اتصل بنا
 

النخب السياسية.. بين قلق السعي إلى المكانة والحفاظ عليها

نيسان ـ نشر في 2022-06-13 الساعة 19:54

x
نيسان ـ محمد قبيلات
تفتقد ساحات الحوارات السياسية المحلية، بمختلف مستويات ومواقع النخب ورتبها، إلى الجدالات الفكرية العميقة، التي يمكن أن توصِف حجم المشكلات وبالتالي تستشرف الحلول، لتخرج بالبلاد من عنق الزجاجة، كما يحلو لبعض المسؤولين توصيف مرحلة الأزمة.
وبما أن الطبيعة لا تحب الفراغ، فإن أجواءً من النميمة السياسية تتسيد المشهد، ويجري التوسع عادة في الأخبار والقصص الفارغة، في حال وجود تسريبات عن تعديل وزاري أو إعادة تشكيل للحكومة، أو في حال شغور بعض المناصب الإدارية العليا، طبعاً تصبح حالة الموالاة، في هذه الأوساط، هي السائدة قبل التعيينات والتشكيلات، أما بعد أن ينفض السامر، وتطير الطيور بأرزاقها، فإن الأجواء تصبح أجواء معارضة، لكنها ليست معارضة حقيقية، بل تُبقي الأبواب مواربة، وتمارس النميمة المسنودة بالحسد والحقد.
وليس ركاب كابينة القيادة بالأحسن حالًا، بل إن قلق الحفاظ على المنصب، والخوف من إطاحتهم، يبقى الكابوس الذي يقض مضاجعهم، فيكيدون المؤامرات، ويسربون المعلومات، بل ويضربون بكل ما أوتوا من قوة بكل اسم يمكن أن يكون بديلاً عنهم، مهما كانت كفايته، أو درجة ولائه وانتمائه وحبه للوطن، ففي الحرب وكما في الحب، هي معارك النميمة السياسية، لا رحمة ولا رأفة.
يبقى عندنا من هذا التيار الموالي، المتحزبون الجدد، فكلهم بلا نكهة ولا طعم، ومن رتب أدنى، رقابهم مُشرئبَّة إلى (االعُلى)، يسهرون على درب تعلم مهارات النميمة السياسية، خلافاتهم وانشقاقاتهم محفوفة بأسباب وخلفيات أخرى، إضافة إلى أنهم مسكونون بقلق السعي إلى المكانة، غير أنهم ينقسمون بناء على الجهات والمرجعيات المحركة لهم.
الغريب أنّ هذه الأمراض المزمنة، انتقلت مع الزمن إلى صفوف المعارضين، سواء المنظمين أو الأفراد الذين يمارسون النضال بمختلف أشكاله المطلبية والجذرية، فبعد كل عمليات التجريف التي مورست ضد الكتل الاجتماعية والسياسية المناوئة للمنظومة، بأسبابها وخلفياتها المختلفة، أصبحت المعارضة أيضا مريضة بالقلق ذاته، وتظهر عليها الأعراض نفسها، فالنميمة، أو الأخبار المغلوطة، والرؤى الضعيفة، هي أسلحتها المثلومة، فلا جدالات فكرية أو حوارات عميقة، مع أن معظم كتل المعارضة التقليدية لها معتقداتها وخلفياتها الأيدولوجية، لكنها تتناغم مع المنظومة ولا تقدم أي فارق نوعي عنها.
وإذا أردنا أن نتوسع في الموضوع، فسنكتشف أن هذه الآفة تمتد لتغطي الصفوف القيادية بكافة تشكيلاتنا وقطاعاتنا الاجتماعية والمهنية، وربما لا تكون جهة معينة مسؤولة عن هذا الخراب العميم، بل المشكلة في البنية القلقة لمجتمعنا، والتغيرات المتسارعة والكثيرة التي طرأت عليه خلال المئة عام الماضية، ما يستدعي الجدية في إخضاع الحالة لدراسات علمية متخصصة، ومحايدة، لتقدم لنا التفسير والعلاج.

نيسان ـ نشر في 2022-06-13 الساعة 19:54

الكلمات الأكثر بحثاً