اتصل بنا
 

مفارقة 'المطران والشيخ'… 'خدش' الوصاية الأردنية: ما هو 'السطر المخفي؟'

كاتب اردني

نيسان ـ نشر في 2022-10-15 الساعة 06:12

نيسان ـ مجدداً تقف وزارة الخارجية الأردنية على محطة كلاسيكيات الشجب والاستنكار والتنديد في مواجهة الهدف الجديد الذي سجله المتشددون من المستوطنين في سلتي الشعب الفلسطيني والوصاية الأردنية أيضاً عندما سمحت لهم قوات الاحتلال بإدخال ما يسمى بـ»القرابين النباتية» عند البوابة الشمالية للمسجد الأقصى.
قبل خرافة القرابين النباتية سمحت قوات الاحتلال بعدة سوابق لا تنتهك المقدسات الإسلامية فقط، لا بل تعتدي على الوصاية الأردنية بصورة مباشرة حتى وفقاً لتوثيقات طاقم وزارة الأوقاف الأردني المرابط في صحن المسجد الأقصى. ومن بين تلك السوابق، لا بل أخطرها، سماح الاحتلال أول مرة بإقامة صلوات تلمودية في باحات المسجد الأقصى، وليس فقط أمام حائط المبكى، إضافة إلى تدنيس المقبرة الإسلامية وقبل ذلك اقتحام قوات الاحتلال بأحذيتهم وتدنيس المسجد الشمالي، ثم الإعلان من جهة المستوطنين عن الرغبة في تنفيذ ذبح القرابين.
جرح بروتوكول الوصاية
كل تلك انتهاكات تشكل سوابق ولا أحد يعلم بعد تلك الخلفية السياسية والإجرائية والبيروقراطية التي تدفع وزارة الأوقاف الأردنية للبقاء في حالة صمت ودون تعليق، وأحياناً دون إجراء فيما يتولى الناطق باسم الخارجية فقط إصدار تعليقات مكررة تحذر فقط إسرائيل والمجتمع الدولي من الانتهاكات.
تلك سوابق، حتى بعرف السياسيين الأردنيين، تخدش وتجرح بروتوكول الوصاية وحراس الأوقاف. لكنها بالمعنى السياسي القانوني تكرس خطة الإسرائيليين التي تحمل اسم التقاسم الزماني والمكاني وسط الشكوك اليوم بأن الحكومة الأردنية يمكن أن تحتار في طريقها للتفاعل مع الضغط والإلحاح الإسرائيلي بمعنى تجنب الاشتباك والمواجهة والصدام مما يسهل على الإسرائيلي لاحقاً تمرير إطار ما يمكن تعديله ويحقق ضمانات للوصاية باسم التقاسم الزماني والمكاني. تلك مفارقة تحتاج لنقاش ومحطة حمالة أوجه في تفسير وقراءة ومتابعة خلفيات الموقف الرسمي والحكومي الأردني الذي يكتفي بالمراقبة والاعتراض حكومياً على الأقل. والمسألة قد تكون أبعد وأعمق من ذلك، فالأب عطا الله حداد والشيخ عكرمة صبري اشتكيا، بنسب متفاوتة أمام «القدس العربي» وفي لقاءين منفصلين، من مؤشرات الضعف في التنسيق معهما أردنياً بين الحين والآخر.
وتلك شكوى قيلت علناً مرتين ومن الرجلين أمام عشرات من الشخصيات الأردنية برفقة أمل في زيادة مستوى التنسيق والتقارب على أساس تقديم خدمة أفضل للوصاية الأردنية وعلى أساس التفاعل مع الموقف الأردني السياسي المعلن في نصرة القدس وأهلها ودور الملك في توفير الحماية دولياً لملف وقضية القدس وهو ما أقر به الشيخ صبري والمطران حنا معاً عملياً.
والمعنى هنا أن القيادات الإسلامية والمسيحية في القدس وهي تندفع حتى مع بعض قيادات المقاومة الفلسطينية للدفاع عن القدس والوصاية الأردنية لا تجد ما يحفز التنسيق والاتصال معها من جهة وزارتي الخارجية والأوقاف في عمان. وتلك مسألة لا بد من التوقف عندها تنفيذاً لتوجيهات القيادة العليا التي تتصدر إسلامياً وعربياً برأي القطب البرلماني خليل عطية المشهد عندما يتعلق الأمر بثوابت الأردن، وحصراً في القدس والمسجد الأقصى.
