اتصل بنا
 

الأردن بين حماية الدينار و'الدولرة'

نيسان ـ نشر في 2022-05-10

نيسان ـ الجدل الدائر في الأردن حول رفع أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس له ما يبرره في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها جائحة كورونا والركود الحاصل في العملية الإنتاجية المحلية.
صانعو السياسة النقدية يعلمون أن مجاراة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي شر لا بد منه في ظل ارتباط الدينار بالدولار ودورانه في فلكه ، حتى لو كانت الدورة الاقتصادية في البلاد تختلف عن نظيرتها الأمريكية، ايمانا منهم بضرورة إحداث التناغم المطلوب مع السياسات النقدية الأمريكية والحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار وتلافي ظاهرة الدولرة .
السؤال لماذا قام البنك المركزي الأمريكي(الفيدرالي) برفع الفائدة؟ الجواب معروف ومعلن وهو مواجهة أزمة حادة للتضخم مع ارتفاع مستوياته الى أعلى مستوى في 40 عاما نظرا لتداعيات كورونا و الأزمة الروسية الأوكرانية ووقف سلاسل الإمدادات وزيادة تكلفة المواد الخام وارتفاع أسعار الطاقة سواء النفط والغاز الطبيعي أو الفحم ، الأمر الذي انعكس على ارتفاع الأسعار. وعادة ما تلجأ البنوك المركزية إلى رفع الفائدة للحد من مستويات السيولة المالية العالية في السوق في عملية ضبط لإيقاع النقد المتداول وذلك بزيادة تكلفة الاقتراض والحد من الديون منخفضة التكلفة.
السؤال الآخر هل قرار البنك المركزي الأردني رفع الفائدة صائب وما تأثيراته على الأفراد والشركات؟
بداية تعتبر مستويات التضخم في الأردن من المعدلات المقبولة عالميا وتصل إلى 2.5 % أما في الولايات المتحدة فتتجاوز 8 % ، ولا يوجد لدينا سيولة فائضة في السوق كما الحال أمريكا. كما أن رفع تكلفة الإقراض قد يؤدي الى تباطؤ الحركة الاقتصادية المتعطلة جزئيا لأسباب داخلية ما يحد من النشاط الاقتصادي والنمو بشكل عام.
الزيادة في أسعار الفائدة ستدفع البنوك إلى استغلالها وستشجعها على رفع التكلفة على المقترضين وهنا نحذر من أخطار ارتفاع الديون ودخول شرائح جديدة في فخ التخلف عن السداد نظرا لارتفاع الأسعار على المقترضين الحاليين والجدد في ظل الفائدة المتغيرة.
برأيي المطلوب العكس، وهو اتخاذ إجراءات وطنية للحد من آثار الزيادة في أسعار الفائدة على القطاعات الاقتصادية حتى لا تتوقف دورة نموها، وكذلك تسهيل القروض الميسرة التي يقدمها البنك المركزي، للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تخلق فرص عمل ، وذلك للحفاظ عليها من خطر الاغلاق وتوقف نشاطها.
أخيرا علينا الاعتراف بعدم قدرتنا على اتخاذ سياسات نقدية مستقلة بمعزل عن قرارات الفيدرالي الأمريكي، ولدينا بوادر تضخم مستورد كبير خلفته الحرب والتي أدت الى ارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الخام، لذلك يبدو المستقبل الاقتصادي أكثر صعوبة في ظل التطورات الجيوسياسية العالمية الحالية.
على صانعي السياسة الاقتصادية إدارة التضخم ليس فقط بأدوات التحكم بالمعروض النقدي وزيادة الفائدة، وانما بالنهوض بالعجلة الانتاجية، وبدون سياسات تراعي الظروف الاقتصادية المحلية في الودائع والقروض سنشجع الدولرة وتحويل مدخرات المودعين إلى الدولار بحثا عن عائد أفضل .. لهذا علينا الحفاظ على قوة وسعر صرف العملة وتعزيز القدرة الشرائية للدينار التي تتناقص في ظل التضخم المستورد وغياب انطلاقة حقيقية لقاطرة الاقتصاد الوطني بقيادة القطاع الخاص تحدث النمو المطلوب.

نيسان ـ نشر في 2022-05-10


رأي: د. محمود مشارقة

الكلمات الأكثر بحثاً