اتصل بنا
 

الأردن يتحول إلى مسرح خيال الظل!

نيسان ـ نشر في 2022-09-24

x
نيسان ـ فاطمة العفيشات
تتسارع الأحداث وتتبدل القضايا من حولنا، ننام في صحراء ونستيقظ وسط المحيط، حتى بتنا نتشبه بذاكرة السمكة، أو بصورة أكثر قرباً من مسرح خيال الظل.
عرف العرب خيال الظل للمرة الأولى في العصر العباسي، حيث وصفه الشاعر وجيه الدين ضياء بن عبد الكريم بثلاثة أبيات قائلاً:
رأيتُ خيال الظل أعظم عبرة لمن كان في علم الحقائق راقي
شخوصاً وأصواتاً يخالف بعضها لبعضٍ وأشكالاً بغير وفاق
تجيء وتمضي بابة بعد بابةٍ وتفنى جميعاً والمحرّك باق.
في العصر الحديث وتحديداً في العام 2022 يعود مسرح الظل للبروز في الأردن بأدوات جديدة وأحداث تدلف من حدب وصوب.
نحن لا نغمز هنا إلى جرائم القتل التي وصفها مختصون أمنيون بأنها ضمن المعتاد وما عللها خبراء بأن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في التعرف عليها، ولا نغمز أيضاً إلى قضايا المخدرات والكميات الكبيرة المضبوطة وغير المضبوطة، ثم لم تصل الغمزة إلى التقصير والفساد الذي عشش وبات جزءًا لا ينفصل عن مؤسسات الدولة ماظهر منه وما عظم خفاؤه، لكننا وبلا شك ننظر بكلتا عينينا إلى ما وصفه الشاعر "جميعها تفنى والمحرك باق".
في الأردن ترمى "فتيشة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، تشعل فتيلها في مكان لتبدأ رائحة البارود بالانتشار، من تزعجه تلك الرائحة يوقفها وإن كان بالإجبار من ثقب أمر قضائي ، أما من راقت له الرائحة تركها حتى تصل إلى جميع أنحاء المملكة وربما يشعل محركاته لتسريع ذلك الانتشار.
فضائح، قضايا إنسانية، مشاجرات، تسريبات ، جميعها تظهر وتختفي بشكل مفاجئ، فنجدها صبغت عبر صفحات التواصل الاجتماعي، أنت لا تعلم مصدر ضخها ولن تعلم، منها من يصل خلال ما يعرف بـ"المعارضة الخارجية" بمصادر يعرفونها بأنها موثوقة وبغايات تخفى نواياها، إلا أن وقع صوتها يضر السامعين، وحتى لا يستغل أحد المتعطشين من أصحاب القرار لقلب الطاولة بعبارة "هيتلك" ، فإن تلك المصادر نبصم بأصابعنا جميعها أنها من أصحاب القرار والصالونات السياسية وتعاليل المزارع، منها في لحظة هذيان نتيجة "سهرة ثقيلة" أذهبت العقل، ومنها يظهر في لحظات كيدية بين المسؤولين بأوراق "شدة" يحتفظون بها ثم يرمونها عند حاجتهم للكسب.
وبين كل تلك الألاعيب والقصص، يهدف المحرك إلى صرف نظر المواطن بل إلهائه عن قضاياه الرئيسية المهمة ، ثم تطل علينا تقارير منظمات أو جهات تتحدث عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية أو ارتفاع المحروقات برقم يسجل للمرة الأولى في تاريخ الأردن، وعن قضايا تجارة مخدرات من مسؤول سابق، وعن سرقات ونهب وفساد جميعها حدث قبل أشهر، ثم نستيقظ للحظات نسأل أنفسنا "من أين لك هذا" و "لماذا نحن هنا"، قبل أن توضع لنا جزرة جديدة نتلهى بها (وأنتم أكبر قدر)!
الشاعر قال أن جميعها تفنى والمحرك باق، لكنه لم يقول أن الحكومات الأردنية ورغم تفاقم الأخطاء وفناء الضعفاء باقية أيضاً لأسباب مجهولة تماماً كشخصيات مسرح خيال الظل!

نيسان ـ نشر في 2022-09-24

الكلمات الأكثر بحثاً