خطأ روسيا الاستراتيجي في أوكرانيا
نيسان ـ نشر في 2022-04-30 الساعة 09:25
نيسان ـ يتعاظم إدراك روسيا خطأها الاستراتيجي الكبير بغزو أوكرانيا. يظهر هذا جليا في سلوك روسيا العسكري ميدانيا، ويظهر أيضا بتراجع حدة تصريحاتها السياسية والدبلوماسية.
روسيا تبحث عن مخرج مشرف لما حدث والبعض يحاول مساعدتها على ذلك، بعد أن أدركت أنها أقدمت على قرار يعد البديل الأسوأ من بين بدائل متعددة، وأنه مكلف اقتصاديا وسياسيا، وأنه وحّد كامل الغرب وحلف الناتو بقوة في مواجهة الغزو الروسي.
ثمن الاجتياح اقتصاديا وحده كافٍ لكي تدرك روسيا حجم المغامرة غير المحسوبة التي أقدمت عليها، فالتوقعات تشير الى أن الاقتصاد الروسي سوف ينكمش بمعدل 15 % هذا العام، وهذه ضربة قاسمة سيدفع ثمنها صانع القرار الروسي.
حتى محاولات بيع الغاز بالروبل لم تؤت الثمن السياسي والاقتصادي المؤمل، فبعض الدول قبلت بذلك لكن دون تغيير موقفها من الغزو الروسي، ودول أخرى لم تقبل التعامل بالطاقة بالروبل الروسي وذهبت لمصادر أخرى للطاقة، ولكن وفي كل الأحوال، فإن الدفع بالروبل لا يفيد كثيرا الاقتصاد الروسي وإن كان سيعزز من قوة العملة، ففي نهاية الأمر أي شيء تحتاج روسيا شراءه من العالم الخارجي لا بد أن يتم بالدولار أو اليورو وممكن بالين، ولن يقبل أحد بيع بضاعة لروسيا مقابل الروبل الذي لا يوجد طلب دولي عليه، فهذا أمر قد تجاوزه الزمن.
يمكن حل هذه المعضلة والعمل بنظام المقايضة البدائي، لكن هذا يعيد روسيا لزمن ما قبل اختراع العملة، وهو أيضا صعب جدا ويعيق الأعمال والتجارة والتقدم والرفاه، لا سيما واللحظة الزمنية المعقدة التي نعيش، فيها درجة تشابك اقتصادي عالمي من لا يكون جزءا منه يخسر كثيرا.
لا مناص أمام روسيا إلا النجاح بالمفاوضات مع أوكرانيا، وهذا بدروه قد يوقف النزيف ولكنه لن يرفع العقوبات التي ستأخذ سنوات طويلة. الغرب لن يفوت هذه الفرصة لمعاقبة روسيا وجعلها تدفع ثمنا غاليا جراء خروجها عن قواعد العمل الدولي.
الغرب في وضع مثالي استراتيجيا لمعاقبة روسيا وسوف يستثمر ذلك لا محالة، لسان حاله يقول إنه يريد أن ينهي فصل الحرب الباردة في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عن طريق الإجهاز على روسيا ونزعتها القومية التي ورثت الشيوعية.
على روسيا أن تدرك ذلك وتبدأ بالتفاوض بمرونة لا أن تتوقع المرونة من أوكرانيا، فروسيا هي من يحتاج إلى التفاوض والخروج من الأزمة الحالية. يحتاج الأمر لكثير من الشجاعة والاشتباك مع الرأي العام الداخلي الروسي ومع الغرب، على قاعدة أنه يجب أن نؤسس لقوانين عمل وتفاعل جديدة، وقاعدة وقف الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وبالمقابل أن يتم رفع العقوبات؛ نعم هذه هي معادلة التفاوض الجديدة -وقف الغزو مقابل رفع العقوبات- وليس وقف الاجتياح مقابل عدم انضمام أوكرانيا للناتو، لأن وقف الانضمام للناتو شرط تحقق بالفعل، ولأن العقوبات أقسى على روسيا من انضمام أوكرانيا للناتو.
