اتصل بنا
 

روح الماء

رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي، يعمل محاضرا متفرغا في الجامعة الأردنية، وعمل عضو هيئة تدريس في جامعة فيلادلفيا كلية الآداب والفنون قسم الصحافة، وهو كاتب عمود صحفي يومي (مجرات) في جريدة الدستور الأردنية، له ثمانية عشر مؤلفاً إبداعياً في مختلف صنوف الأدب (شعر، وقصة، وأدب أطفال، ونصوص مكان، ومقالات وأدب الرحلات)، يقيم في مدينة عمان، وهو مواليد عجلون 1972، حاصل على ماجستير في الصحافة الإعلام الحديث من معهد الإعلام الأردني/ الجامعة الأردنية ونال الكثير من الجوائز الأدبية والصحفية، أبرزها جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال عن روايته قمر ورد 2014، وجائزة أفضل مقالة صحفية عربية (جائزة محمد طبلية) 2012، وجائزة أفضل كاتب مقال صحفي لعام 2008، وجائزة إربد مدينة الثقافة الأردنية لأدب الأطفال لعام 2007 وجائزة تيسير سبول للقصة القصيرة 2000، كما نال لقب شاعر الطلبة العرب/ بغداد 1994 إبان دراسته للفيزياء في الجامعة المستنصرية (تخرج 1994). وهو متزوج وأب لطفلين وطفلة.

نيسان ـ نشر في 2022-09-15 الساعة 05:23

نيسان ـ يبهجني هذا الأيلول المائل بهدوء نحو عتبة الغيم. هذا الشهر الجانح إلى خريف يختبئ خجلاً خلف نسمات مخدوشة ببرودة الصباح والمساء. يبهجني أيلول كما لا يبهجني شهر سواه؛ ليس لأنه محمل بحلم مطر طري خافت يلوح في آخره، وليس لأن ورقه الأصفر يتطاير كضفيرة تهبط على الشرفات فحسب. بل لأني أراه يجدد فينا الحياة. فأهلاً شهر يخضبه الندى!.
ففي مطلع كل أيلول ما زال يدهشني نبات مختلف يعاكس في سلوكه الطبيعة وخريفها وترتيبها الأزلي، وأنا لا أكف عن الدهشة، ما استطعت السبيلا، فهي الحياة ومتنها، ولهذا سيفاجئني هذا النبات الأخضر اليانع كنعناع مشبع بالماء والظل وعناية ربة بيت حنونة، سيفاجئني هذا (الطيون) وكأني أراه للمرة الأولى وهو يعلن عن ميلاده الجريء وسط كل هذا الجفاف واليباس.
فأهلاً بك أيها الطيون وأنت تعلن عن ربيعك البهي الخاص. أهلا بك يا هذا النبات البري المشاغب الذي يهجم بأوراقه الممتلئة بالحياة ونواره الأصفر المكنوز بالطيب معلنا عن ربيعه المنفرد، فيعزف مقطوعة سمفونية، تبث نسغ الحياة في أوتارنا.
ينمو بعد أن تقترب غالبية النبات البرية من موتها تحت سيف الصيف وبوابة الخريف، يهيج ويثور في هذا الشهر تحديدا على أكتاف الوديان، وخواصر الجبال، وفي حمى الينابيع، حيث الرطوبة الغائرة في بطن الأرض. هو بوصلة للماء وهمسها البعيد، فأينما وجدت روح الماء؛ ولو تحت الأرض؛ ستجده بالقرب.
هو الطيوب بالباء، وجاءت تسميته هذه على ما أرى من الطيب، ولكنّنا قلبنا باه نوناً، لأن أجدادنا كانوا يستخدمونه في تطيين وطراشة بيوتهم القديمة، فتؤخذ منه حزمة كفرشاة دهان تغمس في (محلول الشيد)، وهو الحجر الجيري أو الكلس، مع الطين الصلصالي الذائب بالماء، وتطلى به جدران البيوت الطينية القديمة، فتنفث عطراً وتشع طيباً لا يوصف.
يا بوصلة الماء الخفية يا اليانع مع أن الأوان أوان ذبول ونحلول، سلام عليك وعلى الأرض التي أطلعتك، لتوقظ فينا نشوة الحياة من جديد بعد صيف قائض. فمن قال أن الخريف لا يبهج؟، من قال إننا إذا حدقنا فيه لا نجد فيه ربيعاً آخر جديدا. فما أبهجنا إذ نشرع نوافذنا على مصراعيها للحياة بكل لحظاتها وفصولها.

نيسان ـ نشر في 2022-09-15 الساعة 05:23


رأي: رمزي الغزوي رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي، يعمل محاضرا متفرغا في الجامعة الأردنية، وعمل عضو هيئة تدريس في جامعة فيلادلفيا كلية الآداب والفنون قسم الصحافة، وهو كاتب عمود صحفي يومي (مجرات) في جريدة الدستور الأردنية، له ثمانية عشر مؤلفاً إبداعياً في مختلف صنوف الأدب (شعر، وقصة، وأدب أطفال، ونصوص مكان، ومقالات وأدب الرحلات)، يقيم في مدينة عمان، وهو مواليد عجلون 1972، حاصل على ماجستير في الصحافة الإعلام الحديث من معهد الإعلام الأردني/ الجامعة الأردنية ونال الكثير من الجوائز الأدبية والصحفية، أبرزها جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال عن روايته قمر ورد 2014، وجائزة أفضل مقالة صحفية عربية (جائزة محمد طبلية) 2012، وجائزة أفضل كاتب مقال صحفي لعام 2008، وجائزة إربد مدينة الثقافة الأردنية لأدب الأطفال لعام 2007 وجائزة تيسير سبول للقصة القصيرة 2000، كما نال لقب شاعر الطلبة العرب/ بغداد 1994 إبان دراسته للفيزياء في الجامعة المستنصرية (تخرج 1994). وهو متزوج وأب لطفلين وطفلة.

الكلمات الأكثر بحثاً