الرابحون والخاسرون من الأزمة الأوكرانية
نيسان ـ نشر في 2022-03-07 الساعة 06:36
نيسان ـ أوكرانيا المتضرر الأكبر والأساسي من الحرب؛ فقد احتلت أراضيها ودمرت منشآتها. روسيا هي المتضرر الثاني من الأزمة الأوكرانية. دع عنك لحظات الانتشاء من جراء بعض الانتصارات العسكرية هنا وهناك، أو تعاظم الالتفاف حول قيادة روسيا لاستحضارها روحية الحرب الباردة التي كان فيها الاتحاد السوفييتي ندا للغرب.
كل هذا زائل وغير مستدام، ما سيبقى أن روسيا ستتكبد خسائر اقتصادية كبيرة تزيد من ضعف اقتصادها وتؤخر تقدمها التكنولوجي الذي بات مقياس قوة الدول الأهم. لو أن الرئيس بوتين محاط بإستراتيجيين سألوه فقط عن اليوم التالي للغزو لما أقدم عليه، ولكنه مارس أسلوب القرار غير المؤسسي، اكتفى بنصائح مسؤولين رسميين هو من صنعهم لا يقوون على تحدي آرائه.
غضب بوتين من تهميش روسيا ومن جراحها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة يتجلى في أسلوب قيادته واتخاذه للقرار. أكبر دليل على اختلاف آلية القرار بين روسيا والغرب عندما أعلن بوتين حالة الطوارئ النووية، فردت أميركا أنها لا ترى حاجة لردة فعل مماثلة في إشارة على مؤسسية للقرار، وإشارة أكبر عن تقييمهم لحجم القوى والتهديد الروسيين.
لم يستخفوا بقرار بوتين أو يهينوه، وفي ذلك حكمة، ولكن ردة الفعل تقول الكثير.
المستفيد الأكبر من الأزمة هي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. هي في موقع إستراتيجي مثالي الآن كسبت على ثلاث جبهات: أولا، أعادت الاعتبار والانضباطية والطاعة لحلفها من خلال الناتو، ثانيا، دول أوروبا الآن بدأت تنفق الميارات على الدفاع ولا تكتفي بالاعتماد على أميركا لأنها لا تريد ومكلف عليها أن تكون شرطي أوروبا والعالم، وثالثا، فإن دخول روسيا أوكرانيا جعلها بمواجهة مفتوحة مع العالم سيكبدها الكثير من التكلفة وسيتراجع حضورها الدولي بشكل كبير وذاك أحد الأهداف الدولية الإستراتيجية للولايات المتحدة وأوروبا وإن لم يكن الهدف الأكثر أهمية.
خبرة بايدن كرئيس لفترة طويلة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ آتت أكلها، والرجل بالتأكيد محاط بإستراتيجيين ينصحونه بشكل مؤسسي علمي.
مستفيدون آخرون هم الصين والدول المصدرة للنفط والغاز. بالنسبة للصين فالعالم يقدر أكثر أسلوب تعاملها والتزامها بالنمو السلمي، فغدا ميدان التفاعل والمواجهة معها “التنافس الإستراتيجي” وذلك متسق مع قواعد عمل العلاقات الدولية، كما أنه يحقق الفائدة للبشرية لأن التنافس سيجلب الخير الأكثر بالتكلفة الأقل. الصين ظهرت كدولة عميقة عاقلة مقارنة بالسلوك الروسي.
أما الدول النفطية فهي مستفيدة أيضا جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز ما عاد عليها بمئات المليارات.
مارست سيادتها ولم تقبل زيادة الإنتاج لأنها لا تريد أن تقحم نفسها بالصراع، ولكنها ذاتها تعلم أن استمرار ارتفاع أسعار النفط في غير صالحها تماما كما دول العالم. ارتفاع أسعار النفط سيزيد الأسعار ويقلل الطلب وسيبطئ النمو الاقتصادي العالمي، وهذا سينعكس أيضا على الدول المصدرة للطاقة. كما أن ارتفاع أسعار النفط يزيد من الجدوى الاقتصادية لمصادر الطاقة البديلة وهو ما لا تريده دول النفط.