(الغد)
روسيا تبحث عن مخرج مشرف لما حدث والبعض يحاول مساعدتها على ذلك، بعد أن أدركت أنها أقدمت على قرار يعد البديل الأسوأ من بين بدائل متعددة، وأنه مكلف اقتصاديا وسياسيا، وأنه وحّد كامل الغرب وحلف الناتو بقوة في مواجهة الغزو الروسي.
ثمن الاجتياح اقتصاديا وحده كافٍ لكي تدرك روسيا حجم المغامرة غير المحسوبة التي أقدمت عليها، فالتوقعات تشير الى أن الاقتصاد الروسي سوف ينكمش بمعدل 15 % هذا العام، وهذه ضربة قاسمة سيدفع ثمنها صانع القرار الروسي.
حتى محاولات بيع الغاز بالروبل لم تؤت الثمن السياسي والاقتصادي المؤمل، فبعض الدول قبلت بذلك لكن دون تغيير موقفها من الغزو الروسي، ودول أخرى لم تقبل التعامل بالطاقة بالروبل الروسي وذهبت لمصادر أخرى للطاقة، ولكن وفي كل الأحوال، فإن الدفع بالروبل لا يفيد كثيرا الاقتصاد الروسي وإن كان سيعزز من قوة العملة، ففي نهاية الأمر أي شيء تحتاج روسيا شراءه من العالم الخارجي لا بد أن يتم بالدولار أو اليورو وممكن بالين، ولن يقبل أحد بيع بضاعة لروسيا مقابل الروبل الذي لا يوجد طلب دولي عليه، فهذا أمر قد تجاوزه الزمن.
يمكن حل هذه المعضلة والعمل بنظام المقايضة البدائي، لكن هذا يعيد روسيا لزمن ما قبل اختراع العملة، وهو أيضا صعب جدا ويعيق الأعمال والتجارة والتقدم والرفاه، لا سيما واللحظة الزمنية المعقدة التي نعيش، فيها درجة تشابك اقتصادي عالمي من لا يكون جزءا منه يخسر كثيرا.
لا مناص أمام روسيا إلا النجاح بالمفاوضات مع أوكرانيا، وهذا بدروه قد يوقف النزيف ولكنه لن يرفع العقوبات التي ستأخذ سنوات طويلة. الغرب لن يفوت هذه الفرصة لمعاقبة روسيا وجعلها تدفع ثمنا غاليا جراء خروجها عن قواعد العمل الدولي.
الغرب في وضع مثالي استراتيجيا لمعاقبة روسيا وسوف يستثمر ذلك لا محالة، لسان حاله يقول إنه يريد أن ينهي فصل الحرب الباردة في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عن طريق الإجهاز على روسيا ونزعتها القومية التي ورثت الشيوعية.
على روسيا أن تدرك ذلك وتبدأ بالتفاوض بمرونة لا أن تتوقع المرونة من أوكرانيا، فروسيا هي من يحتاج إلى التفاوض والخروج من الأزمة الحالية. يحتاج الأمر لكثير من الشجاعة والاشتباك مع الرأي العام الداخلي الروسي ومع الغرب، على قاعدة أنه يجب أن نؤسس لقوانين عمل وتفاعل جديدة، وقاعدة وقف الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وبالمقابل أن يتم رفع العقوبات؛ نعم هذه هي معادلة التفاوض الجديدة -وقف الغزو مقابل رفع العقوبات- وليس وقف الاجتياح مقابل عدم انضمام أوكرانيا للناتو، لأن وقف الانضمام للناتو شرط تحقق بالفعل، ولأن العقوبات أقسى على روسيا من انضمام أوكرانيا للناتو.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2022-04-30 الساعة 09:25
رأي: د.محمد المومني