الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي
نيسان ـ نشر في 2022-06-11 الساعة 11:47
نيسان ـ لم تعد العملية العسكرية الروسية الإستباقية التحريرية الدفاعية التي حركتها موسكو بتاريخ 24 شباط 2022 بإتجاه أوكرانيا أي منذ قرابة أربعة شهور خلت تشبه العمليات القصيرة من حيث الزمن، لكن يبدو بأن أهدافها العسكرية الدقيقة واسعة خاصة في شرق أوكرانيا وتجاوزت الـ 3000 هدفًا عسكريًا أوكرانيًا ومنها المصنّع أمريكيًا حيث إقليمي ( الدونباس ولوغانسك ) المستقلان شعبيًا ورسميًا وإعتراف روسي – بهما، وبتوقيعهما إلى جانب توقيع الرئيس بوتين ومعاهدة دفاع مشتركة، وبعد دعوة منهما لإنقاذهما من تطاول الجيش الأوكراني،، وارتكازٌ على المادة 51/7 من مواد الأمم المتحدة التي تخول الدولة المعتدى عليها الدفاع عن النفس وفصائل ( أزوف وبنديرا ) المتطرفة والعنصرية وحتى النازية وهي العملية العسكرية التي لا تشبه الحروب وأرادت لها موسكو أن تكون نظيفةً فعلاً في تعاملها الحسن مع السكان الأوكران ومع أسرى حرب أوكرانيا، وهو ما حدث ويحدث فعلاً بالمقارنة مع التعامل السلبي مع الأسرى الروس العسكريين، ورسائل المستشفيات الروسية تثبت ذلك حيث بلغ الأمر بالجانب الأوكراني فقئء العيون وإزالة الأعضاء البشرية للجنود الروس، وهو عمل مشين مستنكر، ولأسير الحرب قانونًا دوليًا يحميه كما نعرف ولا مكان لشريعة الغاب في دنيانا .
ويغيب عن أذهان المراقبين بأن تداخلاً ديموغرافيًا روسيًا وأوكرانيًا داخل أوكرانيا وأقصد في المنطقة التي تجري فيها العملية العسكرية الروسية وتصطدم مع الجانب العسكري الأوكراني شرقًا يعيق تقدم المعارك بحرية واسعة، وفي نهاية المطاف الشعبان الروسي والأوكراني واحد ينحدران من عائلة سلافية تاريخية واحدة، وتربطهما روابط إجتماعية ًمتينةً حيث الحسب والنسب، والجيرة واللغة الحدودية الواحدة الممزوجة ( بالروسية " خَخْلِي " ) ولا حرب ممكن تصورها بين الشعبين الروسي والأوكراني، ولا حتى بين الدولتين الروسية والأوكرانية، والتاريخ السوفيتي على مستوى بناء الاتحاد وعلى مستوى المجاعة الواحدة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي والنصر الواحد الكاسح على النازية الألمانية عام 1945وتجاوز حصار " ليننغراد 1941 1943"ورفع العلم السوفيتي فوق مبنى ( الرايخ – البرلمان الألماني ) شاهد عيان على وحدة الصف ومنها الروسية – الأوكرانية، وتصريح حديث لوزير خارجية روسيا سيرجي لافروف بتاريخ 6 حزيران 2022 أكد فيه بأنه كلما زادت كمية الأسلحة الغربية المرسلة لغرب أوكرانيا كلما توسعت العملية العسكرية داخل أوكرانيا. وهنا مربط الفرس ( والكلام لي ) في موضوع سر إطالة الحرب ( العملية ) ودخول مدينة ( دانيتسك ).
