اتصل بنا
 

نشرات جوية دافئة

نيسان ـ نشر في 2022-01-24 الساعة 12:54

نيسان ـ الشتاء في الماضي كانت له طقوس عائلية جميلة فبالرغم من شدة البرد إلا أن طقوسه كانت تشعرنا بالدفء فالجميع كانوا يلتفون حول المدفأة بنارها الملتهبة .
كنا نتجمع في غرفة واحدة تدور الأحاديث في هذا الجو الدافئ وتتناثر القصص والصور وكأنَّ هذا التجمع حول المدفأة الذي نسميه "كنكنة" مكان مثالي لتبادل القصص وتمضية الوقت، كنا ننتظر أخبار الثامنة بفارغ الصبر لنستمع اليها والهدف منها -النشرة الجوية- التي كانت تقال بيسر وسهولة ولا يتجاوز عرضها في اليوم مرة واحدة ،كنا نعيش في بحبوحة رغم قلة الحال كانت الكثير من ربات البيوت تتعمد أن تحضر الكثير من “المونة” قُبيل دخول فصل الشتاء كون الأسرة تجلس لساعات طويلة في البيت خاصة مع تطبيق نظام التوقيت الشتوي والذي يجعل من ساعات الليل طويلة، تضطر فيها ربة المنزل أن تحضر ثلاث وجبات في اليوم .
أذكر أننا كنا نستيقظ صباحاً لنتفاجأ بذلك الرداء الأبيض "الثلج" في كل مكان وقبل ذهاب الطلاب لمدارسهم والمواطنين لأعمالهم تعلن الحكومة التعطيل لسوء الأحوال الجوية كانت فرحة لا توصف كأننا لا نرى بيوتنا وأهلنا إلا بيوم العطلة كان لهذا اليوم لذة لا تقارن مع أي شيء أخر ،لا أعلم ما الفرق بين ثلجة زمان وثلجة الحاضر التي أصبحنا ومن كثر النشرات الخاصة بها أصبحنا كلنا فيها متنبيء أحوال جوية نتسارع لنشر أخبار الثلج والإغلاقات والعطلات التي ستحدث، كلنا أصبحنا خبراء بالثلج وبتساقط الثلج ودرجته.
جميل ماكنا به ومرهق مانحن به الآن اليوم قد نجلس معاً في مكان واحد حول تلك المدفأة لكننا بعيدين كل البعد عن ذلك الدفء المنشود تكنولوجيا مقيتة دفعت بنا إلى التوحد مع أنفسنا بعيداً عن روحنا وحياتنا وأهلنا ننتظر الثلجة القادمة جميعاً والتي وصلتنا أخبارها قبل أسبوع أو أكثر من موعدها وأجزم أننا لن نرى عائلاتنا في ذلك اليوم كما كنا سابقاً فكل منا مشغول بذلك المنشور أو ذلك المؤثر كما يقال عنه أو عنها على مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة أن طعم شوربة العدس تغير طعم الرشوف تغير وطعم فاكهة الشتاء من الكستناء والبطاطا الحلوة تغير ، لكن لأكُن صادقاً مع نفسي فكل ماذكرته لم يتغير بل نحن الذين تغيرنا ولم نعد كما كنا وشتاءنا أصبح داخلياً أبرد وأبرد ... اللّٰه على شتاء الماضي كم كان دافئاً

نيسان ـ نشر في 2022-01-24 الساعة 12:54


رأي: علاء عواد

الكلمات الأكثر بحثاً