اتصل بنا
 

عقيدة روسية جديدة .. هجومية توسعية

نيسان ـ نشر في 2022-09-06

نيسان ـ يمضي فلاديمير بوتين بخطى متسارعة نحو ترسيخ مفهوم روسيا القوية على الارض ، مرسخا لدى الروس عقيدته الخاصة حتى لو غاب عن الحكم فجأة .
عقائد "بوتين" قومية بامتياز وتغذي النزعة التوسعية التي يتبناها الرجل وهدفها واحد هو استعادة مجد الاتحاد السوفيتي السابق ، وحماية مصالح الروس في كل بقاع العالم .
الحرب في أوكرانيا وما رافقها من عقوبات تاريخية ومؤلمة ضد روسيا فاقمت العداء مع الغرب، الذي قد يستمر لعقود ، ما سرع خطوات بوتين الهجومية باقرار عدة مراسيم واجراءات بدأت بتكريس مفهوم البتروروبل بديلا للبترودولار باشتراط الدفع بالروبل مقابل بيع النفط والغاز الروسي ، ورافق ذلك اجراءات تدعم تأميم مرافق الشركات الاجنبية المنسحبة من البلاد ثم توج الأمر باقرار العقيدة البحرية الروسية وميثاق الاسطول العسكري ، وربما تكون هذه العقيدة الاخطر في إطار المواجهة مع الغرب وتحديدا أمريكا ، وتتمثل في تعزيز النفوذ العسكري الروسي في المحيطات مما يعني انهاء سيطرة الولايات المتحدة المطلقة على محيطات العالم ، وتركز هذه العقيدة على البحار المحيطة بروسيا الاتحادية جغرافيا ، حيث تعتبر روسيا مضائق الكوريل والبلطيق والبحر الأسود والجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط ​​وصولا الى سوريا مهمة لضمان أمنها القومي .
العقيدة البحرية تشمل وجود نقاط ضمان لوجستية فنية في البحر الأحمر ، كما تنص على تطوير مرافق الإنتاج لبناء سفن حاملة للطائرات حديثة للقوات البحرية.
ليس غريبا أن يسابق بوتين الزمن قبيل اقرار العقيدة البحرية بالسيطرة على موانىء اوكرانيا في البحر الاسود وتقاسم النفوذ مع الدول المتاخمة لبحر قزوين .
ويبدو اقرار عقيدة جديدة للسياسة الخارجية الروسية خطوة تصب في نفس الاتجاه التوسعي لبوتين تحت دافع حماية "العالم الروسي " ، فهي تعطي دفعة معنوية للروس في المناطق الانفصالية وخصوصا في ابخازيا واوسيتيا الجورجيتين، ولوغانسك ودونتيتسك وهما الجمهوريتان المنفصلتين حديثا عن اوكرانيا.
واذا عرف السبب بطل العجب في اقرار هذه العقيدة ، إذ يوجد 25 مليون شخص من أصل روسي يعيشون خارج روسيا في مجموعة الدول المستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991، ويريد قيصر روسيا تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبه ميخائيل غوروباتشوف باعادة الهيبة والحماية لمواطنيه الذي يتعرضون في بعض المناطق السوفيتية السابقة للاضطهاد والتطهير العرقي ، والخلاصة هنا أن السياسات الخاطئة تولد حروبا طائشة وربما دافعها انتقامي .

نيسان ـ نشر في 2022-09-06


رأي: د. محمود مشارقة

الكلمات الأكثر بحثاً