فما هي أسباب الحرب الأوكرانية الحالية فعلا؟ وهل هي أوكرانية خالصة؟ من رفض الحوار أولاً حول المسألة العالقة بين غرب وشرق أوكرانيا من أجل المحافظة على سيادة أوكرانيا عبر الأقاليم الثلاثة المختلف عليها داخل أوكرانيا وبين أوكرانيا وروسيا وليس بالعكس أي بين روسيا وأوكرانيا مثلا ؟ لقد غررت أمريكا مبكرا بأوكرانيا عام 2014 عبر تحريك ثورات برتقالية في ميدان العاصمة ( كييف ) والإشتراك مع بريطانيا وعموم الأجهزة اللوجستية الغربية أفضت إلى إنقلاب دموي أثمر إلى التخلص من آخر رئيس أوكراني موالي لروسيا الاتحادية أولاً وهو فيكتور يونوكوفيج، وبهدف إجتثاث الحضور الروسي في أوكرانيا وما تبقى من علاقات مع السوفييت، وعين أمريكا ومعها الغرب المنقاد لها على أهمية إستمرار الحرب الباردة وسباق التسلح لإبقاء روسيا ضعيفة داخليًا لا تقوى على تصنيع السلاح الجديد خاصة غير التقليدي منه والمتطور، ولكي تبقى كلمة الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال قطبها الواحد هي المسيطرة على أركان العالم، والمواجهة بصلافة لعالم الأقطاب المتعددة الذي تقوده روسيا الاتحادية منذ إنهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 .
ولقد خسرت أوكرانيا فورًا إقليم ( القرم ) الذي قدمه لها الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف عام 1954 هدية وقربان صداقة ومن أجل الحصول على ميناء بحري ولغاية اقتصادية، وبقي في العهدة الأوكرانية ومخازنها من دون تطوير (60) عامًا حتى مشارف عام 2014 حيث عهد الرئيس بوتين الذي إلتقط توجه القيادة الأوكرانية والنخبة السياسية الجديدة في أوكرانيا، وهي المتطرفة والمحسوبة على التيار البنديري - نسبة لجدهم ( بنديرا ) في عمق الجانب النازي في الحرب العالمية الثانية صوب إدارة الظهر بالكامل لروسيا جارة التاريخ، والتوجه لبناء علاقات مشبوهة مع الغرب بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني على أسس غربية حديثة ومحاولة دخول حلف ( الناتو ) العسكري المعادي لروسيا ولدخول الاتحاد الاوروبي الذي لم تمانع روسيا دخول أوكرانيا إليه، ووصل الغرور بـ-( كييف ) للبدء بإنتاج (قنبلة نووية ) وبالتعاون من جديد مع الغرب الأمريكي بهدف تشكيل قوة ضاغطة على روسيا لإعادة إقليم ( القرم ) الذي أصبح روسيا كما تاريخه العريق منذ عهد الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية عام 1783وإلى الأبد، ولضم إقليمي ( الدونباس ولوغانسك ) لغرب أوكرانيا وللسيادة الأوكرانية عنوة وبالقوة خارج إطار الديمقراطية والإنسجام السياسي من عدمه .
والحراك الأوكراني الغربي لم يكن بريئًا منذ عهد الرئيس الأوكراني السابق (بيترو باراشينكا) الذي ماطل في تنفيذ إتفاقية ( مينسك 2015) الهادفة وقتها لوقف القتال الدائر بين غرب وشرق أوكرانيا فورًا ولمواصلة الحوار لتثبيت أسس جديدة لبناء إستقلال الدولة الأوكرانية في زمنٍ طالب به الإقليمان ( الدونباس ولوغانسك ) بالحكم الذاتي في إطار الدولة الأوكرانية وهو الذي حصل لا حقًا مع بدء العملية العسكرية الروسية التي يراد لها في الغرب الأمريكي أن لا تنتهي وتطول إلى سنين قادمة، وعينهم على إستنزاف روسيا وإضعافها وتمزيقها إلى مقاطعات إلى الأمام حسب رؤيتهم الإستراتيجية ولديهم رغبة دائمة بأن يحل أسطولهم الحربي النووي السادس مكان الأسطول الروسي النووي الراسي في مياه البحر الأسود بالقرب من ( القرم )، وسبق لأمريكا أن تحرشت بالحدود البرية والمائية والفضائية الروسية مرارًا بينما لم يسجل التاريخ المعاصر تحرشًا روسيًا مماثلاً بالغرب وعلى العكس تمامًا تقيم روسيا علاقات طيبة تاريخية معهم ومن زاوية الند للند وعلاقات تبادل تجارية مشهودة، وقدمت لهم حديثًا مشروعًا مفيدًا أطلقت عليه ( غاز 2) وكلف خزينتها (11) مليار دولارعملت أمريكا المناهضة لروسيا على إفشاله .
