اتصل بنا
 

ميسر السردية تكتب: ونجا أبو نايف

نيسان ـ نشر في 2022-10-11 الساعة 12:25

x
نيسان ـ بقلم ميسر السردية
كنت كلما أقبلت عليه وهو في وسط المقثاة أو بين شياهه رددت مقطع أغنية قديمة يقول" أهيل التنك ماوردوا يا أبو نايف.. ومغيّرين العادة.. قلبي خايف".. رفع رأسه نحوي، وجهه مخطوف، تبسم فبدأت ابتسامته وكأنها ترتجف.. والله يا ميسر قلبي أنا اللي خايف...
-عسى خير.. شو صاير عندكم؟
-جاني اليوم الصبح رجل غريب.. قال لي.. تشيل عريشتك وغنمك وترحل.. اشتريت هاي الأرض.. بدي أبني إسكان..
- طيب والمقثاة، فقوس، باميا، يقطين.. وتعبك وتعب عيالك ؟! .... والله قال مالي دخل... شو أساوي يا خيتي؟!
- شو تساوي.. لا تتحرك.. لا تشيل شي من مكانه..مين هو هذا الزلمة.. من وين طلع لك؟!
-هذا يا خيتي بعد ما توفى الحجي راعي الأرض عياله بايعين له.. ويقول يريد يعمّر.
- رد عليّ، أثبت، أقلها بلكن لقطتلك شوي.. وعوّضت لو من الجمل أذنه.. لما يجي يعمّر يفرجها الله.. حتى لو وصلت للمحكمة يمكن رح يحكمولك لأنك أتخسّرت.. ومتعود تزرع الأرض من الحجي الله يرحمه.. ولا ضرر ولا ضرار.. بعدين إن لزمت نشوف محامي شاطر يطّوع يدافع عنك.. الكل رح يقف معك.. ربك كبير أبو نايف لا تخاف.
مرت أيام.. كل يوم نقول اليوم تقع الفأس بالرأس.. شايف هاي زلف شهر.. ثلاثة.. وما عاد رجع الزلمة اللي هبلّ نعمتنا ..
أبو نايف رجل بسيط.. كان سنويا يزرع مساحة من الأرض َينزل بشياهه.. نشتري منه حليب.. ونتّاج مقثاته.. نّمّون مونتنا من عنده على مدار سنوات... يعمل وعياله طيلة الربيع والصيف.. يبيعون ما يقطفونه على قارعة الطريق..بالإضافة لمنتجات الحليب، يجمعون مصاريف الشتاء ويرحلون..
هكذا انتهى الموسم ونحن نحبس الأنفاس معه، ننتظر بخوف رغم الخطط البديلة التي وضعناها للطوارىء..
اليوم شعرت بإزدواج الفرح والحزن وأنا أرقب السيارة تقفي حاملة عريشته.. لقد نجا ونجت مقثاته وفي ذات الوقت لن يعود مرة أخرى لهذه المنطقة... حملت جركن وقع من سيارة الرحيل.. قد التقي بأبي نايف يوما وأعطيه له.. أو.. لا أعرف ما أفعل به..
عدت للبيت وأنا أتذكر مرة عندما قال لي.. البارحة بنص الليل يا خيتي شفت ضو بيل بالمقثاة.. رحت بدون ما أحسس ولقيت زلمه يلقط فقوس.. قال بدي أخذ اكم حبة لولادي.... معه بكسه يا خيتي. قلت له خذ اللي لقّطته والله يسامحك.. بكسه يا خيتي.. بالله عليكِ معقول هالحكي.. !!!
وهكذا.. طيّرت المقثاة.. وولت الغنم.. وسيعلو بنيان الإسكان مطرحها..
أهيل التنك ماوردوا يا أبو نايف.. ومغيّرين العادة قلبي.. خايف" ....يقال أنها أغنية المقصود بها أن صبية كانت" تسوق" تنك" صهويج" وتمر من طريق حيث البئر كي تملأه لسقاية غنم أهلها.. أحبها أحدهم من بعيد وفي يوم لم تمر كالعادة، فقال ما قال مشتكيا توجسه لصديق متوقعا رحيل العرب عن الديرة.. وذاك ماحدث.

نيسان ـ نشر في 2022-10-11 الساعة 12:25

الكلمات الأكثر بحثاً