لينكد إن.. فقاعة أم مصدر دخل جيد؟

نيسان ـ لا يخفى على أحد أن منصة "لينكد إن" هي شبكة للتواصل المهني عبر الانترنت. كما أنها منصة تصنّف على أنها من وسائل التواصل الاجتماعي. بالنسبة لي، ومن خلال تعاملي المتقطّع معها، هي منصة غامضة.
قبل شهور كنت أنوي إلغاء حسابي على "اللينكد إن". كان لدي إحساس كبير أن هذه المنصة مجرّد فقاعة، حتى وإن كانت علاقتي بها علاقة قديمة. وكنت أنظر إليها أنها مجرّد وسيلة من وسائل التواصل، ليس أكثر.
كنت أغيب عنها شهوراً ثم أعود، علّني أجد بها شيئاً يُفيدني. ثم أواصل الغياب. حتى أنني قمتُ بحذف حساب آخر لي على هذه المنصة استمر معي سنوات.
هذه الأيام لا يزال هذا الإحساس في داخلي. هذه المنصة فقاعة. لا أدري لماذ؟ رغم أني أقرأ الكثير من التدوينات التي تقول عكس ذلك. تدوينات يقول أصحابها عن تجاربهم مع "لينكد إن" وكيف أنها ساعدتهم كثيراً في حياتهم المهنية والعملية، ووفرت لهم مصادر دخل هائلة.
لا أدري. ربما يكون هذا مجرد إحساس خاطىء، لكنه لا يزال يعشش في أفكاري.
قبل أيام، ومن باب الفضول حول علاقة المحترفين بهذه المنصة، تساءلتُ في منشور لي وجههته إلى الفاعلين عبرها كما يلي:
"ليس لدي منتج رقمي.
ليس لدي أي نوع من التمويل.
لدي خبرة عملية طويلة.
كيف يمكن لي أن أستفيد من اللينكدإن في إيجاد مصدر مالي جيد؟؟
أفيدونا... وشكراً."
في الحقيقة حصل المنشور على مشاهدات جيدة بالنسبة لباقي منشوراتي أو تدويناتي، على قلّتها، عبر حسابي على "لينكد إن". وكان أكثر ما استفدت منه من معلومات وتصورات حول هذا الموضوع هو ما جاء من تعليقات لبعض خبراء هذه المنصة.
يرى خالد الأحمد، وهو مستشار ومؤلف وخبير في مجال استراتيجيات التواصل الاجتماعي وبناء الهوية الرقمية، أن الاستفادة المرجوّة تكون من خلال بناء هوية رقمية، وذلك عبر:
- تطوير تفاصيل الحساب.
- نشر محتوى متخصص عالي القيمة.
- بناء علاقات مع قادة الفكر وصناع القرار.

أما جورج خلّة، وهو مترجم حرّ يقدم خدمات ترجمة قانونية ومالية وعامة، فيعتبر أن "الطريق هو تسويق علامتك التجارية الشخصية وترويجها للوصول إلى عملاء جدد". حيث أن مصادر الدخل في نظره "عامة لا تعتمد على المنتجات وحسب، بل هناك أيضًا الخدمات، مثل خدمات الكتابة والتحرير والبحث والترجمة المشار إليها تحت اسمك الكريم" (في إشارة إلى تعريفي بنفسي عبر حسابي). وأضاف أن بعض العملاء تواصلوا معه عبر "لينكد إن" وتمكّن من التعاون مع عدد منهم.
وترى وعد إسماعيل، وهي خبيرة في التسويق الرقمي وتطوير حسابات "لينكد إن"، أن الكاتب والباحث والمترجم الحر يمكنه الحصول على مصدر دخل عبر هذه المنصة. وتقول إن هذا يأتي من خلال:
- تحسين عنوان الحساب ليظهر خبرتك في المجال..
- تطوير صورتك الشخصية لتناسب احترافية خبراتك..
- منح الاهتمام لباقي تفاصيل حسابك على "لينكد إن" لتتماشى مع سنوات خبرتك..
- عرض قدرتك في الكتابة من خلال تواجدك على المنصة، وكتابة محتوى قوي تعلّم فيه الأشخاص المبتدئين كيفية الكتابة على الإنترنت، وتحفّزهم على عدم الخوف من الكتابة، وتطرح لهم أدوات تساعدهم في الكتابة، مثل أدوات الذكاء الاصطناعي..
- تحديد فئتك المستهدفة والبدء بإرسال طلبات اتصال، لمالكي الشركات ومدراء التسويق مثلاً، وهذا سيجعل لديك جمهوراً يتابع خبراتك ويوفّر لك عروض الكتابة في مجالك المتخصص به: كتابة صفحات تعريفية أو كتابة محتوى موقع أو كتابة محتوى لمنصات تابعة للشركة، وغيرها الكثير.
ويجيب علاء المنسي، وهو مدير إعلام وتسويق وخبير في التحوّل الرقمي، على السؤال المطروح: "قدّم منتج مجاني لتحصل على المدفوع. قدّم كورسات للترجمة والكتابة، وستأتيك استشارات مدفوعة".
بينما تركّزت نصيحة عبد الرحمن أبو هنية، وهو مدرّب ومستشار جودة، على النشر "بشكل منتظم حول الموضوع الذي تريد أن يكون عملك فيه. عّلم الناس بعض الأسرار والمعلومات القيّمة / محتوى عالي الجودة".
ويقول أنس أحمد، وهو مستشار تطوير يركّز على المتابعة والتقييم: "سأحاول إجابتك بأكثر من احتمال:
1. يمكنك الترويج لنفسك في التحوّل لصانع محتوى متعلق بخبرتك العملية الطويلة والتشبيك مع صناع المحتوى المهتمين بخبرتك وبضاعتك.
2. إذا كانت خبرتك العملية طويلة بما يكفي لتستطيع تقييم خبرات العاملين في مجال خبرتك، فيمكن لك تقديم خدمات التوظيف لمن يحتاجها في مقابل أجر مادي.
3. التحوّل إلى تقديم خدمة المدرب الاحترافي في مجالك والاستعانة بالمنصة للإعلان عن خبراتك وشخصك الكريم".
لقد أسهمت هذا التعليقات والنصائح والخبرات الثرية في جعلي أنظر إلى منصة "لينكد إن" من منظور مختلف. وبالتأكيد خففت من شعوري بأنها فقاعة إلكترونية لا أكثر. وهذا جعلني أبدأ بالتعمّق في فهم هذه المنصة وآليات عملها بما يخدمني ويخدم الآخرين.
لكن يظل السؤال قائماً: ما هي الخطوات العملية للاستفادة من "لينكد إن" كمصدر دخل جيّد؟ ربما تأتي الإجابة في مقالات مقبلة.