إذن الحرب الروسية – الأوكرانية ( العملية ) ليست حربًا روسية ولم تختارها ولم تبدأ من طرفها وخبايا وسطها كشفتها الإستخبارات الروسية مثل إكتشاف(30) مركزًا بيولوجيًا لإنتاج فايروسات ضارة بالبشرية ومن بينها ( كورونا ) التي سجلت سابقًا أرقامًا مرتفعة في روسيا تبين بأن مصدرها غرب أوكرانيا وبالتعاون مباشرة مع أمريكا وبتمويل من إبن الرئيس الأمريكي جو بايدن – الثري (هانتر)، والجنرال العسكري الروسي ( كيريلوف ) يكشف وقوف أمريكا خلف إنتشار جدري القرود (المصنع ) وليس الطبيعي بطبيعة الحال وهو الأخطر على البشرية من كورونا. ويخطيء من يعتقد بأن غرب أوكرانيا والغرب الأمريكي وما يضخ من أسلحة حديثة وأموال هائلة في ( كييف ) سيتنصر في الحرب الدائرة تمامًا حسب ما يعتقد الرئيس ( فلاديمير زيلينسكي )قبل أية مفاوضات قادمة، والمعروف بأن ( زيلينسكي )الفنان الساخر، هو كاتب مسرحية الحرب بنفسه وبالتعاون مع الغرب، ومع أمريكا وبريطانيا تحديدًا، وهو الذي أوصل بلاده إلى الهاوية والدمار وإلى فقدانها أقاليمها الثلاثة ( القرم والدونباس ولوغانسك ) وتسبب في تدمير بنيتها التحتية المحتاجة لإعادة بناء بأموال عالمية مليارية في وقت ينتشر فيه الفقر، والتضخم المالي، والبطالة في غرب أوكرانيا الخالية من المصانع ومن مخزون الفحم المتواجد في الجناح الشرقي فقط وبنسبة تصل إلى 80% من مخزون العالم.
ويردد الرئيس زيلينسكي ما تمليه عليه مؤسسات ( البنتاغون، والكونغرس والأيباك ) عبر توقيعه مرسوما جمهوريا يعاقب الرئيس بوتين بدلا من محاورته ولو إفتراضيا، ومعاقبة مدير مكتب قصر الكرملين الرئاسي ( دميتري بيسكوف ) فقط لأنه يصرح ويتابع حدث الحرب ورئيس الوزراء الروسي ميشوستين الذي لا يتحدث بالسياسة الخارجية كما سيرجي لافروف وزير الخارجية، وشمل المرسوم إثنين من نواب رئيس الوزراء أيضا ( بيلسوف وغوليكوف ) ولأسباب غير واضحة، والواضح بأن زيلينسكي فقد بوصلة الحوار والحرب، والنصر سيكون إلى جانب روسيا السياسة والعسكرة والدبلوماسية، والقوة الروسية العسكرية المشاركة في الحرب الأوكرانية لا تمثل قوة نار روسيا الجاهزة دائما لمواجهة قوة نار حلف ( الناتو ) مجتمعا وحتى لا نذهب بعيدا فإن موسكو لا تبحث عن الحروب والصراعات والأزمات لكنها لا تقبل الضيم ولها في أوكرانيا قضية عادلة ومظلمة أوضحها هنا من جديد لمن فاته الإطلاع عليها .
