من يدفع فواتير عطش الأردنيين؟
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2022-07-23 الساعة 08:25
نيسان ـ من يتحمل مسؤولية عطش الأردنيين؟ جردة الحسابات، هنا، طويلة، بدأت منذ العام 1950 (مشروع ماك دونالد) أو ربما ما قبل ذلك التاريخ، ثم تمددت على مدى العقود الماضية تحت عنوان واحد، وهو “الصراع على الأردن”، لا على المياه فقط.
المتهمون توزعوا بين الأصالة والوكالة، الكيان الإسرائيلي المحتل أولا، ثم بعض دول الجوار، أما المتهم الرئيس فهو الإدارات الرسمية الأردنية التي تنازلت، بقصد أو من دون قصد، عن حقوقنا المائية، أو فشلت بإدارة هذا الملف، أو ما تزال مصرة على تحميل الطقس مسؤولية أزمة المياه وانحباسها.
سأترك، جانبا، محاولات إسرائيل للهيمنة على أمننا المائي، ثم أتجاوز، ثانيا، محاولات بعض دول الجوار سرقة مياهنا أو سحبها بشكل جائر، وكذلك تدخلات الآخرين.
أريد أن أشير، فقط، لما فعلناه بأنفسنا، أقصد ما ارتكبته الإدارة العامة للدولة، التي تولت مهمة الملف المائي من أخطاء في إدارة هذا الملف الخطير، سواء عند توقيع الاتفاقيات مع دول الجوار، أو عدم الجدية بإنشاء مشاريع مائية وطنية بالاعتماد على أنفسنا، أو التراخي بمواجهة مشكلة السرقات والفاقد المائي، أو بإهمال السدود وتفريغها من مخزونها، أو بتطفيش الكفاءات الفنية والمائية من مؤسستنا.
للتذكير، فقط، وقعنا مع سورية (1987) اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك، ثم اكتشفنا، لاحقا، أنه لا توجد إشارة في نصوص الاتفاقية، تلزم الجانب السوري بكميات محددة من الماء للأردن، وحين طلبنا منهم، قبل أيام، شراء كميات من الماء رفضوا، علما أن ما يصل لسد اليرموك نسبته قليلة، وهي من المياه “الشاردة”، وعلما، أيضا، أن لدينا أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، نتقاسم معهم مياهنا الشحيحة.
للتذكير، أيضا، وقعنا مع إسرائيل معاهدة سلام، وتوهمنا أننا سوف نستعيد حقوقنا المائية الكاملة، في نهري الأردن واليرموك، ثم اكتشفنا، أيضا، أنها نجحت بمقايضتنا وهم “التقنية” مقابل المياه، بعد أن أخرجت روافد نهر الأردن الشمالية، وبحيرة طبريا من عملية التفاوض، وهي تشكل أكثر من نصف تدفق مياه النهر، كما اكتشفنا أن الاتفاقية (البند 6 والملحق 10) لم تتضمن أي حق لنا بمياه شمال نهر الأردن، حيث حولت إسرائيل مياهه لاحقا لصحراء النقب.
لدينا، حسب أكثر من وزير مياه سابق، كميات كبيرة من المياه الجوفية، وكان لدينا مشروع لاستخراجها، لكنه توقف، أو تم إجهاضه من قبل بعض الجهات، لتسهيل جلب المياه من الخارج (كما قال وزير المياه السابق حازم الناصر).
كما أنه، نهاية العام المنصرف، تم تفريغ عدد من السدود، بذريعة احتمال انهيارها (خسرنا نحو 3 ملايين متر مكعب)، ثم تبين لاحقا أن القرار استند لاستشارات غير صحيحة، وفيما تبلغ نسبة الفاقد من المياه المخصصة للاستخدامات المنزلية 52 %، بما يعادل 124 مليون متر مكعب سنويا، لم يتحرك أحد لمعالجة الخلل، فاضطررنا لشراء 50 مليون متر مكعب من إسرائيل.
نقطة نظام: مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الأردن (شيرلي كارين)، قالت (حزيران الماضي): “إن المياه في الأردن نفدت فعلا، وإن الوكالة تعمل على بناء خطط أنابيب جديدة لنقل المياه الإضافية من إسرائيل للأردن، بسعة 80 مليون متر مكعب سنويا”.
بقي ملاحظتان؛ الأولى أنه على مدى الأعوام المنصرفة، غاب عن أجندة الحكومات ملف المياه تماما، وكأن بلدنا من أغنى بلدان العالم بالموارد المائية، حيث ترقد في أدراج وزارة المياه عشرات المشاريع المائية المعطلة بقيمة تبلغ نحو 600 مليون دينار، وحيث عجزت الوزارة عن تفعيل إجراءات السيطرة على الضخ الجائر، وسرقة المياه الجوفية، وحفر الآبار غير المرخصة (هل تذكرون تصريحات وزير مياه أسبق حول خمسة أشخاص سرقوا نحو 8 ملايين متر مكعب ولم يجرؤ على محاسبتهم أحد؟)، وحيث مشروع النافل الوطني الذي ما يزال يراوح مكانه منذ العام 2011.
المسألة الثانية، منذ العام 2018 تقلب على وزارة المياه 6 وزراء، بمعدل وزير كل ستة أشهر، ومع كل وزير تهبط استراتيجية وتقلع أخرى، والنتيجة أن أحدا لم يسأل ولم يحاسب، بل إننا لم نسمع من أي مسؤول اعترافا بالخطأ أو التقصير، فكل طرف يتهم الآخر، فيما الناس يدفعون ثمن فواتير العطش والجفاف من أمنهم المائي والغذائي، والزراعي والاجتماعي أيضا.
الغد
المتهمون توزعوا بين الأصالة والوكالة، الكيان الإسرائيلي المحتل أولا، ثم بعض دول الجوار، أما المتهم الرئيس فهو الإدارات الرسمية الأردنية التي تنازلت، بقصد أو من دون قصد، عن حقوقنا المائية، أو فشلت بإدارة هذا الملف، أو ما تزال مصرة على تحميل الطقس مسؤولية أزمة المياه وانحباسها.
سأترك، جانبا، محاولات إسرائيل للهيمنة على أمننا المائي، ثم أتجاوز، ثانيا، محاولات بعض دول الجوار سرقة مياهنا أو سحبها بشكل جائر، وكذلك تدخلات الآخرين.
أريد أن أشير، فقط، لما فعلناه بأنفسنا، أقصد ما ارتكبته الإدارة العامة للدولة، التي تولت مهمة الملف المائي من أخطاء في إدارة هذا الملف الخطير، سواء عند توقيع الاتفاقيات مع دول الجوار، أو عدم الجدية بإنشاء مشاريع مائية وطنية بالاعتماد على أنفسنا، أو التراخي بمواجهة مشكلة السرقات والفاقد المائي، أو بإهمال السدود وتفريغها من مخزونها، أو بتطفيش الكفاءات الفنية والمائية من مؤسستنا.
للتذكير، فقط، وقعنا مع سورية (1987) اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك، ثم اكتشفنا، لاحقا، أنه لا توجد إشارة في نصوص الاتفاقية، تلزم الجانب السوري بكميات محددة من الماء للأردن، وحين طلبنا منهم، قبل أيام، شراء كميات من الماء رفضوا، علما أن ما يصل لسد اليرموك نسبته قليلة، وهي من المياه “الشاردة”، وعلما، أيضا، أن لدينا أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، نتقاسم معهم مياهنا الشحيحة.
للتذكير، أيضا، وقعنا مع إسرائيل معاهدة سلام، وتوهمنا أننا سوف نستعيد حقوقنا المائية الكاملة، في نهري الأردن واليرموك، ثم اكتشفنا، أيضا، أنها نجحت بمقايضتنا وهم “التقنية” مقابل المياه، بعد أن أخرجت روافد نهر الأردن الشمالية، وبحيرة طبريا من عملية التفاوض، وهي تشكل أكثر من نصف تدفق مياه النهر، كما اكتشفنا أن الاتفاقية (البند 6 والملحق 10) لم تتضمن أي حق لنا بمياه شمال نهر الأردن، حيث حولت إسرائيل مياهه لاحقا لصحراء النقب.
لدينا، حسب أكثر من وزير مياه سابق، كميات كبيرة من المياه الجوفية، وكان لدينا مشروع لاستخراجها، لكنه توقف، أو تم إجهاضه من قبل بعض الجهات، لتسهيل جلب المياه من الخارج (كما قال وزير المياه السابق حازم الناصر).
كما أنه، نهاية العام المنصرف، تم تفريغ عدد من السدود، بذريعة احتمال انهيارها (خسرنا نحو 3 ملايين متر مكعب)، ثم تبين لاحقا أن القرار استند لاستشارات غير صحيحة، وفيما تبلغ نسبة الفاقد من المياه المخصصة للاستخدامات المنزلية 52 %، بما يعادل 124 مليون متر مكعب سنويا، لم يتحرك أحد لمعالجة الخلل، فاضطررنا لشراء 50 مليون متر مكعب من إسرائيل.
نقطة نظام: مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الأردن (شيرلي كارين)، قالت (حزيران الماضي): “إن المياه في الأردن نفدت فعلا، وإن الوكالة تعمل على بناء خطط أنابيب جديدة لنقل المياه الإضافية من إسرائيل للأردن، بسعة 80 مليون متر مكعب سنويا”.
بقي ملاحظتان؛ الأولى أنه على مدى الأعوام المنصرفة، غاب عن أجندة الحكومات ملف المياه تماما، وكأن بلدنا من أغنى بلدان العالم بالموارد المائية، حيث ترقد في أدراج وزارة المياه عشرات المشاريع المائية المعطلة بقيمة تبلغ نحو 600 مليون دينار، وحيث عجزت الوزارة عن تفعيل إجراءات السيطرة على الضخ الجائر، وسرقة المياه الجوفية، وحفر الآبار غير المرخصة (هل تذكرون تصريحات وزير مياه أسبق حول خمسة أشخاص سرقوا نحو 8 ملايين متر مكعب ولم يجرؤ على محاسبتهم أحد؟)، وحيث مشروع النافل الوطني الذي ما يزال يراوح مكانه منذ العام 2011.
المسألة الثانية، منذ العام 2018 تقلب على وزارة المياه 6 وزراء، بمعدل وزير كل ستة أشهر، ومع كل وزير تهبط استراتيجية وتقلع أخرى، والنتيجة أن أحدا لم يسأل ولم يحاسب، بل إننا لم نسمع من أي مسؤول اعترافا بالخطأ أو التقصير، فكل طرف يتهم الآخر، فيما الناس يدفعون ثمن فواتير العطش والجفاف من أمنهم المائي والغذائي، والزراعي والاجتماعي أيضا.
الغد
نيسان ـ نشر في 2022-07-23 الساعة 08:25
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي