اتصل بنا
 

الأردن في 'التهدئة' لا يتحدث مع حماس وبثنائية نفتالي – نتنياهو: 'الخل أخو الخردل

كاتب اردني

نيسان ـ نشر في 2022-03-31 الساعة 06:49

نيسان ـ لماذا يعود الإسرائيليون إلى حالة تشاور بكثافة مع الأردن هذه الأيام؟
بعد مغادرة وزير الدفاع بيني غانتس بأقل من 48 ساعة، حضر إلى عمان الرئيس الإسرائيلي إتسحاق هيرتسوغ الأربعاء، وأجريت مع العاهل الملك عبد الله الثاني مباحثات، والهدف مجدداً وبكل الصياغات هو العمل على تهدئة الأمور في شهر رمضان المبارك، وتأكيد ملك الأردن بأن «الصراع طال».
غانتس «رايح» وهيرتسوغ «جاي»
طبعاً، عمان على علم مسبق بالمعلومة التركية التي تقول بأن الرئيس رجب طيب اردوغان استقبل الرئيس الإسرائيلي، وهو يعلم مسألتين: أولاً، أنه؛ أي هيرتسوغ، غير مؤثر إلا بنسبة قليلة في بنية قرارات الحكومة الإسرائيلية. وثانياً، أن الرئيس الإسرائيلي تربطه علاقات ومنظومة اتصالات سيئة جداً برئيس الوزراء الحالي نفتالي بينت.
«تلميحة»
عملياً، في القياس الأردني، الجنرال غانتس في الميدان وفي عمق الحكومة الأمنية الإسرائيلية. ولهذا، التواصل معه مفيد إلى حد معقول، لكن التواصل مع رئيس الوزراء نفتالي بينت وطاقم مكتبه متعثر أو بالتقسيط بالنسبة لعمان، مما يدفع الأوساط المراقبة للتساؤل عن جدوى وإنتاجية العمل على تهدئة الأوضاع في شهر رمضان وفقاً للمواصفة الأردنية أو للوصفة التي يقترحها الأردنيون عبر أو مع مؤسسة الرئاسة الإسرائيلية.
في كل حال، مجدداً يراقب الأردن التفاصيل ويسترسل في تأسيس مسافة تباين مع خط السلام الإبراهيمي ومنتجات لقاء النقب، وفي ذهن الطاقم السياسي الأردني تلك القناعة التي عبر عنها بحضور «القدس العربي» رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، بعنوان يقول بأن الحسابات الأردنية في الزاوية الإسرائيلية تقرأ الوقائع ولا تبني على أي أوهام. كانت تلك «تلميحة» إلى حقائق ووقائع هوامش المناورة والمساحة الضيقة التي ترتبط بمفهوم حكومة نفتالي بينت باعتبارها آيلة للسقوط.
وعضو الكنيست العربي صديق عمان والمقرب منها الدكتور أحمد الطيبي، شرح أمام «القدس العربي» بحضور نخبة سياسيين، قناعته بأن المؤسسة الفلسطينية والأردنية عليها أن تدير الزوايا وفق الوقائع التي تشير إلى أن حكومة بينت ليست طويلة الأمد، وتحالفها الائتلافي هش للغاية، ويمكن أن تسقط بأي لحظة ولأي سبب.
إشارته هنا مقروءة جيداً في عمان التي تبدو مرنة. وهي تتعامل مع كل المعطيات بالرغم من صعود دول عربية متعددة أبرزها مصر والإمارات، على سلم الطائرة التي تريد تثبيت أركان حكومة نفتالي بينت وتوفير حاضنة عبر الإبراهيميات لها في مساحة كان يفترض -برأي بعض المحللين- أن يتواجد فيها، ولو كشاهد، وزير الخارجية الأردني النشط أيمن الصفدي، الذي يتهمه البراغماتيون في خارطة النخب الأردنية بإدارة دبلوماسية خدمت حضور دول عربية أخرى في معادلة اليمين الإسرائيلي وبصيغة عززت عزلة حكومة بلاده. وفي كل حال، طوال الوقت القناعة راسخة في غرفة القرار الأردنية بأن ائتلاف نفتالي بينت قابل للهبوط في أي لحظة يصعد فيها وبالسرعة نفسها.