إن مقتل أكثر من 14 الفا من أوكران شرق أوكرانيا برصاص غرب أوكرانيا منذ عام 2014 تعد جريمة حرب فعلية ولاتقارن بحادثة مدينة ( بوجا ) قرب العاصمة ( كييف ) التي أعتبرت من قبل طرف غرب أوكرانيا والغرب الأمريكي حادثة إبادة روسية، وتم المبالغة فيها وإدخال دبلجة أمريكية إعلامية أكدها العسكري الفرنسي ( أدريان بوكيه ) لوكالة ( نوفستي ) الروسية عبر نقل جثث من ميدان القتال وتصويرها من قبل الإعلام الأمريكي على أنها بفعل روسي دفعت بإتجاه إدانة روسيا عالميا وإخراجها من منظمة حقوق الإنسان بتصويت (93) دولةبما فيهن (إسرائيل) المفترض فيها أن تلتزم الحياد إن لم تكن راغبة بمساندة روسيا الاتحادية التي عمل جيشها الأحمر والسوفييتي في عهد ( جوزيف ستالين ) على المساهمة بقوة في تثبيت أساساتها على أرض فلسطين العربية والتسبب في تشريد مليون أوكراني وروسي إلى داخل الأراضي الروسية وقبوع غيرهم في الملاجيء، ومقتل عدد كبير من الأطفال في شرق أوكرانيا مؤشر أخر دفع ( موسكو- بوتين ) لكي تجتمع قيادتها وتتخذ المشورة وقرار الحرب ( العملية العسكرية ).
وروسيا لم تذهب إلى أوكرانيا محتلة ولم تستهدف عاصمتها ( كييف ) الواجب أن تبتعد عن تنفيذ مؤامرة الغرب لإنتاج ( قنبلة نووية ) إلى الأمام وضرورة أن تلتزم الحياد تجاه حلف ( الناتو ) وإلا فإن الأيام الساخنة جدا لم تظهر بعد من الجانب الروسي فوق سماء العاصمة الأوكرانية وهو ما لا أتمناه لها، ومسألة مقتل الأردني الشاب من أصل أوكراني في شرق أوكرانيا ( فارس الشامي ) رحمه الله، وهو المجند في صفوف الجيش الأوكراني أعطى دلالة على أن غرب أوكرانيا تدفع إلى ميدان القتال عناصرا من أصول أجنبية وتبقي على جنودها في صفوف التموين .
وفي الختام هنا فإن روسيا التي قادت الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية وتمكنت بقوة من دحر النازية الألمانية، وهو الدور الذي فسر خطأ من قبل ( كييف ) وأوضحه بدقة نائب البرلمان الروسي – السياسي المحترف البروفيسور ( فيجيسلاف نيكانوف ) في كتابه ( من بدأ الحرب ؟ )، هي ذاتها روسيا التي تواجه صلفا من طرف غرب أوكرانيا وغربيا بقيادة أمريكا لم يشهده التاريخ الحديث المعاصر منذ تلك الحقبة الزمنية القاسية التي دفع فيها السوفييت 27 مليون شهيدا .
ويغيب عن أذهان المراقبين بأن تداخلاً ديموغرافيًا روسيًا وأوكرانيًا داخل أوكرانيا وأقصد في المنطقة التي تجري فيها العملية العسكرية الروسية وتصطدم مع الجانب العسكري الأوكراني شرقًا يعيق تقدم المعارك بحرية واسعة، وفي نهاية المطاف الشعبان الروسي والأوكراني واحد ينحدران من عائلة سلافية تاريخية واحدة، وتربطهما روابط إجتماعية ًمتينةً حيث الحسب والنسب، والجيرة واللغة الحدودية الواحدة الممزوجة ( بالروسية " خَخْلِي " ) ولا حرب ممكن تصورها بين الشعبين الروسي والأوكراني، ولا حتى بين الدولتين الروسية والأوكرانية، والتاريخ السوفيتي على مستوى بناء الاتحاد وعلى مستوى المجاعة الواحدة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي والنصر الواحد الكاسح على النازية الألمانية عام 1945وتجاوز حصار " ليننغراد 1941 1943"ورفع العلم السوفيتي فوق مبنى ( الرايخ – البرلمان الألماني ) شاهد عيان على وحدة الصف ومنها الروسية – الأوكرانية، وتصريح حديث لوزير خارجية روسيا سيرجي لافروف بتاريخ 6 حزيران 2022 أكد فيه بأنه كلما زادت كمية الأسلحة الغربية المرسلة لغرب أوكرانيا كلما توسعت العملية العسكرية داخل أوكرانيا. وهنا مربط الفرس ( والكلام لي ) في موضوع سر إطالة الحرب ( العملية ) ودخول مدينة ( دانيتسك ).