هي صاحبة مصلحة أن تبقى أسعار النفط بحدود 70 دولارا حتى يستقر السوق وتبقى سيطرة النفط والغاز حاضرة في سوق الطاقة العالمي.
(الغد)
كل هذا زائل وغير مستدام، ما سيبقى أن روسيا ستتكبد خسائر اقتصادية كبيرة تزيد من ضعف اقتصادها وتؤخر تقدمها التكنولوجي الذي بات مقياس قوة الدول الأهم. لو أن الرئيس بوتين محاط بإستراتيجيين سألوه فقط عن اليوم التالي للغزو لما أقدم عليه، ولكنه مارس أسلوب القرار غير المؤسسي، اكتفى بنصائح مسؤولين رسميين هو من صنعهم لا يقوون على تحدي آرائه.
غضب بوتين من تهميش روسيا ومن جراحها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة يتجلى في أسلوب قيادته واتخاذه للقرار. أكبر دليل على اختلاف آلية القرار بين روسيا والغرب عندما أعلن بوتين حالة الطوارئ النووية، فردت أميركا أنها لا ترى حاجة لردة فعل مماثلة في إشارة على مؤسسية للقرار، وإشارة أكبر عن تقييمهم لحجم القوى والتهديد الروسيين.
لم يستخفوا بقرار بوتين أو يهينوه، وفي ذلك حكمة، ولكن ردة الفعل تقول الكثير.
المستفيد الأكبر من الأزمة هي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. هي في موقع إستراتيجي مثالي الآن كسبت على ثلاث جبهات: أولا، أعادت الاعتبار والانضباطية والطاعة لحلفها من خلال الناتو، ثانيا، دول أوروبا الآن بدأت تنفق الميارات على الدفاع ولا تكتفي بالاعتماد على أميركا لأنها لا تريد ومكلف عليها أن تكون شرطي أوروبا والعالم، وثالثا، فإن دخول روسيا أوكرانيا جعلها بمواجهة مفتوحة مع العالم سيكبدها الكثير من التكلفة وسيتراجع حضورها الدولي بشكل كبير وذاك أحد الأهداف الدولية الإستراتيجية للولايات المتحدة وأوروبا وإن لم يكن الهدف الأكثر أهمية.
خبرة بايدن كرئيس لفترة طويلة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ آتت أكلها، والرجل بالتأكيد محاط بإستراتيجيين ينصحونه بشكل مؤسسي علمي.
مستفيدون آخرون هم الصين والدول المصدرة للنفط والغاز. بالنسبة للصين فالعالم يقدر أكثر أسلوب تعاملها والتزامها بالنمو السلمي، فغدا ميدان التفاعل والمواجهة معها “التنافس الإستراتيجي” وذلك متسق مع قواعد عمل العلاقات الدولية، كما أنه يحقق الفائدة للبشرية لأن التنافس سيجلب الخير الأكثر بالتكلفة الأقل. الصين ظهرت كدولة عميقة عاقلة مقارنة بالسلوك الروسي.
أما الدول النفطية فهي مستفيدة أيضا جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز ما عاد عليها بمئات المليارات.
مارست سيادتها ولم تقبل زيادة الإنتاج لأنها لا تريد أن تقحم نفسها بالصراع، ولكنها ذاتها تعلم أن استمرار ارتفاع أسعار النفط في غير صالحها تماما كما دول العالم. ارتفاع أسعار النفط سيزيد الأسعار ويقلل الطلب وسيبطئ النمو الاقتصادي العالمي، وهذا سينعكس أيضا على الدول المصدرة للطاقة. كما أن ارتفاع أسعار النفط يزيد من الجدوى الاقتصادية لمصادر الطاقة البديلة وهو ما لا تريده دول النفط.
هي صاحبة مصلحة أن تبقى أسعار النفط بحدود 70 دولارا حتى يستقر السوق وتبقى سيطرة النفط والغاز حاضرة في سوق الطاقة العالمي.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2022-03-07 الساعة 06:36
رأي: د.محمد المومني