وبالتالي، ليس هناك رهان كبير على بقاء وصمود وتثبيت هذه الحكومة. وأبشع سيناريو بالنسبة للأردنيين هو عودة متربص بهم وبالحكومة الإسرائيلية الحالية، مثل بنيامين نتنياهو صاحب وحاضنة مشروع «ضم الأغوار» وزراعة الأشجار بيديه على نقطة التماس الحدودي مع أغوار الأردن، في إطار المناكفة لا بل الاستفزاز أيضاً.
كانت «القدس العربي» في جلسة تشاور عمومية مع رئيس الوزراء والسياسي المخضرم طاهر المصري عندما تم الإعلان عن عملية تل أبيب الفدائية الأخيرة أمس الأول، وبدا لافتاً للنظر أن ردة فعل المصري، وبهدوء سياسي كبير، كانت بعبارة سريعة فكرتها «مثل هذه العمليات ستعيد نتنياهو إلى الواجهة».
السؤال الأساسي؟
يصر المصري على أن الجميع في الزمن الإسرائيلي الرديء اليوم، ومستوى المخاطر يرتفع كما لم يحصل قبلاً، ليس فقط على صعيد المضي قدماً في مشروع تصفية القضية الفلسطينية، لكن في استهداف الأردن ومصالحه بعد فلسطين أو بالتوازي مع استهدافها.
ما تعكسه إشارة المصري عن نتنياهو مخاوف موجودة بكثرة في عمق مؤسسات القرار الأردني، لكن قاعدة الاشتباك معها مجدداً بعنوان التوقع والتكهن وما أشار إليه الخصاونة عن سياسات مع الإسرائيليين لا تتمأسس على أوهام الائتلاف الحكومي الحالي أو غيره من الائتلافات.
لكن بالتوازي، وعلى هامش جلسة حضرتها «القدس العربي» مع نخبة من قيادات حركة حماس وبوجود مسؤول إقليمها الخارجي خالد مشعل، كان الاعتماد في مفارقات تشكيل الحكومات الإسرائيلية على تلك المقولة الفلسطينية الشعبية المأثورة بعنوان «الخل أخو الخردل».
وفي سياق هذه المقاربة، يبدو الأردن مقتنعاً بالمقولة وليس قلقاً لا من الخل ولا من الخردل، بقدر قلقه من انفلات الأوضاع الأمنية وعودة انتفاضة ثالثة والتصعيد العسكري، أو بقدر اهتمامه بتثبيت عنوان الشرعية الفلسطينية حيث السلطة والرئيس محمود عباس، وبالعودة إلى عملية سياسية تحت سقف خيار الدولتين لا يتحدث عنها الأمريكيون إلا في سياق عاطفي ورومانسي، أو في سياق لفظي أقرب إلى اللغو، وفقاً لما كانت تسمعه «القدس العربي» من تشخيص لعبارة حل الدولتين عدة مرات على لسان المفكر السياسي الراحل عدنان أبو عودة.
هل يضيف استقبال الرئيس الإسرائيلي في عمان عنصراً من أي نوع للمشهد المختلط؟
ذلك هو السؤال الأساسي الآن بعدما حضر وغادر الجنرال غانتس.
والإجابة على هذا السؤال مرهونة بسؤال تكتيكي يبدو بسيطاً، لكنه يختصر الكثير، وفوجئت «القدس العربي» بأن أحد القياديين في حركة المقاومة الفلسطينية يطرحه: حسناً.. الأردن مشكوراً مهتم بالتهدئة وعدم انفلات الأوضاع الأمنية في الأرض المحتلة. وعليه، يتحدث مع الرئيس عباس ومع الإسرائيليين.. هل تتحدث عمان مع العناوين الصحيحة في هذا الموضوع؟
التلميح في بطن هذا الاستفسار يعني الكثير، فعلى الأرض وفي الميدان في مسألة التصعيد والانفلات طرفان فقط لا علاقة لهما بالسلطة وعباس، هما ما يسميه الأردن بالدولة العميقة في الكيان وحركة حماس.
وبناء عليه، لماذا تتحدث عمان مع طرف ولا تتحدث مع الآخر الفاعل وصاحب القرار في الميدان؟ سؤال في غاية الإزعاج الذي تسعى عمان دائماً لتجنبه. وبالتالي، تحرم نفسها بنسبة كبيرة من ورقة سياسية عميقة وفاعلة قد تساعد في تمكينها من تفعيل وتنشيط مبادرة تهدئة حقيقية.

نيسان ـ نشر في 2022-03-31 الساعة 06:49


رأي: بسام بدارين كاتب اردني

الكلمات الأكثر بحثاً