اتصل بنا
 

أردوغان ولعبة “الكاميرا والابتسامة” والألغاز مجددًا

نيسان ـ نشر في 2022-03-11 الساعة 10:24

x
نيسان ـ لماذا تقصّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدم إظهار أي ابتسامة من أي نوع وهو يستقبل رئيس الكيان الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ في زيارة مثيرة جدا صنفها الاتراك بانها تاريخية واحتفى بها الاعلام العبري وتعامل معها معسكر التطبيع العربي بحماس فيما يبدو أن الحزب الحاكم في تركيا تقصّد أن يُظهرها باعتبارها زيارة اضطرارية أو بمعنى آخر زيارة عمل ومصالح؟.
الرئيس أردوغان ولمن يعرفه من خبراء لعبة الإعلام والكاميرا في إسطنبول وأنقرة لم يكن على طبيعته المعتادة حيث يصر أثناء الحديث واستقبال القيادات والزعامات على إرسال مؤشرات كبيرة على الثقة والحماس.
لكن تلك المؤشرات اختفت فقد نظر الى جانب الكاميرا وهو يلتقط صورة يتحمس الرئيس الإسرائيلي لالتقاطها واضعا يديه الاثنتين مقابل يد واحدة وهي اليد التركية.
بالمقابل وأثناء المؤتمر الصحفي ظهر الرئيس أردوغان بدون أي ابتسامة ولم تصدر معه أثناء الاستقبال والوداع وحتى في المؤتمر الصحفي لم تصدر عنه اي ابتسامة من النوع الذي يقول الخبراء في أردوغان أنه يُجيده أثناء الكاميرات بالعادة.
بعيدًا عن الشكل وفي سياق المضمون استبق حزب العدالة والتنمية الحاكم وعبر لجنته السياسية على المستوى الإعلامي وفي المنابر الاعلامية التركية الداخلية تلك الزيارة الاسرائيلية بجملة من التأكيدات على ثوابت الحزب والدولة التركية بخصوص مُناصرة الشعب الفلسطيني والاهتمام في قضية القدس وعدم فرض وقائع على الأرض والتركيز سياسيا ودبلوماسيا على مسألة الدولتين.
حتى الرئيس أردوغان تحدّث في اللقاء الصحفي العابر عن إيمان تركيا بحل الدولتين وعن أهمية وضع القدس بالنسبة للشعب التركي.
وتقصّد بالضرورة الرئيس أردوغان لكي ينتج انطباعا للعالم العربي على الأقل وللشعب الفلسطيني بأن تركيا تقف مع حقوق الشعب الفلسطيني وبالتالي أشار الرئيس التركي وهو يستقبل المسؤول الاسرائيلي الى ان الحوار السياسي بين الجانبين مقيد او اساسه المصالح معربا عن امله في ان تحصل مراعاة للحساسيات المتبادلة.
لاحظ المرافقون والدبلوماسيون الغربيون بأن الزيارة وخلافا لعادة القصر الجمهوري لم تنته بإعلان بيان مشترك.
كما لاحظ الجميع بأن عبارة “مراعاة الحساسيات المتبادلة” هي أقرب إلى مقدمة لكي يقول الاتراك ضمنا بان الحكومة الجديدة مع الجانب الاسرائيلي بعد حل عدة اشكالات قائمه بين الجانبين هي مسالة تعتمد في مستقبلها السياسي وثباتها على مراعاه الحساسيات المتبادلة مع أن المراقبين لا يعرفون ما هي الحساسيات الخاصة باسرائيل و التي ينبغي على تركيا أن تحترمها وتراعيها فيما المعروف للجميع ما هي تلك الحساسيات التركية التي يريد اردوغان من الاسرائيليين احترامها ورعايتها.
في الجانب التركي التأكيد على أن أردوغان يتحدّث عن موضوع القدس ويتأمل أن يبقى الاسرائيليون على الأمر الواقع ولا يحاولون تغييره في القدس خلافا للتركيز على حل الدولتين.
