اتصل بنا
 

الاخرون ومحاربة التجربة الكردية

أديب وكاتب من كردستان العراق

نيسان ـ نشر في 2015-10-14 الساعة 13:20

نيسان ـ

خص الكاتب الكردي جوتيار تمر صحيفة نيسان بهذا المقال وننوه بانه ما ورد فيه يعبر عن رأي كاتبه

لم يعد هناك أدنى شك بالنسبة للساسة والمثقفين والشارع الكردي بان التجربة السياسية الكردية في كردستان الجنوبية أصبحت مثار جدل واسع بالنسبة للاوساط السياسية الاقليمية والدولية باعتبارها تجربة نمت وتطورت بشكل تصاعدي سريع واصبحت مثالاً يقتدى به، بل ان الكثير من التيارات والاحزاب والحركات في الدول المجاورة طالبت باعتماد نهج وتجربة الكرد للتخلص من الانتكاسات السياسية الداخلية والخارجية لديها.

وبغض النظر عن الصراعات السياسية التي تحصل الان في كردستان والمتمثلة بصراع الاحزاب حول وضع دستور وقانون للرئاسة في كردستان وكذلك الازمة الاقتصادية والتظاهرات التي تعم السليمانية ومدنها واقضيتها بسبب تأخير صرف الرواتب ، وصراع الكرد مع بغداد والحكومات العراقية الاتحادية المتوالية من اجل وضع قانون ثابت حول الميزانية وبيع النفط الكردستاني، فانني اراها اجمالا تزيد من قيمة الرؤية الديمقراطية الكردستانية باعتبارها اعتمدت لحد الان اسلوباً حوارياً شاقاً ذا وتيرة تصاعدية وضمن اعتبارات لاتمس بالاخر ولاتقوم بتهميشه - حتى ان حدثت بعض الانفلاتات- ، فمثل هذه الاحداث وهذه الصراعات اراها استكمالية لاية تجربة ديمقراطية طالما هي لاتحيد عن الحريات ولاتصل الى استخدام القوة والسلام والتقاتل الداخلي، ولا انكر هنا بان هذه المرحلة جاءت بقفزة نوعية دون المرور بالحرب الاهلية ولكن تلك الحرب نفسها كانت تجربة استطاع الكرد من الاستفادة منها والخروج منها باعتبارات ومفاهيم توحد المسلك وتوجهه نحو اهداف مستقبلية ولعل ابرز تلك الاهداف هو انشأ كيان كردي مستقل متمثل بدولة كردية.

ولكن ما يثير القلق حول التجربة الكردستانية، وفي هذه المرحلة بالذات

هو ان التاريخ يسجل بعض الالتباسات التي لربما تتكرر في الاحداث الكردستانية، ولعل ابرزها هو التدخلات الخارجية" الدول المجاورة – الاخرون_" ، التي تجد لها بعض البيئات المناسبة والمتمثلة ببعض الافكار النابعة من الصراعات القديمة والتي تسعى لتصفية حساباتها القبلية تجاه التيارات الاخرى، وهذا بلاشك موجود في اغلب دول العالم ايضاً لكنها ربما تظهر بصور واساليب مغايرة، وما يحدث الان في كردستان بلاشك حسب وجهة نظري الشخصية نابع من هذه التصورات الخلافية القائمة بين بعض التيارات السياسية الكردستانية والتي تميل بعضها لاجندات خارجية اثرت عليها وعلى سياساتها الداخلية تجاه بعض المواقف التي تلبس في ظاهرها رداءً قانونياً دستورياً لكنها في مضامينها تمثل اشكاليات هذه التيارات تجاه وجود الاخر، وبلاشك بتوجيه خارجي يريد ان يعمق ويثبت قدميه اكثر في المنطقة بالاخص في كردستان التي اصبحت كعبة اقتصادية بالنسبة للكثير من الدول المجاورة والعالمية لانها باختصار وكما يقولون تقع على بحر من النفط.

اذا فالالتباسات التي تتكرر تتخذ من رموز حركية سياسية وتحاول ان تعيق المسيرة الديمقراطية في كردستان، وهي لاتظهر الا عندما يصل الكرد الى مرحلة متقدمة من القوة والعالمية وتصبح القضية الكردية احدى القضايا المطروحة على طاولة المحادثات في الجمعيات الاممية وتظهر اصوات تطالب باعطاء الكرد حق الدولة وحق الحكم وحق السيادة، لاسيما ان اغلب الدول العالمية الكبيرة متفقة على ان الكرد هم الانسب والاقوى والاكثر فعالية في مواجهة احدى اهم ويلات ومصائب القرن الحادي عشر ( الدولة الاسلامية في الشام والعراق" داعش" ), وذلك من خلال قوات البيشمركة الذين استطاعوا وبالتنسيق مع طيران التحالف ان يضعوا حداً لاجتياحات الداعشية للمناطق سواء في كردستان الجنوبية او كردستان الغربية وساهموا بشكل فعال من تثبيط همة داعش في المناطق الاخرى القريبة من حدودهم.

اذا لايشك احد بأن الكرد وقضيتهم في هذه المرحلة وصلوا الى مستوى عالمي بشكل اكثر نضوجية واكثر قوة واكثر حضور واكثر تأييد، وهذا ما اقلق دول الجيران" الاخرون" المتمسكين بحقدهم الازلي ومعاداتهم للكرد تاريخياً قولاً وفعلاً، فبحثوا عن بعض التيارات السياسية لتثير مسائل وقضايا داخلية لااظنها ضرورة ملحة في المسيرة الديمقراطية في هذه الاثناء وفي هذه المرحلة الحساسة بالذات، وحين تجد الدول هذه موطئ قدم اخر لها فانها بلاشك لن تزرع الا الفوضى والقلاقل بين الاوساط السياسية والمثقفة والشرائح العامة مما يخلق نوعاً من الانقسام الداخلي وبالتالي تعيق المسيرة، ولكن بلاشك لن تنهيها ولن تسقطها ولن تمحوها لان التجربة ليست اشخاص وليست مجرد تيارات واحزاب سياسية انما هي تأصيل لفكر قومي كردي نابع الايمان بان الوقت قد حان للحصول على مكتسبات جديدة ومتقدمة لمواصلة الطريق نحو دولة ستأتي بلاشك.

نيسان ـ نشر في 2015-10-14 الساعة 13:20

الكلمات الأكثر بحثاً