنان، يقوم على تعزيز الحضور المباشر من خلال التواصل شبه الدائم مع بعض القوى والشخصيات الفاعلة، سواء عبر زيارات يجري الإعداد لها من خلال لقاءات تجري في بيروت، مع السفير ألكسندر زاسبكين أو مع مسؤولين آخرين، وتعتبر أن هذا التوجه يأتي ليستكمل الحضور الفاعل في البلدان المجاورة، حيث تريد روسيا أن تؤكد أنها عادت القوة العظمى التي تراجعت مع نهاية عصر الإتحاد السوفياتي السابق.
وتوضح هذه المصادر النيابية أن موسكو لم تعط ملامح واضحة لسياسة خاصة بالساحة اللبنانية حتى الآن، حيث تكتفي بالتركيز على بعض النقاط المرحلية، أي دعم الحكومة الحالية برئاسة تمام سلام والدعوة إلى تعزيز الأجهزة الأمنية في إطار الحرب على الإرهاب والحفاظ على الإستقرار الداخلي، بالإضافة إلى الرغبة في إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن من أجل ضمان عدم تفجير الأوضاع الداخلية، إلا أنها على المستوى البعيد تدعم التوجهات إلى إقرار قانون إنتخابي جديد يقوم على إعتماد النظام النسبي، على إعتبار أنه سيكون كفيلاً في بروز قوى جديدة من خارج الإصطفاف الحالي، وتضيف: «موسكو لا تسعى إلى الصدام لبنانياً مع أحد، وهي حكماً، في حال عدم قدرتها على بلورة إطار عمل جديد، ستكتفي بالدور الذي تقوم به القوى التي تدور في فلك حلفائها الإقليميين».

نيسان ـ نشر في 2015-09-30 الساعة 08:32

الكلمات الأكثر بحثاً