اتصل بنا
 

عن المس عونة السمارات وفاطمة الشبيلات والمعلمات الفاضلات

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2022-10-05 الساعة 11:58

عن المس عونة السمارات وفاطمة الشبيلات
نيسان ـ إبراهيم قبيلات
لا يستوي الحديث عن المعلم في يومه دون الرجوع إلى محطات من العلم والبناء، والحب والرجولة والقسوة، والأبوة والأمومة لمعلمات ومعلمين، صيغت بحكمة الآباء وصبر الأمهات.
أنتم لا تعرفون المس فاطمة الشبيلات ولا مس عونة السمارات، ومس نجاح الهواوشة، ومس خديجة وكاملة رحمهما الله، كما لا تعرفون الأستاذ سليمان الملطعة، ومحمد الخضور, وعماد السماحين ومفلح الهواوشة وكمال القبيلات، وعيسى العجالين، ونايل النوافعة، ومحمود الهواوشة، ومحمود الدقس، وخليل الحجيج، ومحمد فالح النوافعة، وعلي فهد السمارات، وصلاح القبيلات، وزيد القطيش، وفيصل الغويين، وسليمان النوافعة، هم وغيرهم كثيرون ممن لم تسعفنا الذاكرة بنقل أسمائهم، فقد أسهموا بتشكيل الوعي، وتحملوا الكثير في سبيل رسالتهم التربوية والتعليمة، وعيونهم على تمتين أبنائهم الطلاب وتسليحهم بالوعي والمعرفة، متعهم الله بالصحة والعافية.
وعقيل الخضور ومحمد أبو خضره وعلي أبو خصره _ رحمهم الله وجزاهم عنا خير الجزاء، وغيرهم الكثير من أسماء شامخة، أنفقت عمرها لتبني الإنسان فينا.
أذكرهم وفي النفس كثير من الغصات والحسرات، أذكرهم وكلي حسرة على زهرة شبابهم الفانية في الغرف الصفية، فلولا بعض من القيم المجتمعية؛ لنجحت الأنظمة في استبعادهم وجعلهم مجرد أسماء على هامش الحياة، لكن سيرتهم العلمية (وعصاهم) التربوية خلدتهم في الوجدان الجمعي، منارات باسقة لا تقبل الحذف ولا التعديل.
حسناً، سأروي لكم شيئاً عن مس عونة.
كنا نحضر صباحاً بلا ساندويشات، وبلا مصروف، نحضر بملابس رثة وأشكال فقيرة، حينها كان الآباء والأمهات مشغولين بخطوط الإنتاج لحياة ليست لينة، فهناك حصيدة وسراحة، وجلب للمياه، وتحطيب، وغيرها من المهمات القاسية، أما التعليم فكانت الأسرة تعتمد كلياً على معلميها ومعلماتها وتثق بهم كل الثقة.
كانت مس عونة وزميلاتها المربيات الفاضلات يعتنين بنا كأبنائهن، ومفهوم العناية يبدأ لديهن بالنظافة البدنية لطلاب يقضي جلهم وقته برعي الماشية، (الحلال)، ولا يضيره أن يأخذ شيئاً من رائحتها.
تتفقدنا في الطابور الصباحي، تتفقد أظافرنا، وتقلب أيدينا، وتتفحص ثيابنا، كما تنبش في دفاترنا وكتبنا، ولا تريد شيئاً من ذلك سوى البناء والتربية والتعليم، لجيل لا هادي له سوى الله والكرماء من المعلمين.
في الطابور أقف كلص يخشى انكشاف أمره، أقف والقلق يتملكني على شكل رجفة..تنبهت مس عونة فور وقوفها أمامي، عرضت يدي وأظافري المتسخة على معلمة لا تهادن في النظافة ولا تساوم، وثارها ما رأت من كوارث (جلدية)؛ فتعرفت منها ولأول مرة حينئذ عن منتج (الفازلين) وأهميته في محاربة (القشب) على ظهر الأيدي.
ليس هذا وحسب، كان علينا أن نرتدي الجوارب (الكلسات) يومياً، ومن أين سيأتي واحد مثلي تعرّف للتو على ماركة (الفازلين).. لا خيارات أمامي سوى التحايل على زميل يقف جانبي مرتدياً زوجاً من الجوارب (الصفراء) بكل شموخ وعزة، طلبت منه أن يعيرني أحدهما، فارتدي أنا اليسرى واليمنى له دون سواه.
كان ذلك اتفاقاً سريعاً قبل ان تدهمنا المس عونة، التي ما ان فرغت من فقرة النظافة البدنية، والحديث عن (الفازلين) حتى طلبت مني الكشف عن ساقي لترى الجوارب؛ فممدت اليسرى بكل ثقة.
انتهت مني ومضت لزميلي الذي بادر إلى مد قدمه اليمنى؛ ليريها جواربه الصفراء أيضاً، وحين طلبت منه الكشف عن الساق الأخرى وقعنا في الفخ.
نعود لتلك المحطات لنقول منها إن المعلمات كن أمهات ومربيات فاضلات قبل أن يكن مدرسات، أما اليوم فالحال ليس بخير. حال اليوم لا يسر طالباً ولا معلماً؛ فنهرب منه إلى مجتمع الأمس، وقد بني بسواعد الشرفاء من المعلمين والمعلمات. وكل عام وانتم بألف خير.

نيسان ـ نشر في 2022-10-05 الساعة 11:58


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً