اتصل بنا
 

إلغاء وزارة العمل واستمرار تجريف مؤسسات الدولة

نيسان ـ نشر في 2022-08-11 الساعة 21:28

x
نيسان ـ محمد قبيلات
تحت عنوان التطوير الإداري، يواصل التيار الليبرالي تجريف القطاع العام، فأطاح هذه المرة وزارة العمل، حيث تمّ إعلان فكفكة الوزارة وإلحاقها بوزارة التطوير الإداري ووزارات أخرى، بينما ستُلحق مؤسسة الضمان الاجتماعي بوزارة الصناعة والتجارة، وقد أشير، في وقت سابق، إلى أن النية تتجه لإلغاء ديوان الخدمة المدنية.
ما الذي يريده الليبراليون الجُدد !؟
ببساطة شديدة، هم أنفسهم لا يعلمون، في الأغلب، لا يوجد ليبراليون بالمعنى الحقيقي، بل هم مجموعة من الخريجين الجدد، الذين تولوا المراكز الحساسة في الدولة، بحكم الوساطات والمحسوبيات والتنفيعات، وراحوا ينفذون ما يترجمونه عن خطط التطوير الإداري في الدول المتقدمة، التي تجاوزت الحاجة للبيروقراط، بناء على تطور تلك الدول الإنتاجي، حيث بدأت عمليات تقسيم العمل هناك تستدعي أشكالًا جديدة من المؤسسات، تتوافق مع التطورات التقنية، والمعادلات الجديدة لإعادة توزيع الثروة.
ما كان يجب أن تُرهن مؤسسات الدولة المهمة لأهواء غير مستقرة، لم تتمرس الخبرة، خصوصا في الوزارات التي تتصدى لمهام اجتماعية أو مالية أو أمنية، فإذا تصفحنا، على سبيل المثال، أسماء وأعمار وزراء المالية ومحافظي البنوك الفدرالية والمركزية في أوروبا وأمريكا، سنجد أن أغلب من يتولون هذه المناصب قد تجاوزت أعمارهم السبعين عاما، بينما عندنا فحدث ولا حرج، قد يتولى بعض هذه المواقع من هم في ريعة الشباب وربما لم يبلغوا الأربعين عاما، بل إن وزارة المالية الأردنية حمل حقيبتها، في وقت سابق، شاب عمره واحد وعشرون عاما.
لقد اكتسبت الليبرالية بريقها وحسن سمعتها عندما كانت مهمتها أنسنة الرأسمالية، أما اليوم فإنها تُدير توحش الرأسمالية، ومن هم لدينا اليوم من الليبراليين يشكلون الصورة المشوهة عن الليبرالية الجديدة، وليس أدل على ذلك من قيام الليبراليات بحل مشاكل الركود اليوم بزيادة الأسعار وتخفيض برامج الرعاية الاجتماعية والصحية، هذا إن وجدت، بينما عالجت الليبرالية آثار الأزمة المالية والركود الكبير عام 1930، في عهد جوزفين روزفلت بدعم العمال عن طريق زيادة الرواتب، وتخفيض ساعات العمل، ومنحهم يوم عطلة اسبوعية، وتخصيص معونات للعاطلين من العمل.
وزارة العمل، في الدولة الأردنية الحديثة، كانت الطرف الضامن للعمال وحقوقهم، وأشرفت على تطوير قانون العمل، وراقبت القطاع الخاص وطريقته في إدارة ملف العمال ومن هم في حكمهم، وضبطت العمالة الوافدة، وقدمت الضمانات لاستقرار العمال المعيشي، وثبتت حقوقهم في الراتب أو جزء منه، وفي البقاء في العمل، خلال أزمة كوفيد 2019، وربما هذا ما دفع بعض الفئات المتضررة من قوننة حقوق العمال والحفاظ على مصالحهم، لأن تكيد للإطاحة بوزارة العمل وتوزيعها أشلاء، ما يسهل افتراس حقوق العمال ونهب أجورهم وحقوقهم.
لقد مارست الوزارة دورها طوال العقود الماضية بحيادية إيجابية، وكانت البديل البيرُقراطي للنقابات العمالية، وليس من الصحيح فكفكتها، بل إن الواجب يحتم اليوم، على الجهات التشريعية والرقابية والتمثيلية، الحفاظ على هذه المؤسسة الوطنية المهمة ودعمها، كي لا يتوزع دم العمال المساكين وأشلاءهم وحوش الريادة والتنمية المزيّفة.

نيسان ـ نشر في 2022-08-11 الساعة 21:28

الكلمات الأكثر بحثاً