اتصل بنا
 

القطة السوداء

نيسان ـ نشر في 2022-04-29

نيسان ـ كما كل الصغار اقتنيت ذات مرة قطة سوداء صغيرة، اهتممت بها بقدر ما أستطيع، صنعت لها من باقي القماش تنورة، أضعها في البانيو، اغسلها رغم خرمشتها ومقاومتها الخشنة، أقدم لها مما نأكل، في ذاك الزمن كان طعامنا مثل طعام كل عائلات القرى البسيطة، قد نتناول وجبة الدجاج يوم الجمعة، إما عن طريق الشراء من المدينة في حالة تسوق أهلنا، أو ذبح احد الديكة الفائض عن حاجة دجاجاتنا، في حالة تواجد الضيوف، كنا ننتظر ما يتبقى من وراء وجبتهم، من المعيب أن تُعقب جدتي بعض قطع اللحم من سدر المنسف، يعني أنت وحظك ومعدة الضيف...
ذات يوم فقدت قطتي سيكا، التيرفضت التخلي عنها رغم تحذيرات اهلي بأن القط الأسود هو عبارة عن جني ولا تجوز تربيته داخل البيت، إلا أن إصراري فاق رغبتهم حينذاك.
لم اترك تبان، كوارة قمح، تحت العرازيل إلا وبحثت عن سيكا، حتى خزان الماء وبرك القرية القريبة ، الخرابة المجاورة.. كله نبشته بدون جدوى.
مرت الأيام، حزنت على قطتي بعض الوقت من ثمة نسيتها نهائيا، قد تكون مرت سنة، كان قد فتح في قريتنا محل لبيع الدواجن، حيث صار شراء هذه السلعة أكثر يسرا مما سبق، كعادتي كنت اجوب حارتنا وطرقاتنا ، مررت بالقرب من النتافة الجديدة ، رأيت قطتي، هي ذاتها، كبرت واكرشت، تضخم رأسها، هي، أعرفها، ولو غابت أعوام، الخائنة للملح والزاد، والغفوات في حضني، والتمغط بالقرب من الصوبا، ناديت عليها وهي تغادر مكان النتافة ، سيكا سيكا.. وقفت والتفتت نحوي، ثبتت نظرها في نظري، عتاب.. تبرير.. لؤم.. غدر.. نسيان.. خلص ما عاد أريدك...وجدت الأفضل والأرغد... كلها كلمات فاضت من سيكا وهي تلوي رأسها وتتابع سيرها بعيدا عني... لقد رأيت نفسي لها وطنا ولكنها رأتني نتافة دواجن.. تماما كما رأى البعض وطنهم.. حقيبة وأرصدة أشبه ماتكون بنتافة ...!!!

نيسان ـ نشر في 2022-04-29


رأي: ميسر السردية

الكلمات الأكثر بحثاً