اتصل بنا
 

سوريا وأوكرانيا.. التشابه والاختلاف

نيسان ـ نشر في 2022-04-11 الساعة 11:39

نيسان ـ لا تغرنكم الدبلوماسيات والحرب الكلامية، ونشاط المنظمات الدولية، للتفاعل مع أي حرب، فقط هذا دور تلعبه، دبلوماسياً وإعلامياً لتغطي على اللعب الحقيقي الذي يجري بين أجهزة الدول المتناحرة..
لكن المشكلة التي تواجه الشعوب، هي عدم الربط بين الأحداث والتحركات الدولية، فتتعامل مع كل حدث على حدة، وحتى لو ربطت بينها يكون الربط غير وثيق، فيبقى الفكر حائراً في تفسير التحركات الدولية! فالتوترات أصبحت على مستوى الكوكب، ويصحب كل هذه النشاطات، تصريحات وحروب كلامية، لا تستطيع الجزم بجديتها!، يقابلها تدفق معلومات كبير عبر شبكات الانترنت ومواقع التواصل، ترسم صورة موازية تشتت الرأي العام وقد ينجر اليها ويقع في مستنقعاتها المحللون، والمراقبون للتحركات الدولية، ووسائل الاعلام..
الدور الروسي الخطير في سوريا ثم في أوكرانيا، يشغل العالم ويشي بأن هناك مخططات تتعدى ما يظهر على السطح، فما الرابط بين الأزمة السورية والأوكرانية؟، بل كيف جاءت روسيا الى الشرق الأوسط تحت سمع وبصر أوروبا، دون أن تمنعها؟، وهل تقبل أوروبا بوجودها في هذه المنطقة المتقدمة خارج نفوذها الطبيعي..
لو كانت أوروبا في قوتها، أو لو كان حلف شمال الأطلسي متعافياً، لما حصل ذلك؟، وهذه صورة من صور البراغماتية الغربية التي لا تعرف صديقا ولا محالفاً، المهم المصالح الذاتية، وروسيا جاءت تحت غطاء أميركي رغم استنكار أميركا لأفعالها إعلامياً!!..
_ الهدف من مجيء روسيا الى سوريا - طبعاً باتفاق مع أميركا-، هو إيقاف المخطط الغربي الذي يسعى لتجديد الهيمنة الغربية على العالم العربي، عن طريق الثورات الشعبية، مدعومة بالمنظمات الدولية لكسر المخططات الاميركية التي تهدف الى إنهاء النفوذ الغربي في آسيا وأفريقيا، ودحرها داخل حدودها، وإتمام المهمة الأميركية (صفقة القرن).
فلو كان لأوروبا خيار، ما قويت تركيا، ولا تنفست روسيا، لتبقى هي المهيمنة على الموقف الدولي قرنا آخر، ولكن لم تواتها رياحُها، وأصبحت الآن تعاني من الاجتياح الأميركي وحلفائه الجدد..
_في الحالتين السورية والأوكرانية، حاولت أميركا وروسيا، إرباك أوروبا عن طريق الهجرات البشرية، من الجنوب، والشرق، للضغط عليها، وحاولت أوروبا إحراج أميركا عن طريق فضح استخدام الاسلحة الكيماوية ضد المدنيين، حيث نفذت المخابرات الغربية أكثر من هجوم كيماوي وألصقته بالنظام السوري، لكن أميركا امتصت الصدمة، وتجاوزتها، وجعلت من تركيا وسوريا حراباً دامية مرفوعة في وجه فرنسا وصويحباتها، ثم جاءت الأزمة الأوكرانية لتكمل الدائرة وتقوم بنفس الهدف الذي أرادته أميركا في الحالة السورية للإجهاز على النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط وأفريقيا..
_روسيا حاربت في سوريا ما يسمى الارهاب ولاحقت فلوله بمساعدة أميركا، نفسُ الجماعات المتطرفة وقفت مع أوكرانيا ضد روسيا وصعد الخطاب الديني، ما يعني أن الجماعات المسلحة سلاح أوروبي فرنسي يقف في وجه التمدد الأميركي..
_الفرق بين سوريا وأوكرانيا هو أن الروس في سوريا دعموا النظام، وفي أوكرانيا حاربوا نظام الحكم، لكن الهدف واحد، هو إشغال أوروبا بنفسها عن تدارك مستعمراتها التي تتفلت منها في آسيا وأفريقيا بإلقاء كرة النار في حجرها.
بالمختصر، الأحداث تتسارع، ولا يستطيع أحد تقدير ردة الفعل الأوروبية، تجاه ما حدث في سوريا وما يحدث الآن في أوكرانيا، وهل ستكون ردود الفعل قوية ضد روسيا وحدها أم تتعداها الى المصالح الأميركية؟، وهل ستطال هذه الردود القوية "الكيان المسخ"، كونه يعتبر بيضة القبان الاستعمارية، الذي بدأ المعسكر الغربي يلمح الى استهدافه، وكون الأمر وصل الى "كسر العظم" قد تستخدم فرنسا حركات مقاومة داخل الكيان وتسهل لهم عمليات نوعية (وعلى المقاومة استثمار هذا الخلاف للنيل من الكيان المسخ)، وقد يميط الطرفان اللثام ويتقابلان وجها لوجه، والأيام القادمة ستكشف مدى استعداد أوروبا للسير باتجاه الحفاظ على مكانتها، أم ترمي بأسلحتها كلها في الصراع، وفي هذه الحالة سيدفع الكيان الثمن الأكبر، أم أنها سترفع الراية البيضاء وتقر بالهزيمة..؟!!
..

نيسان ـ نشر في 2022-04-11 الساعة 11:39


رأي: صابر العبادي

الكلمات الأكثر بحثاً