عن الدجاج وبيضاته .. في حارتنا ديك سادي سفاح

نيسان ـ إبراهيم قبيلات..
لم تصمد أسعار الدجاج أمام تشكيل ثقافة المقاطعة الشعبية سوى ساعات؛ فهوت نحو 50 قرشاً، لكن ذلك لم يعد كافياً، فالناس أقسمت أغلظ الأيمان أن لا تدخل الدجاج منازلها شهراً كاملاً.
لم يكن الأردنيون يمزحون وهم ينشرون صوراً لولائمهم منزوعة الدسم، كانوا يقولون إنهم جادون في المقاطعة، ولن يردهم شيء عن لجم الأسعار، وضبطها، بعد أن فشلت الحكومات في القيام بدورها.
حتى اللحظة القصة مرتبطة بالدجاج فقط، بعد قليل سيصبح الحديث عن الأمن الغذائي على أهميته، ورفع أسعار كثير من السلع الغذائية بحجج صارت معروفة.
تدرك الناس أن حديث الحكومات عن ضبط السوق مجرد كذبة كبيرة، فقررت حماية أمنها الغذائي وجيوبها بنفسها؛ فدشنت حملة شعبية لمقاطعة الدجاج؛ بعد أن طارت أسعاره عالياً، وصارت تتصدر واجهات الصحف والمواقع الإلكترونية.
وتدرك كذلك أن وراء ارتفاع أسعار الدجاج ديوكاً مسعورة، تستقيظ صباحاً ثم تبرم اتفاقاً مع ديوك من جلدتها بهدف تأطير شبق ارتفاع الأسعار، وتوزيع الغنائم فيما بينهم، وسط حالة من الصمت الرسمي على ما تفعله ديوك ممحونة.
فكرة المقاطعة لم تعد غريبة على سلوك الأردنيين، فقد خبروها سابقاً في أزمة البيض وفساده وارتفاع أسعاره، وخبروا منافعها.
ثمة رابط ما بين البيض والدجاج، ليس في جدلية "البيض من الدجاج أم الجاج من البيض"، إنما في فلسفة اللصوصية والحرمنة، واتساع دائرة الجشع لدى شريحة فاسدة، لا تقم وزناً لا لقانون ولا لغيره.
في البيض عفن أزرق، وفي الدجاج خلايا من فساد برائحة نتنة، لكن الحكومة لا تريد "شم" تلك الرائحة، وكل ما يمكن لها قوله هو في ربط ارتفاع الأسعار بالطلب في السوق.
اليوم ومن أبو ظبي قال رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، إن ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار والخلل في سلاسل التوريد هي أزمات يعاني منها العالم، مؤكداً أن الأردن يتبنى سياسات للتخفيف من آثارها.
ربما يكون هذا صحيحاً، لكن الصحيح أيضاً هو أن ديك الحارة يغضبه وعي الناس، ويفوت عليه فرصة الثراء؛ لذا سننشد له شيئاً من قصيدة الديك لنزار قباني .
في حارتنا ديك سادي سفاح
ينتف ريش دجاج الحارة
كل صباح
ينقرهن
يطاردهن
يضاجعهن
ويهجرهن
...
في حارتنا ديك
يخطب فينا
ينشد فينا .. يزني فينا .. فهو الواحد . وهو الخالد. وهو المقتدر الجبار .