فما هي أسباب الحرب الأوكرانية الحالية فعلا؟ وهل هي أوكرانية خالصة؟ من رفض الحوار أولاً حول المسألة العالقة بين غرب وشرق أوكرانيا من أجل المحافظة على سيادة أوكرانيا عبر الأقاليم الثلاثة المختلف عليها داخل أوكرانيا وبين أوكرانيا وروسيا وليس بالعكس أي بين روسيا وأوكرانيا مثلا ؟ لقد غررت أمريكا مبكرا بأوكرانيا عام 2014 عبر تحريك ثورات برتقالية في ميدان العاصمة ( كييف ) والإشتراك مع بريطانيا وعموم الأجهزة اللوجستية الغربية أفضت إلى إنقلاب دموي أثمر إلى التخلص من آخر رئيس أوكراني موالي لروسيا الاتحادية أولاً وهو فيكتور يونوكوفيج، وبهدف إجتثاث الحضور الروسي في أوكرانيا وما تبقى من علاقات مع السوفييت، وعين أمريكا ومعها الغرب المنقاد لها على أهمية إستمرار الحرب الباردة وسباق التسلح لإبقاء روسيا ضعيفة داخليًا لا تقوى على تصنيع السلاح الجديد خاصة غير التقليدي منه والمتطور، ولكي تبقى كلمة الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال قطبها الواحد هي المسيطرة على أركان العالم، والمواجهة بصلافة لعالم الأقطاب المتعددة الذي تقوده روسيا الاتحادية منذ إنهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 .
ولقد خسرت أوكرانيا فورًا إقليم ( القرم ) الذي قدمه لها الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف عام 1954 هدية وقربان صداقة ومن أجل الحصول على ميناء بحري ولغاية اقتصادية، وبقي في العهدة الأوكرانية ومخازنها من دون تطوير (60) عامًا حتى مشارف عام 2014 حيث عهد الرئيس بوتين الذي إلتقط توجه القيادة الأوكرانية والنخبة السياسية الجديدة في أوكرانيا، وهي المتطرفة والمحسوبة على التيار البنديري - نسبة لجدهم ( بنديرا ) في عمق الجانب النازي في الحرب العالمية الثانية صوب إدارة الظهر بالكامل لروسيا جارة التاريخ، والتوجه لبناء علاقات مشبوهة مع الغرب بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني على أسس غربية حديثة ومحاولة دخول حلف ( الناتو ) العسكري المعادي لروسيا ولدخول الاتحاد الاوروبي الذي لم تمانع روسيا دخول أوكرانيا إليه، ووصل الغرور بـ-( كييف ) للبدء بإنتاج (قنبلة نووية ) وبالتعاون من جديد مع الغرب الأمريكي بهدف تشكيل قوة ضاغطة على روسيا لإعادة إقليم ( القرم ) الذي أصبح روسيا كما تاريخه العريق منذ عهد الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية عام 1783وإلى الأبد، ولضم إقليمي ( الدونباس ولوغانسك ) لغرب أوكرانيا وللسيادة الأوكرانية عنوة وبالقوة خارج إطار الديمقراطية والإنسجام السياسي من عدمه .
