سيرة حياة طويلة لأسرة صغيرة بكلمات قليلة، ورحمك الله يا عمّي موسى
نيسان ـ نشر في 2022-01-18 الساعة 20:17
نيسان ـ قَبْرُ الأب عليّ في يافا، والأمّ عفيفة في الكويت، والولد البكر إبراهيم في صويلح، والبنت وصال في سحاب، والابن الثاني محمود في سحاب، أيضاً، وها هو الإبن الثالث موسى في تُراب جبل وادي السير، وقد دفنّاه هناك أمس، وتلك قبور تُلخّص حياة أسرة يافيّة، تنقّلت، وتنقلت، ولكنّها حافظت على تماسكها.
ذلك جدّي، وتلك جدّتي، وهذه عمّتي، وهذا أبي، وذلك عمّي، وآخر حجارة السبحة الطيبة عمّي موسى الذي تنسدل معه ستارة مباركة، كان قد رحل راعيها في وقت مبكّر فصار على الأمّ المثقفة أن تحلّ مكانه في الرعاية، وعلى الأبناء أن يجاهدوا في صراع البقاء.
مع سنة الهجرة، كان أكبر الأبناء في الثانية والعشرين من عمره، يعمل صحافياً، فكان قراره الرحيل من يافا إلى مصر، عاصمة الصحافة العربية، ولأنّه بدأ علاقات مع صحافيين مصريين، وهكذا فكان على الأسرة الصغيرة أن تُغادر إلى هناك، ولكنّ الأمر لم يدم سوى أقلّ من سنة.
فلأنّ الإبنة الوحيدة رحلت مع زوجها حلمي إلى بغداد، الذي سمح له كونه خريج الجامعة الأميركية البيروتية، وعضواً منتخباً في بلدية يافا، أن يعمل في العاصمة العراقية بوظيفة مهمّة، وهكذا فسرعان ما سمح له وضعه أن يُهيئ لمحمود وموسى عملين هناك، وهذا ما حصل، ولكنّ إبراهيم كان حصل على عرض عمل صحافي في الكويت، وفي طريقه إليها توقّف في عمّان، حيث استقر أغلب أفراد العائلة الكبيرة لزيارتهم، فكان له أن يعمل فيها فوراً، وتلك قصّة أخرى.
أنا أتحدّث، الآن، عن موسى الذي استقرّ وحده في بغداد، بعد أن غادرها الباقون كلّ إلى مكان، فأبدع في التجارة حتى صار له محلاّن أحدهما في شارع الرشيد، وتزوّج من نابلسية من عائلة خمّاش المعروفة، وكبرت عائلته ليصبح فيها ثلاث بنات وابنين، ومع مضي العمر ومع حبّه للعراق ونجاحه فيها، كان لا بدّ من لمّ شمله مع عائلته الكبيرة في عمّان، وهذا ما صار.
كان طبيعياً، باعتباره تاجراً شاطراً، أن ينضمّ إلى مهنة العائلة الكبيرة حيث الذهب والمجوهرات، وقد كرّس أغلب أفرادها علامة تجارية مميّزة احتلت سوق الصاغة وسط عمّان، وصارت تتمدّد في خارجها، وكان طبيعاً، أيضاً، أن ينجح، فيفتتح غير محل، في غير مكان!
رحل كلّ أفراد أسرته الصغيرة، وتوزّعت قبورهم في غير مدينة ومنطقة، وبقي هو حارساً نعتبره نحن الأبناء ويعتبره أبناؤنا معنا كبيرنا، وها هو يرحل أمس، ليدفن على قمّة جبل وادي السير، مطلاً على الغرب لعلّه يشتمّ روائح يافا حيث مكان ولادته، وصباه، وهي سيرة طويلة ألخّصها بكلمات قليلة، فرحم الله الجميع، ورحمك الله يا عمّي موسى، وللحديث بقية!
ذلك جدّي، وتلك جدّتي، وهذه عمّتي، وهذا أبي، وذلك عمّي، وآخر حجارة السبحة الطيبة عمّي موسى الذي تنسدل معه ستارة مباركة، كان قد رحل راعيها في وقت مبكّر فصار على الأمّ المثقفة أن تحلّ مكانه في الرعاية، وعلى الأبناء أن يجاهدوا في صراع البقاء.
مع سنة الهجرة، كان أكبر الأبناء في الثانية والعشرين من عمره، يعمل صحافياً، فكان قراره الرحيل من يافا إلى مصر، عاصمة الصحافة العربية، ولأنّه بدأ علاقات مع صحافيين مصريين، وهكذا فكان على الأسرة الصغيرة أن تُغادر إلى هناك، ولكنّ الأمر لم يدم سوى أقلّ من سنة.
فلأنّ الإبنة الوحيدة رحلت مع زوجها حلمي إلى بغداد، الذي سمح له كونه خريج الجامعة الأميركية البيروتية، وعضواً منتخباً في بلدية يافا، أن يعمل في العاصمة العراقية بوظيفة مهمّة، وهكذا فسرعان ما سمح له وضعه أن يُهيئ لمحمود وموسى عملين هناك، وهذا ما حصل، ولكنّ إبراهيم كان حصل على عرض عمل صحافي في الكويت، وفي طريقه إليها توقّف في عمّان، حيث استقر أغلب أفراد العائلة الكبيرة لزيارتهم، فكان له أن يعمل فيها فوراً، وتلك قصّة أخرى.
أنا أتحدّث، الآن، عن موسى الذي استقرّ وحده في بغداد، بعد أن غادرها الباقون كلّ إلى مكان، فأبدع في التجارة حتى صار له محلاّن أحدهما في شارع الرشيد، وتزوّج من نابلسية من عائلة خمّاش المعروفة، وكبرت عائلته ليصبح فيها ثلاث بنات وابنين، ومع مضي العمر ومع حبّه للعراق ونجاحه فيها، كان لا بدّ من لمّ شمله مع عائلته الكبيرة في عمّان، وهذا ما صار.
كان طبيعياً، باعتباره تاجراً شاطراً، أن ينضمّ إلى مهنة العائلة الكبيرة حيث الذهب والمجوهرات، وقد كرّس أغلب أفرادها علامة تجارية مميّزة احتلت سوق الصاغة وسط عمّان، وصارت تتمدّد في خارجها، وكان طبيعاً، أيضاً، أن ينجح، فيفتتح غير محل، في غير مكان!
رحل كلّ أفراد أسرته الصغيرة، وتوزّعت قبورهم في غير مدينة ومنطقة، وبقي هو حارساً نعتبره نحن الأبناء ويعتبره أبناؤنا معنا كبيرنا، وها هو يرحل أمس، ليدفن على قمّة جبل وادي السير، مطلاً على الغرب لعلّه يشتمّ روائح يافا حيث مكان ولادته، وصباه، وهي سيرة طويلة ألخّصها بكلمات قليلة، فرحم الله الجميع، ورحمك الله يا عمّي موسى، وللحديث بقية!
نيسان ـ نشر في 2022-01-18 الساعة 20:17
رأي: باسم سكجها