تعقيدات الأزمة الأوكرانية
نيسان ـ نشر في 2022-06-04 الساعة 08:50
نيسان ـ تسونامي الأزمة الأوكرانية يتجاوز الأبعاد العسكرية والاقتصادية التي تابعناها منذ شباط الماضي مع بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
الأزمة تلقي بظلالها على العلاقات الدولية في أصقاع العالم كافة، والشرق الأوسط في قلب التأثر والتأثير في هذه الأزمة، التي وصفت بحق أنها الأكثر حدة في أوروبا منذ اجتياح ألمانيا لبولندا بعيد الحرب العالمية الثانية، وشبهت أيضا أنها قريبة لكونية الحرب الباردة التي لامست زوايا الكرة الأرضية كافة.
خسر بوتين الرهان، وحساباته الاستراتيجية لم تكن خاطئة فحسب، بل جاءت بنتائج عكسية؛ حيث زادت من إقدام أوكرانيا على الانضمام للناتو، ودفعت أيضا دولا مثل السويد وفنلندا لطلب الانضمام للناتو بسبب تغير بيئتهم الاستراتيجية كليا بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا. لكن، وبالرغم من ذلك، فقد دخلت أوروبا وروسيا، عمليا، مرحلة عض الأصابع، كما يقال في أدبيات نظرية اللعبة، والرابح هو الذي يصبر أكثر ويتحمل الألم أكثر. روسيا تتحمل ألما شديدا جراء العقوبات الاقتصادية، وعزلها عن نظام سويفت المالي الدولي، والتوقعات بانكماش كبير وتضخم هائل في الاقتصاد الروسي، وعزلة دولية شديدة جراء فقدان الثقة بالقيادة الروسية. روسيا بالمقابل، وبسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز، ضاعفت وارداتها المالية. أوروبا أيضا تواجه أزمة تضخم حادة وارتفاع أسعار جراء ارتفاع أسعار الطاقة، وثمة أزمة إمدادات بالغذاء تعاني منها أوروبا يتوقع أن تتفاقم، ناهيك عن أزمة اللاجئين. غير واضح من الذي سيصرخ من الألم قبل الآخر؛ الطرفان يتألمان، رغم أن أوروبا موحدة بقوة داخليا ومع أميركا لجعل بوتين يدفع ثمنا قويا جراء الاجتياح، ولكنها بسبب حسابات سياسية داخلية، بدأت تفكر بعقلانية، وتطلب من بايدن أن يجد مخرجا للأزمة، ويفتح ثغرة لخروج يحفظ للرئيس الروسي ماء الوجه.
بدأ ذلك بالفعل، فبالتزامن مع نظام العقوبات الاقتصادي الصارم على روسيا، ومع استمرار تدفق الأسلحة النوعية لأوكرانيا لمقاومة روسيا، نرى نبرة أكثر هدوءا تتحدث عن أن روسيا أخطأت وأنه لا ثقة بالرئيس الروسي، لكن لا مفر من التعايش معا. ظهر هذا جليا عندما أوضح الرئيس بايدن في تصريحاته، قائلا إنه لم يدعُ للإطاحة بالرئيس الروسي، وإنه يعتبر ذلك قرارا للشعب الروسي. بايدن أكد أيضا أنه لن يرسل جنود لأوكرانيا إلا إذا تم المساس بأعضاء حلف الناتو، كما أنه لن يرسل أسلحة تهدد ما هو خارج حدود أوكرانيا. بايدن يتعامل بعقلانية شديدة بعدما حقق نصرا دوليا هائلا بتوحيد وتصليب الناتو، وفرض نظام عقوبات اقتصادي صارم على روسيا. هو الآن يعي أنه يتعامل مع دب جريح داخليا وخارجيا، ولذلك فهو دب خطير جامح يحتاج لمخرج آمن يحفظ الكرامة وماء الوجه.
هذه هي العلاقات الدولية، تبنى على حسابات الربح والخسارة وليس أي شيء آخر، لا عواطف ولا مشاعر، إنها عالم المصالح الذي يجعل عدو اليوم صديق الغد، وصديق اليوم عدو الغد. وعليه، فإن أزمة أوكرانيا مفتوحة على الاتجاهات كافة.