والحراك الأوكراني الغربي لم يكن بريئًا منذ عهد الرئيس الأوكراني السابق (بيترو باراشينكا) الذي ماطل في تنفيذ إتفاقية ( مينسك 2015) الهادفة وقتها لوقف القتال الدائر بين غرب وشرق أوكرانيا فورًا ولمواصلة الحوار لتثبيت أسس جديدة لبناء إستقلال الدولة الأوكرانية في زمنٍ طالب به الإقليمان ( الدونباس ولوغانسك ) بالحكم الذاتي في إطار الدولة الأوكرانية وهو الذي حصل لا حقًا مع بدء العملية العسكرية الروسية التي يراد لها في الغرب الأمريكي أن لا تنتهي وتطول إلى سنين قادمة، وعينهم على إستنزاف روسيا وإضعافها وتمزيقها إلى مقاطعات إلى الأمام حسب رؤيتهم الإستراتيجية ولديهم رغبة دائمة بأن يحل أسطولهم الحربي النووي السادس مكان الأسطول الروسي النووي الراسي في مياه البحر الأسود بالقرب من ( القرم )، وسبق لأمريكا أن تحرشت بالحدود البرية والمائية والفضائية الروسية مرارًا بينما لم يسجل التاريخ المعاصر تحرشًا روسيًا مماثلاً بالغرب وعلى العكس تمامًا تقيم روسيا علاقات طيبة تاريخية معهم ومن زاوية الند للند وعلاقات تبادل تجارية مشهودة، وقدمت لهم حديثًا مشروعًا مفيدًا أطلقت عليه ( غاز 2) وكلف خزينتها (11) مليار دولارعملت أمريكا المناهضة لروسيا على إفشاله .
إذن الحرب الروسية – الأوكرانية ( العملية ) ليست حربًا روسية ولم تختارها ولم تبدأ من طرفها وخبايا وسطها كشفتها الإستخبارات الروسية مثل إكتشاف(30) مركزًا بيولوجيًا لإنتاج فايروسات ضارة بالبشرية ومن بينها ( كورونا ) التي سجلت سابقًا أرقامًا مرتفعة في روسيا تبين بأن مصدرها غرب أوكرانيا وبالتعاون مباشرة مع أمريكا وبتمويل من إبن الرئيس الأمريكي جو بايدن – الثري (هانتر)، والجنرال العسكري الروسي ( كيريلوف ) يكشف وقوف أمريكا خلف إنتشار جدري القرود (المصنع ) وليس الطبيعي بطبيعة الحال وهو الأخطر على البشرية من كورونا. ويخطيء من يعتقد بأن غرب أوكرانيا والغرب الأمريكي وما يضخ من أسلحة حديثة وأموال هائلة في ( كييف ) سيتنصر في الحرب الدائرة تمامًا حسب ما يعتقد الرئيس ( فلاديمير زيلينسكي )قبل أية مفاوضات قادمة، والمعروف بأن ( زيلينسكي )الفنان الساخر، هو كاتب مسرحية الحرب بنفسه وبالتعاون مع الغرب، ومع أمريكا وبريطانيا تحديدًا، وهو الذي أوصل بلاده إلى الهاوية والدمار وإلى فقدانها أقاليمها الثلاثة ( القرم والدونباس ولوغانسك ) وتسبب في تدمير بنيتها التحتية المحتاجة لإعادة بناء بأموال عالمية مليارية في وقت ينتشر فيه الفقر، والتضخم المالي، والبطالة في غرب أوكرانيا الخالية من المصانع ومن مخزون الفحم المتواجد في الجناح الشرقي فقط وبنسبة تصل إلى 80% من مخزون العالم.
