فِي حَضْرَةِ الشَّجَنِ لـ (محمود قحطان)

نيسان ـ

أنَا الغريبُ الَّذي يَجُولُ

مُسَافِرٌ والمَدَى سُدُولُ

أجتَازُ ذِكرَى هُنا وَتِيهًا

فِي طَيِّهِ مُضْغَةٌ غَلُولُ

فَنَالَ من خَافِقي زَمَانٌ

قدْ مَسَّنِي، فالرُّؤى ذُهُولُ!

هيَ الحَنينُ الَّذي يُنَادِي

هيَ النِّدَاءُ الَّذي يَطُولُ

بِنْتُ الكَريمِ الَّذي تَوَارَى

فِي ظُلْمَةِ الغَارِ لا يَميلُ

يَا قُرَّةَ العَينِ أنتِ أُمِّي

لولاكِ ما أثمَرَتْ فُصُولُ

يَا خَيْرَ مَنْ أنْجَبَتْ بِـلادٌ

من عَافَها، قَدْرُهُ ذَلِيْـلُ

زَيَّنْتِ صَدْرَ السَّمَاءِ بَدْرًا

فِي مَوْكِبٍ خَدُّهُ أسِيلُ

أورَقْتِ في رُوحِنَا مَلاكًا

أحدَاقُهُ.. ظِلُّنـَا الظَّليـلُ

إنْ مَسَّكِ الضُرُّ أوْ تَأنَّى

كأنَّ جُرْحًا لنَا يَسِيْـلُ!

فِي مَخْدَعِ الحِقْدِ لا دِمَاءٌ

لا ريْحُ.. لا مَاءُ.. لا نَخِيلُ

مَا للوُشَاةِ الَّذينَ لامُـوا

فهلْ لهُمْ مَنْطِقٌ عَـدُولُ؟

مَاذا يَقيءُ السَّفِيهُ إلَّا

أُكْذُوبَةً جِسْمُهَا نحِيْـلُ؟

فكَيْفَ يَزْهُـو إذَا تَبَدَّى

فِي فِيهِ مِنْ هدَّهُ الصَّهِيلُ؟!

قَدْ ضُيِّعُوا إنَّهُمْ هَبَـاءٌ

والعَارُ فِي وخْزِهِ ثَـقِيـلُ

لنْ يَسْتَريحُوا إذَا جَفُونَا

فَصَدُّنَـا جَفْنُـهُ صَقِيلُ

لنْ يَهْنَؤوا كلّنَا سَنَبْقَى

فِي حَلقِهِمْ لَعْنَةٌ تَجُولُ

ضَاقَ بِهِمْ فِكْرُهُمْ فَضَلَّوا

فَإنَّهُمْ أمَّـةٌ تَـزُولُ

لا بَدْوَ فِيهِم ولا بَقَايَـا

مِنْ حَضَرٍ، كُلُّهمْ عُجُـولُ

رِهَانُهُمْ خَاسِرٌ وَدَومًا

تَقِيحُ في عَقلِهمْ طُبُولُ

فَليَكْتُمُوا الحَقَّ أوْ يُدَارُوا

بَاعُوا الهُدَى، نَعْقُهُمْ سَبِيلُ

سَنَذْبَحُ الوَهمَ ثُمَّ نَرقَى

ونَعْبُرُ المَوْتَ أوْ نَـزُولُ

ونَقْمَعُ الحُزْنَ ثُمَّ نَشْدُوا

أطْرافُنَـا أفْعَـةٌ تَصُولُ

ولتَحْبَلِ الأرْضُ إنْ أرادَتْ

مَنْ مِثلُها، وَحْيُها دَليْلُ؟