اتصل بنا
 

الانتخابات تعيد ازمة الحجاب في فرنسا

نيسان ـ نشر في 2022-04-22

x
نيسان ـ قبل 10 سنوات اعتنقت الفرنسية، ليزا ترواديك، الإسلام وبدأت في ارتداء الحجاب، لكنها تشتكي من تعرضها لإساءات لفظية ونظرات مهينة ومضايقات في بعض الأحيان.
وقالت ليزا لـ"رويترز"، إنها تخشى تفاقم شعورها بالاغتراب في فرنسا إذا فازت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، بالرئاسة في الجولة الثانية المقررة الأحد القادم.
وترى ليزا أن إصرار لوبان على منع المسلمات من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة سيكون تفرقة ضد المسلمات مثلها ممن يلتزمن بالقيم العلمانية لفرنسا.
وعلى أمل إبقاء، لوبان، بعيدة عن السلطة ستصوت للرئيس المنتهى ولايته، إيمانويل ماكرون، ولكن على مضض، خاصة وأن سجله في التعامل مع دينها أقنعها بأن الشعور المعادي للمسلمين في تزايد في فرنسا.
وتدعم البيانات هذا الشعور إذ تكشف أرقام صادرة عن وزارة الداخلية عن ارتفاع حاد في الأفعال العنصرية والمسيئة للمسلمين في 2021، رغم تراجعها بحق معتنقي ديانات أخرى.
وشبهت ليزا الاختيار بين لوبان وماكرون في الانتخابات الرئاسية بأنه "اختيار بين رهاب الإسلام ورهاب الإسلام"، وهو ما يعني أن التصويت لماكرون "خيار مر لكن لا مفر منه"، على حد تعبيرها.
وتعهد ماكرون بأنه سيواصل مكافحة ما يصفه بأنه "نزعة انفصالية إسلامية" وسيستمر في الدفاع عن العلمانية الفرنسية رغم تأكيده أنه ضد حظر ارتداء الرموز الدينية في الأماكن العامة.
وتريد لوبان حظر الحجاب بالأخص في الأماكن العامة، وتعهدت بمحاربة "الأيديولوجيات الإسلامية" التي تصفها بأنها "شمولية".
وقبل أقل من أسبوع على الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية، كشف معاونون للمرشحة اليمينية أن حظر الحجاب في الأماكن العامة لم يعد على رأس أولوياتها في النضال ضد التشدد الإسلامي.
لكن نائب رئيسة "التجمع الوطني"، جوردان بارديلا، شدد على أن حظر الحجاب هو "الهدف على المدى الطويل".

** تعزيز قيم الجمهورية
لكن جذور تلك الأزمة لم تكن وليدة اللحظة، فقد سبقها أزمات مشابهة تتعلق بالحجاب جاء أخرها في عام ٢٠٢٠، عندما بدأ الحديث عن قانون "تعزيز قيم الجمهورية".
ووقتها طرح ماكرون خطته لمكافحة "النزعات الانفصالية"، وبدأ النقاش حول دمج المسلمين في المجتمع الفرنسي.
وكذلك مناقشة مخاوف الدولة الفرنسية من تمويل بعض المساجد والجمعيات من الخارج، قبل أن يتحول الأمر إلى نقاش حول الحجاب، قبل أن تتطور الأمور سريعاً.
وفي أكتوبر 2020، أعلن ماكرون نية الدولة الفرنسية التصدي لما وصفه بـ "الانعزالية الإسلامية"، الساعية إلى "بناء نظام مواز وإنكار الجمهورية"، معلناً الخطوط العريضة لمشروع قانون "مكافحة النزعات الانفصالية" الذي يستهدف تحديداً "الإسلام السياسي".
وبعد موجة غضب عارمة شملت مسلمين في فرنسا وحول العالم، تم تعديل اسم مشروع القانون وسمي "مشروع القانون الهادف إلى تعزيز العلمانية وتقوية قيم الجمهورية"، قبل أن يثير القانون الكثير من الجدل بين الأوساط الفرنسية.
وتضمن قوانين العلمانية الفرنسية الحرية الدينية لجميع المواطنين ولا تحتوي على أحكام بشأن حظر ارتداء الرموز الدينية في الأماكن العامة، باستثناء اللباس الذي يغطي الوجه بشكل كامل (النقاب)، والذي تم حظره في عام 2010.
كما يُمنع موظفو مؤسسات الدولة من إظهار دينهم وكذلك أطفال المدارس.
ويرغب العديد من السياسيين اليمينيين في فرنسا في توسيع القيود المفروضة على الحجاب، معتبرين أنه "بيان سياسي يدعم الإسلاموية" وانه إهانة للقيم الفرنسية.
وخلال السنوات الأخيرة، اقترحوا منع الأمهات المصاحبات للأطفال في الرحلات المدرسية من ارتداء الحجاب، كما سعوا إلى حظر ملابس السباحة التي تغطي الجسم بالكامل والمعروفة باسم البوركيني.

** الفرنسيون والحجاب
يعيش في فرنسا ما بين خمسة وستة ملايين مسلم، ما يجعل من الإسلام ثاني الديانات الكبرى في البلد ومن مسلمي فرنسا الأكبر عددا في أوروبا، وفقاً لـ"فرانس برس".
ومنذ عام 2003، صدرت قرارات حكومية تتعلق بزي المرأة المسلمة في فرنسا، في ظل تخوفات فرنسية مستمرة من المساس بـ"قيم العلمانية الفرنسية".
وفي وقت سابق نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن الباحثة القانونية الفرنسية، ريم ساره علوان، قولها "إننا نشهد تبريرًا لانتهاك الحرية والحقوق الأساسية باسم الأمن وبتسليح العلمانية".
ووصفت قانون تعزيز قيم الجمهورية بـ"وحش قانوني مشوه"، معتبرة أنه "لا يهدف فقط لاحتواء المسلمين ولكن لمحوهم من المجال العام".
لكن يبدو أن تاريخ فرنسا مع التشريعات المرتبطة بالحجاب، قديم، وفي محاولة لفهم جوانب القضية أصدر، الكاتب "جون .ر. بوين"، أستاذ الآداب والعلوم، والباحث في الأنثروبولوجيا ومدير مبادرة التعددية والسياسة والدين بجامعة واشنطن، كتاباً بعنوان "لماذا لا يحب الفرنسيون الحجاب: الإسلام، الدولة، والمساحة العامة".
يبين بوين أنه من الصعب البحث في حاضر فرنسا بعيداً عن تاريخها، حيث يرى أن "للفرنسيين نزعة لمراجعة التاريخ لدى العمل على حل أي قضية راهنة".
ويعتبر بوين أن الإسلام أضاف مزيداً من التعقيد إلى النموذج الفرنسي بسبب تاريخ فرنسا الاستعماري وتشابكاته.
ويري بوين أن هناك تاريخ طويل ومستمر لعلاقة معقدة بين فرنسا ومجتمعات المهاجرين من أصول مسلمة.

نيسان ـ نشر في 2022-04-22

الكلمات الأكثر بحثاً