الغد
الأزمة تلقي بظلالها على العلاقات الدولية في أصقاع العالم كافة، والشرق الأوسط في قلب التأثر والتأثير في هذه الأزمة، التي وصفت بحق أنها الأكثر حدة في أوروبا منذ اجتياح ألمانيا لبولندا بعيد الحرب العالمية الثانية، وشبهت أيضا أنها قريبة لكونية الحرب الباردة التي لامست زوايا الكرة الأرضية كافة.
خسر بوتين الرهان، وحساباته الاستراتيجية لم تكن خاطئة فحسب، بل جاءت بنتائج عكسية؛ حيث زادت من إقدام أوكرانيا على الانضمام للناتو، ودفعت أيضا دولا مثل السويد وفنلندا لطلب الانضمام للناتو بسبب تغير بيئتهم الاستراتيجية كليا بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا. لكن، وبالرغم من ذلك، فقد دخلت أوروبا وروسيا، عمليا، مرحلة عض الأصابع، كما يقال في أدبيات نظرية اللعبة، والرابح هو الذي يصبر أكثر ويتحمل الألم أكثر. روسيا تتحمل ألما شديدا جراء العقوبات الاقتصادية، وعزلها عن نظام سويفت المالي الدولي، والتوقعات بانكماش كبير وتضخم هائل في الاقتصاد الروسي، وعزلة دولية شديدة جراء فقدان الثقة بالقيادة الروسية. روسيا بالمقابل، وبسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز، ضاعفت وارداتها المالية. أوروبا أيضا تواجه أزمة تضخم حادة وارتفاع أسعار جراء ارتفاع أسعار الطاقة، وثمة أزمة إمدادات بالغذاء تعاني منها أوروبا يتوقع أن تتفاقم، ناهيك عن أزمة اللاجئين. غير واضح من الذي سيصرخ من الألم قبل الآخر؛ الطرفان يتألمان، رغم أن أوروبا موحدة بقوة داخليا ومع أميركا لجعل بوتين يدفع ثمنا قويا جراء الاجتياح، ولكنها بسبب حسابات سياسية داخلية، بدأت تفكر بعقلانية، وتطلب من بايدن أن يجد مخرجا للأزمة، ويفتح ثغرة لخروج يحفظ للرئيس الروسي ماء الوجه.
بدأ ذلك بالفعل، فبالتزامن مع نظام العقوبات الاقتصادي الصارم على روسيا، ومع استمرار تدفق الأسلحة النوعية لأوكرانيا لمقاومة روسيا، نرى نبرة أكثر هدوءا تتحدث عن أن روسيا أخطأت وأنه لا ثقة بالرئيس الروسي، لكن لا مفر من التعايش معا. ظهر هذا جليا عندما أوضح الرئيس بايدن في تصريحاته، قائلا إنه لم يدعُ للإطاحة بالرئيس الروسي، وإنه يعتبر ذلك قرارا للشعب الروسي. بايدن أكد أيضا أنه لن يرسل جنود لأوكرانيا إلا إذا تم المساس بأعضاء حلف الناتو، كما أنه لن يرسل أسلحة تهدد ما هو خارج حدود أوكرانيا. بايدن يتعامل بعقلانية شديدة بعدما حقق نصرا دوليا هائلا بتوحيد وتصليب الناتو، وفرض نظام عقوبات اقتصادي صارم على روسيا. هو الآن يعي أنه يتعامل مع دب جريح داخليا وخارجيا، ولذلك فهو دب خطير جامح يحتاج لمخرج آمن يحفظ الكرامة وماء الوجه.
هذه هي العلاقات الدولية، تبنى على حسابات الربح والخسارة وليس أي شيء آخر، لا عواطف ولا مشاعر، إنها عالم المصالح الذي يجعل عدو اليوم صديق الغد، وصديق اليوم عدو الغد. وعليه، فإن أزمة أوكرانيا مفتوحة على الاتجاهات كافة.
الغد
نيسان ـ نشر في 2022-06-04 الساعة 08:50
رأي: د.محمد المومني