اتصل بنا
 

لماذا أصبح هذا الحزب متهم ؟

نيسان ـ نشر في 2022-09-15 الساعة 15:04

نيسان ـ بغض النظر عن المجاملات السياسية والاعتبارات الشخصية التي نحترم أصحابها ونقدر تصوراتهم حول العمل السياسي وموضوع تشكيل الاحزاب واحجام الناس عن المشاركة ، نستطيع القول أن العقل السياسي للمواطن الاردني يحمل صورة سيئة وسلبية للغاية عن الحزب والعمل السياسي، وعندما تسأل المواطن، عن سبب المديونية والفساد والمحسوبية والتراجع، ستجد الإجابة جاهزة لدىه ولا يتردد على الاطلاق في قولها " أنها الأحزاب"، او حسب تعبير كثير (لولا الاحزاب) كان احنه بالف خير ونعمة.
إن هذه القناعة الراسخة تصعق كثير من الوطنيين الذين يريدون التغير والتطوير والازدهار للاردن لا لأنها صحيحة، بل لأنها توجه الاتهام بوجود تحديات ومشكلات إلى مؤسسة هي من أهم مؤسسات المجتمع المتحضر، المؤسسة التي بدونها ينعدم النضج السياسي ، والمشاركة السياسية، والرقابة المجتمعية، وتشكيل الحكومات الحزبية والوصول الى برلمان برامجي ؛ فلماذا أصبح هذا الحزب متهم من قبل مادته ومكونه المجتمعي الذي يشكل عماد التغيير للافضل وفق رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني ؟
لذا فان تأسيس الأحزاب في الاردن يجب ان يكون مقترنا بالضرورات السياسية والاقتصادية ومنطلقا من التحديات الاجتماعية، ومولود من رحم الحاجة واتساع رقعة المطالبة بالتطوير والمطالبة بالحريات والرغبة في الحد من الفساد ، وعليه فان الحزب السياسي بهذه الولادة يعتبر قوة تغيير اجتماعية مرغوبة وأداة حشد شعبي ناجحة ، وضمانة مهمة لتداول السلطة والوصول الى البرلمان؛ لكن لم يكن ظهور الحزب السياسي بمثل هذه الصورة في الاردن من قبل؛ فأول تجربة للمواطن مع الأحزاب السياسية خلال الفترة اتكان في فترة محدودة مع احزاب لا تمثل سوى نفسها ومصلحتها ، وهذا ليس حكما على الجميع . ومن جانب أخر فأن بعض هذه النخب لم تكن بنت البلد بل هي امتداد لمصالح شخصية تستنزف خيرات وعرق الاردنيين، فمن الطبيعي أن يكون كل ما تنتجه هذه الاحزاب متهما وغير موثوق به. فضلا عما تقدم فأن هذا الحال اذا لم يتغير الان ، ستبقى ذكر الحزب السياسي عند الاردنيين رديف لكل ما هو طامع، او مستورد هجين او مصالح شخصية .
وختاما على الرغم من أن الوصول إلى السلطة هو واحد من الأهداف التي يسعى إليها كل حزب سياسي، فأن ما يميز اغلب الأحزاب أنها جعلت هذا الهدف هو هدفها الوحيد ومحور نشاطاتها، ما افقدها طابع الجماهيري ؛ فأغلبها أحزاب تدور في فلك شخصيات معينة، وتتحول هذه الشخصيات بمرور الزمن إلى عنصر فعال في بقاء الحزب أو انهياره ، بل وفي تحديد برامجه وأولوياته ونمط ائتلافاته ، وهذه الحقيقة يعرفها كل من يدرس تاريخ الأحزاب الاردنية. لذا فان الأحزاب ان لم تكن صاحبة المبادرة في التغيير، وفي تمثيل الناس وحرصها على مصالح العامة، هكذا أمر يجعل الموطن يشعر بقرارة نفسه أن الأحزاب قادرة في معالجة كثير من همومه التي يرزح تحت نيرها، وهذا ليس حكما على التجربة الحزبية المقبلة وانما واقع يجب الاعتراف فيه والاخذ به ؛ والا فان الحكم على التجربة ستصطدم بالفشل ، ولكن عند النظر إلى الأحزاب التي ظهرت العام الحالي 2022 ، نجد انه من الضرورة معرفة قياداتها ولمس مقدار الألم الذي يعانيه المواطن والناجم عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة ؛ فان بعضها ايضا لم يلتفت كثيرا إلى إزالة بذور هذه القناعات ومسبباتها لدى المواطن ، وابرز هذه البذور هو عدم تقديمها نفسها بشكل مقنع للمجتمع؛ فوقعت في الأخطاء القاتلة التي عانت منها أحزاب اردنية سابقة.

نيسان ـ نشر في 2022-09-15 الساعة 15:04


رأي: د محمد كامل القرعان

الكلمات الأكثر بحثاً