والمطلوب كما فهمت «القدس العربي» من عطية من النخب التنفيذية الأردنية بالمقابل قد يكون الارتقاء إلى مستوى مقتضيات ومتطلبات الاشتباك من أجل الوصاية والتي لا يخدشها أو يحاول تقويضها إلا شريك السلام الصامت الإسرائيلي فقط. وفي المقابل، لا أحد يفسر أسباب عدم اندفاع الوزارتين للاستثمار في أوراق القوة التي تجلس بوقار واحترام في حضن الوصاية الأردنية باسم أهل ومؤسسات ورجال دين مدينة القدس إلا إذا كان في المشهد ثمة سطر مخفي أو حسابات مرتبطة بالمصالح الأساسية والتكتيكية للحكومة الأردنية.
ووجود أي سطر مخفي هنا لا يعفي حكومة عمان من التفاضل النوعي والعددي، فحجم المزاودة على الموقف الرسمي حتى في الشارع الأردني كبير وملحوظ بدلالة دعوة الاعتصام الجماهيري الحاشد تحت عنوان جمعة حماية الأقصى التي صدرت عن الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن بإسناد من حزب جبهة العمل الإسلامي. وعبر دعوة الأردنيين للاحتشاد أمس الأول أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة.
المجازفة ملموسة بالسوابق الإسرائيلية الاستيطانية التي تخدش الوصاية دون اعتراض بيروقراطي وبالمزاودة في المشهد الداخلي، وهي مزاودة قد تكون حساسة أو غير مفهومة بالنسبة للرأي العام، لكنها تعني أنه في كواليس جعبة القرار الأردني حسابات أساسية لا تسمح بمواقف شعبوية.
وهي على الأرجح حسابات قد ترتبط بذلك التشبيك الذي يحصل في ميادين مدينة القدس ما بين أهل القدس ونشاطاتهم تحت عنوان حماية مقدساتهم والتصدي وبين ارتفاع وتيرة المقاومة في أطراف القدس والضفة الغربية أيضاً.
خسائر كبيرة
يفهم الجميع أن عمان لا ترغب بأن تكون في موقع تتهم فيه أمريكياً وإسرائيلياً بمساندة التحريض، لكن خسائر هذه المصلحة الحيوية والأساسية كبيرة عندما يتعلق الأمر بوزن الوصاية وبرؤية الجمهور في الشعبين الأردني والفلسطيني، وإن كانت بعض زوايا الحسابات الحرجة تشير بوضوح إلى أن أي ارتفاع في شعبويات الخطاب الرسمي الأردني الآن حصراً قد يؤذي تيار يائير لبيد ويخدم جناح عدو الأردن الأول في انتخابات الكنيست بنيامين نتنياهو.
المرابطون والمزاودون لا علاقة لهم بهذه الحسابات لكنها تفسر حالة التموقع البياناتية في مشهد الشجب والاستنكار وتحشر الوصاية الأردنية سياسياً في زاوية أكثر حرجاً وضيقاً مجدداً اسمها حسابات الانتخابات الإسرائيلية. واسمها الثاني تلك الحسابات الغامضة أردنياً حتى اللحظة والتي تحاول الإجابة وطنياً وفي الدولة العميقة على فرضية سؤال مؤرق: ماذا سيحصل مع مصالح المملكة إذا عاد دونالد ترامب أو شبيه له إلى صدارة البيت الأبيض بعد أقل من عامين؟
حزمة الحسابات بالخلاصة أعقد من أن يهضمها الرأي العام، لكن النظرية الثابتة تلك التي تقول بأن مؤسسة القرار لديها معلومات أكثر ومعطيات ذات قيمة أكبر ولديها أيضاً مجسات حريصة على عدم المجازفة حتى وإن دفع دور الأردني في القدس ثمناً مرحلياً.القدس العربي

نيسان ـ نشر في 2022-10-15 الساعة 06:12


رأي: بسام بدارين كاتب اردني

الكلمات الأكثر بحثاً