عدم تجريم تدخل مسؤولين في الاقتراع يفشل قانون الانتخاب
نيسان ـ نشر في 2015-10-06 الساعة 10:02
كتب محمد قبيلات
اذا افترضنا أن من ضمن مرجعيات الجهة التي أعدت مشروع قانون الانتخاب 2015م القوانين الانتخابية السابقة- والدستور طبعا- وما عاد عنها من تغذية راجعة ناتجة عن انتخاب المجالس البرلمانية بعد 1989، فإن من أهم المشاكل التي أثرت على نتائج الانتخابات في هذه الفترة، هي قيام بعض المسؤولين والجهات الرسمية بالتزوير وعلى نطاق واسع، كما حدث في انتخابات عام 2010 ، التي كانت مثالا واضحا على تلك الممارسات.
حسب مشروع قانون الانتخاب الجديد، فإنه يُجرّم المرشح والناخب على الممارسات التي تؤثر على نتيجة الانتخابات، لكن هذا المشروع لم ينص على تجريم المسؤول الذي يؤثر قاصدا ويغيّر نتيجة الانتخاب بما يتعارض مع القانون سواء بالتزوير المباشر أو بالتأثير على رغبة الناخبين، وكان يجب تغليظ العقوبات بحق هؤلاء المتنفذين ليكون رادعا قويا يصون ارادة المصوتين من التلاعب.
إن أهم مقومات الدولة المدنية تنتج عن كونها دولة القانون والمؤسسات التي تعزز حصانة الموظف الحكومي، وحمايته من تغوّل الجهات النافذة، بحيث لا تستطيع جهات أعلى منه في هرم السلطة أن تّصدّر اليه الأوامر بما يتخالف مع القانون.
عادة تأتي مثل هذه الأوامر مغلفة بذرائع المصالح العليا للدولة، لكن حقيقتها أنها تهدف الى إفشال المعارضين للحكومة عن طريق التلاعب بالصناديق أو بالزجّ بالمواطنين غير المسجلين الى قاعات الانتخاب لتحقيق هذه الغايات أو الذين مارسوا حقهم بالتصويت ليصوتوا مرة أخرى.
كان يجب أن يكون واضحا في القانون شكل وتقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد المشرفين على الانتخاب، بمن فيهم ممثلون عن السلطة القضائية، وأن لا يترك الحبل على الغارب للسلطة التنفيذية وأذرعها الأمنية للإشراف على تقسيم الدوائر والاشراف على الانتخابات عبر النظام الانتخابي، الذي سيلبي بالضرورة رغبات السلطة التنفيذية والاجهزة الامنية.
في الدول المتخلفة فقط تجري الانتخابات تحت ضغط الهواجس الأمنية، والخوف من وصول معارضين حقيقين للمتشبثين بالسلطة والذين يصيغون القوانين ويكيفونها بما يحافظ على بقائهم في مواقعهم، أما في الدول المتحضرة فإن الأمر مختلف تماما، حيث تجري الانتخابات ضمن أجواء المنافسة تحت مظلة المصالح الوطنية الحقيقية المضمونة بامكانية تشارك جميع التيارات السياسية في الإدارة.
يجب أن لا يغيب عن ذهن المشرع او من هو بحكمه أن هدف قانون الانتخاب هو تحقيق تداول السلطة، أي وصول اللون الآخر الى قمرة القيادة، وليس اجراء الانتخابات بحد ذاتها ولذاتها.