نتائج فتوى (أخف الضررين) لشيخ الأزهر

نيسان ـ

فى 3|7|2013، وفى مؤتمر القوات المسلحة وبحضور وزير الدفاع آنذاك وقيادات الجيش، وبجوار بابا الكنيسة "طوادروس" ورئيس حزب النور السلفى، وزعماء العلمانية ومحاربى الإسلام والمسلمين، وأمام كاميرات القنوات الفضائية العالمية، أعلن شيخ الإسلام شيخ الأزهر الشريف:
أننا كنا بين أمرين أحلاهما مر...واخترنا أقل الضررين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبعدها -وبعد ما حدث فى مصر من مذابح لم تتوقف حتى الآن- ترك الجمل بما حمل وذهب إلى معتكفه المجهول،وليذهب كل من يخالفه إلى الجحيم.

وبعد مرور ما يقرب من سنتين ونصف السنة يمكننا أن نراجع آثار ونتائج ذلكم التصريح المزلزل لحياة المصريين، بل والشعوب العربية والإسلامية.
ما يقرب من سبعة ألاف شهيد قُتلوا فى "رابعة" و"النهضة"، وما لا يقل عن عشرة ألاف مصاب وجريح، هم ضحايا يوم فض الاعتصام، ومازالت المذابح مستمرة ولم تتوقف رغم مرور سنتين ونصف السنة تقريباً. .فهل يُعتبر هذا "أخف الضررين"؟.

الآلاف من الإخوان والثوار مطاردون من الشرطة داخل البلاد، فإذا ما لجئوا إلى شقة صغيرة هرباً وضبطتهم الشرطة فإن التصفية الجسية هى نهايتهم، فضلاً عمن هرب إلى خارج البلاد تاركاً الأهل والأحباب والوظيفة خوفاً من القتل أو الاعتقال والتعذيب، فهل يعتبر هذا "أخف الضررين"؟.
وإذا نظرت لحالة الانقسام المجتمعى التى حدثت منذ وقوع الانقلاب وحتى الآن ومن المتوقع استمرارها زمناً لا يعرف مداه إلا الله، فترى الابن يخاصم أبيه والأم تحارب ابنتها، والأخ يتشاجر من حينٍ لآخر مع أخيه، والخلافات لم تتوقف بين الأصدقاء فى المنتديات، وبين الزملاء فى أماكن العمل، كلٌ يحمل رأياً مستقلاً مؤيداً لمرسى والإخوان أو معارضاً لهم، طبعاً والسبب هو فتوى "أخف الضررين".

السجون المصرية زاخرة بقيادات وكوادر الإخوان المسلمين لأنهم معارضون للنظام الحالى، وأكثر من أربعين ألفاً منهم قابعون خلف أسوار السجون يواجهون التعذيب والإهانات، منهم المعرضون لتنفيذ أحكام الإعدام الظالمة ضدهم، ومنهم المرضى والذين يُمنع عنهم دخول الأدوية، فيموت منهم من يموت، ولا حياة لمن تنادى، ولا تنسَ أن من بين هؤلاء السجناء النساء والفتيات والشيوخ والعلماء والعباقرة والأطباء والمنهدسين
وأساتذة الجامعات والطلاب المتوفقين، وما أكثرهم ، فهل فكر شيخ الزهر الشريف أن يزورهم أو يطمئن عليهم أوأن يدعو لهم بظهر الغيب، أم أن ذلك ليس من "أخف الضررين"؟.

الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المصريون لا تحفى على أحد ولا طبعاً على مولانا شيخ الأزهر الشريف، فانظر إلى رفع الدعم عن السلع الحياتية وارتفاع الأسعار وضعف المرتبات والأجور والانهيار المتواصل فى البورصة، وتواصل انخفاض الجنيه فى مواجهة العملات الأجنبية، ولا يخفى على أى إنسان تهاوى السياحة وعائدات العاملين بالخارج ، وهذا بالطبع نتيجة فتوى "أخف الضررين".

هل رأى شيخ الزهر الشريف أن مرسى كان سيتسبب فى نشوب حرب مع أثيوبيا بسبب سد النهضة، وكان هذا هو الضرر الأشد الذى لولاه لما أفتى بـ"أخف الضررين"؟.
أمن أجل أن نشرب من ماء النيل نشن حرباً على دولة إفريقية شقيقة غالبية سكانها مسيحيون إخوة المسيحيين فى مصر ؟
أمن أجل شرب ماء النيل نحارب دولةً صديقة كأثيوبيا، والماء لم يتوقف نزوله من السماء ومن الآبار فى ربوع مصر؟
ولذا كانت فتوى شيخ الأزهر الشريف بـ"أخف الضررين".

وها هى مصر -بلد الأزهر الشريف فى عهد شيخ الأزهر الشريف الرجل الطيب- تفرح شماتةً فى اعتداءإسرائيل على غزة، بل وتشارك فى حصارها، ولأول مرة تقوم بحفر قناة يُفرغ فيها مياه البحر لتهدم جميع الأنفاق المؤدية لغزة، ولا يهم إفساد التربة داخل مصر أو فى غزة، فالمهم إرضاء اليهود أعداء الله وقتلة الأنبياء -كما جاء فى القرآن الكريم-، وهذا من نتائج فتوى "أخف الضررين".

ليعلم شيخ الأزهر الشريف أن مصر قلب الأمة العربية والأمة الإسلامية، إذا ضعفت فقد ضعفت بلاد المسلمين، فإذا رأيتها ملقاةً فى أحضان اليهود والصليبيين كما يحدث الآن، فلن ترى الشرق يرفع رأساً، وها هى سوريا تئن من جراء الحرب الصليبية ضدها من روسيا وأمريكا وأوربا، ومنا من يتعاطف مع طاغية الشام "بشار"، ولا يخفى عليك ما يصنعه الآن اليهود بالمسجد الأقصى، ولم نرَ منك موقفاً قوياً ضد هؤلاءالأنجاس، فهل ذلك "أخف الضررين".

يا مولانا .. الآن تصدر المشهد العاهرات والشواذ ودعاة الإباحية، يسبون الدين علناً، يسخرون من الإسلام ويهينون السنة ويحتقرون العبادات، يشككون فى عقديتنا دون أن يروا من يدافع عن ديننا الحنيف، ودورك أن تكون أول المدافعين عن الإسلام، ومع ذلك أتصور أنك مازلت فى معتكفك.

ستظل فتوى"أخف الضررين" شاهدة عليك وعلى علمك وعلى من اتبعها عن علمٍ أو عن جهل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

كلمتي