لكن عندما يتعلق الأمر بحساسية الاسرائيليين المطلوب مراعاتها من الأتراك ثمّة كلمات وعبارات والفاظ تعبيرات لها علاقة حصريا بالعمل العسكري وبعدم تقديم اي رعاية من اي نوع للجناح العسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
والالتزام قدر الإمكان بعدم إعلان الحرب على الحصار الاقتصادي لقطاع غزة وتلك اثمان يبدو ان المؤسسة التركية مستعدة لدفعها خصوصا وان السر الاهم في الحماس التركي لاستقبال الرئيس الاسرائيلي رغم العلم المسبق بانه ليس صاحب قرار في الحكومة اليمنية الحالية على الأقل هو “إتّقاء شر” إسرائيل في ترتيبات الغاز والمتوسط أو على حد تعبير قيادي فلسطيني “مكافاة شر” خصوصا بعد التهديد الإسرائيلي بدعم “الانفصاليين والإرهابيين الكراد” إذا لم تتحسّن الاتصالات.
رغم ذلك الزيارة اتخذت طابعا سياسيا رمزيا وأصلها ودافعها هو أولا الضغوط الكبيرة حسب مستشار مقرب من الرئاسة التركية التي مورست على اردوغان بخصوص تطبيع العلاقات مع اسرائيل من جهة الرئيس الامريكي جو بايدن وادارته اضافة الى حسابات تصدير الغاز والاشكالات في البحر الاسود الان وقبلها الحسابات التركية المتعلقة باستثمارات النفط والغاز والرغبة التركية في تحييد اسرائيل قليلا تمريرا لمصالح الغاز التركية بعيدا عن الأجندة المتوترة في العلاقة بين تركيا واليونان وقبرص.
بكل حال قبل زيارة هيرتسوغ وصلت الرسائل من القيادة التركية لشخصيات مهمة في قيادة الحركات الإسلامية وتحديدا لبعض رموز المقاومة الفلسطينية تؤكد بأن العلاقات التحالفية ورغبة تركيا في احتضان حركات المقاومة الفلسطينية وإجراء حوارات ودعم خياراتها لن تتأثّر بالتطبيع الإسرائيلي التركي الجديد.
كما تضمّنت الرسائل نفسها إشارات إلى أن تركيا ليست بصدد تقديم اي دعم لمشروع سياسي أو أمني إسرائيلي من النوع الذي يمس بحقوق الشعب الفلسطيني.
والواضح هنا أن الجانب التركي وجد نفسه مضطرا لتقديم تلك الإيضاحات والتفسيرات لحلفائه واصدقائه والمقربين منه في المقاومة الفلسطينية وتحديدا في حركة حماس الامر الذي انطوى على مجاملة كبيره لكنه تضمن التأشير على أن مسألة إعادة إحياء العلاقات مع إسرائيل هي جراء ضغط أمريكي ثم إماراتي ومصري في الواقع.
اضافة الى انها عودة لتأسيس حوار مصالح ولها علاقة بحسابات اقتصادية تركية على البحر المتوسط في مجال الطاقة وليس في إطار أي حسابات يمكن ان تقود لانقلاب تركي على الفلسطينيين تلك توضيحات يبدو ان بعض الشخصيات الفلسطينية تلقتها من الجانب التركي قبل انضاج تلك الزيارة فيما حضر هيرتسوغ الى انقرة بعد ترتيب ملف الخلافات الامنية مع الموساد الاسرائيلي بحادثة خلية اسطنبول الشهيرة والتي اعتذر عنها الجانب الاسرائيلي بل اتفق على عدم تكرار أي محاولات لتنظيم شبكات تجسس أو خلايا في الأراضي التركية.
رأي اليوم

نيسان ـ نشر في 2022-03-11 الساعة 10:24

الكلمات الأكثر بحثاً