ويردد الرئيس زيلينسكي ما تمليه عليه مؤسسات ( البنتاغون، والكونغرس والأيباك ) عبر توقيعه مرسوما جمهوريا يعاقب الرئيس بوتين بدلا من محاورته ولو إفتراضيا، ومعاقبة مدير مكتب قصر الكرملين الرئاسي ( دميتري بيسكوف ) فقط لأنه يصرح ويتابع حدث الحرب ورئيس الوزراء الروسي ميشوستين الذي لا يتحدث بالسياسة الخارجية كما سيرجي لافروف وزير الخارجية، وشمل المرسوم إثنين من نواب رئيس الوزراء أيضا ( بيلسوف وغوليكوف ) ولأسباب غير واضحة، والواضح بأن زيلينسكي فقد بوصلة الحوار والحرب، والنصر سيكون إلى جانب روسيا السياسة والعسكرة والدبلوماسية، والقوة الروسية العسكرية المشاركة في الحرب الأوكرانية لا تمثل قوة نار روسيا الجاهزة دائما لمواجهة قوة نار حلف ( الناتو ) مجتمعا وحتى لا نذهب بعيدا فإن موسكو لا تبحث عن الحروب والصراعات والأزمات لكنها لا تقبل الضيم ولها في أوكرانيا قضية عادلة ومظلمة أوضحها هنا من جديد لمن فاته الإطلاع عليها .
إن مقتل أكثر من 14 الفا من أوكران شرق أوكرانيا برصاص غرب أوكرانيا منذ عام 2014 تعد جريمة حرب فعلية ولاتقارن بحادثة مدينة ( بوجا ) قرب العاصمة ( كييف ) التي أعتبرت من قبل طرف غرب أوكرانيا والغرب الأمريكي حادثة إبادة روسية، وتم المبالغة فيها وإدخال دبلجة أمريكية إعلامية أكدها العسكري الفرنسي ( أدريان بوكيه ) لوكالة ( نوفستي ) الروسية عبر نقل جثث من ميدان القتال وتصويرها من قبل الإعلام الأمريكي على أنها بفعل روسي دفعت بإتجاه إدانة روسيا عالميا وإخراجها من منظمة حقوق الإنسان بتصويت (93) دولةبما فيهن (إسرائيل) المفترض فيها أن تلتزم الحياد إن لم تكن راغبة بمساندة روسيا الاتحادية التي عمل جيشها الأحمر والسوفييتي في عهد ( جوزيف ستالين ) على المساهمة بقوة في تثبيت أساساتها على أرض فلسطين العربية والتسبب في تشريد مليون أوكراني وروسي إلى داخل الأراضي الروسية وقبوع غيرهم في الملاجيء، ومقتل عدد كبير من الأطفال في شرق أوكرانيا مؤشر أخر دفع ( موسكو- بوتين ) لكي تجتمع قيادتها وتتخذ المشورة وقرار الحرب ( العملية العسكرية ).
وروسيا لم تذهب إلى أوكرانيا محتلة ولم تستهدف عاصمتها ( كييف ) الواجب أن تبتعد عن تنفيذ مؤامرة الغرب لإنتاج ( قنبلة نووية ) إلى الأمام وضرورة أن تلتزم الحياد تجاه حلف ( الناتو ) وإلا فإن الأيام الساخنة جدا لم تظهر بعد من الجانب الروسي فوق سماء العاصمة الأوكرانية وهو ما لا أتمناه لها، ومسألة مقتل الأردني الشاب من أصل أوكراني في شرق أوكرانيا ( فارس الشامي ) رحمه الله، وهو المجند في صفوف الجيش الأوكراني أعطى دلالة على أن غرب أوكرانيا تدفع إلى ميدان القتال عناصرا من أصول أجنبية وتبقي على جنودها في صفوف التموين .
وفي الختام هنا فإن روسيا التي قادت الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية وتمكنت بقوة من دحر النازية الألمانية، وهو الدور الذي فسر خطأ من قبل ( كييف ) وأوضحه بدقة نائب البرلمان الروسي – السياسي المحترف البروفيسور ( فيجيسلاف نيكانوف ) في كتابه ( من بدأ الحرب ؟ )، هي ذاتها روسيا التي تواجه صلفا من طرف غرب أوكرانيا وغربيا بقيادة أمريكا لم يشهده التاريخ الحديث المعاصر منذ تلك الحقبة الزمنية القاسية التي دفع فيها السوفييت 27 مليون شهيدا .
نيسان ـ نشر في 2022-06-11 الساعة 11:47
رأي: د.حسام العتوم