اتصل بنا
 

العصملية

نيسان ـ نشر في 2022-03-27 الساعة 13:15

نيسان ـ كقصاصة ورق يطير الراتب الشهري في دروب الفواتير والقروض ومستلزمات العيش، رائحة رمضان تغازل الأبواب، سيصر الصغار على الصيام، مع أنهم مازالوا خارج دائرة التكليف الشرعي، شئت أم أبيت لابد من توفير أقل ما يرغبونه أو يسمعون عنه أو يشاهدونه عند بعض الأقارب، ليس بالضرورة ترف الطعام ولكن لن تستساغ معهم وجبات الأيام الماضية، "ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ.. زغب الحواصل لا ماء ولا شجر" لكنه ليس زمن الفاروق، إذن لابد من تدبير أمورهم.
جالت حوامة الفكر يمينها وشمالها في فراش الهموم، لا حل إلا بالإستغناء عن الليرة العصملية، ما الفائدة من الإحتفاظ بها طيلة هذه السنين، سيغفر لي الغوالي التفريط بتركتهم الثمينة.
مررت بمحل الخضار لجس تغير الأسعار، جهنم الحمرا، في بُكس خلفية وضع الخضرجي، بضاعة نخب عاشر مما شابه الذبول وهي تنتظر المغادرة إلى المطابخ، سأشتري مايلزمنا في طريق عودتي من سوق الصاغة.
لم يترك سائق التاكسي موضوعا لم يطرقه، الظلم، الفقر، البطالة، حال السوق، السياسية، ابنته الأرملة مع كوم لحم، كنت أعلق بإقتضاب، عيني مثبته على العداد، لقد بدأ يقفز عن الدينار ونصف، لماذا لم أنتظر السرفيس ليكون الأمر أهون بعض الشيء؟!
تحفتلت في المقعد انتظر باقي النقود، رد من كان يشكو الظلم والغش بعدم توفر فراطة، عوضي على الله، معلش يمكن كمان هو بحاجة.
لا أدري من أين جاءت العاصفة، وأنا افاصل صاحب بسطة على مصفاية مجلى، وجدت نفسي في مكتب تحقيق لجهة مجهولة ،برودة تنضح من كل مكان، لو أنني لم أتدوش قبل خروجي من البيت، اخذ المحقق هاتفي،قلت بصوت تعب: مفصول منذ أيام ، كنت أنوي شحنه بعد بيع العصملية، قلّب وريقات على المكتب، دسست يدي في جيبي، يخجلني منظر أظافاري المقمعة، إنكمشت على نفسي كمسافر في الترانزيت، إنشغل بمكالمة هاتفية"لا تطبخي باميا" بحبهاش.
تذكرت فيلم "آه يابلد.. آه" الذي كان آخر ماشاهدتة البارحة، صوت تحية كاريوكا تغني فيه"يا خارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة.. مشيتي حافية وخدتي زكام.. ورابطة راسك من الدوخة"
هرج ومرج في ممرات ضيقة وطويلة، لمحت مجموعة من الناس من مختلف الأعمار ، ماهي قضيتي؟ آتراه سائق التاكسي وشى بي؟ حردت ذاكرتي، لم أضع لايك لمعارضين على الفيسبوك ولم اعلق لأحد، لم احضر ندوات ولا أنوي المشاركة في تجمعات مهما كانت طبيعتها، أنا من حزب شعاره" لا لي بالثور ولا بالطحين"من جماعة للحيط آذان، وامشي الحيط الحيط وقول يارب السترة، وإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، والباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح.. من رمى بي هذه الرمية الصعبة.
وقف رجل بلباس مدني في الممر، ياللا،كل واحد منكم يروح على داره، الآن، تحمهرنا بعيدا نستطلغ من بعضنا البعض علاما تم جمعنا هكذا؟! أكانت حملة ضد التسول ام البسطات؟! أفادنا شاب من بين كومتنا، أن بعضنا وصل هنا بالخطأ في أوج حملةإستباقية وقائية لمنع محتجين يناضلون ضد نية الحكومة بفرض زي موحد"يونيفورم" على كافة المواطنيين..لست ضد" اليونيفورم" وخاصة في الأعياد، سيوفر علينا مشقة متطلبات العيال التي لا تنتهي.
استيقظت ألوك ريقي.. أريد ماء، ياله من كابوس.. الحمد لله كابوس... هرعت إلى الشكمجية، العصملية في مكانها.. لن ابيعها مهما لزتني الحاجة ،عليهم، سأقنعهم منذ اليوم "المجدرة مسامير الركب والمجدرة طبخة مقدرة" .....!!! إنه كابوس ليس أكثر...

نيسان ـ نشر في 2022-03-27 الساعة 13:15


رأي: ميسر السردية

الكلمات الأكثر بحثاً