غيروا قواعد الاشتباك الإعلامي
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2022-10-19 الساعة 06:30
نيسان ـ على جبهتنا العسكرية الشمالية، يقف جنودنا البواسل بالمرصاد لمهربي المخدرات وتجارها، هذه حرب فرضت علينا، وكان يجب أن نواجهها بشجاعة لنحمي مجتمعنا، ثم اشقاءنا، من هذا الخطر الداهم، وقد فعلنا ما يجب أن نفعله، سواء مع القادمين من وراء الحدود، أو مع الوسطاء والتجار الذين يعبثون بأمننا الداخلي.
السؤال: ما الذي يمنع أن نتخذ الإجراءات ذاتها على جبهتنا الإعلامية، التي تتسرب من خلالها المخدرات المحملة برسائل الدس والتشكيك، والفجور السياسي والأخلاقي؟
تحت عنوان «تغيير قواعد الاشتباك» أصبحت حدودنا الجغرافية خطا احمر، وكل من يتجاوزها يقع تحت مرمى النيران، لا مجال للتسامح مع أي تهديد، هذه اللغة يفهمها العسكريون تماما، نحن في الإعلام بحاجة إلى «تغيير قواعد الاشتباك « بالمعنى الإعلامي، حيث لم تعد الأدوات القديمة مجدية لمواجهة هذا « الزخ» الذي تواجهه الدولة بكافة مؤسساتها، من وراء الحدود وداخلها، الإعلاميون مثل الجنود تماما، يفترض أن يقفوا على الخطوط الأمامية، ويفتحوا عيونهم على كل شاردة او واردة، دفاعا عن أهلهم وبلدهم.
أين هم هؤلاء الإعلاميون، ولماذا لا يقومون بواجبهم الوطني، لماذا تركوا مهمة تشكيل الرأي العام، والتأثير على المزاج العام لغيرهم من رواد «المباشر «، و المغردين خارج السرب ؟
الإجابة،ببساطة، يكشفها واقع الإعلام في بلادنا، حيث تسببت سياسات غير حكيمة بوضع الإعلام في بيت الطاعة، ودفع الاعلاميين للزهد بالمهنة، أو الانسحاب منها، أو ممارسة اقل الواجب تحت دوران طواحين الرغبات و الوصايات والإهمال.
الفراغ الذي تركه إعلام الدولة ملأه إعلام آخر استهدف زعزعة أمن المجتمع والدولة، والاعلاميون الذين تم إقصاؤهم، أو دفعهم لجدران الجوع والصمت، حل محلهم إعلاميون استخدموا ما لديهم من سقوف حريات عالية، فاستقطبوا آلاف المتابعين والمشاهدين، المفارقة أن إدارات الدولة التي ما تزال تتعامل مع الإعلام الوطني الرصين باعتباره المشكلة تارة، والحل تارة أخرى، لم تتحرك حتى الآن لتعزيز الجبهة الاعلامية، وتمكينها من مواجهة ما يدخل عبر الفضاء من مخدرات إعلامية ، ربما تكون أسوأ وأخطر من الكبتاغون والجوكر والكريستال.
أمام هجمة الإعلام المسلح بالمعلومات والتمويلات والأجندات، بكافة نسخها وتجارها والمتناوبين عليها، لم يعد بمقدورنا، دولة ومجتمعا، أن نضع رؤوسنا بالرمال، ونلتزم الصمت أو التطنيش، فالرأي العام يتشكل نتيجة الزخم الإعلامي والمعلوماتي، وصدمة المشاهد بأخبار يريد أن يسمعها، لا يهم إن كانت صحيحة او مجرد إشاعات، المهم أنها جاءت بالتوقيت المناسب، وسدت فراغا لم يملأه أحد، واستجابت لمزاج شعبي ملبد بغيوم الشك والإحباط.
واجب الدولة أن تتحرك على الفور لترميم إعلامها، وبنائه من جديد، ثم توحيد خطابها العام، ورواياتها الإعلامية التي تعبر بحرية ومصداقية عن قيمها وقضاياها ومواقفها ، ومع ضمير الناس واحتياجاتهم، هذا يستدعي وجود مطبخ إعلامي يديره إعلاميون اكفاء، ويتاح من خلاله الوصول لكل المعلومات، وترفع عنه الإدارات العامة وصاياتها، بحيث يكون هو المرجعية المقنعة للجمهور.
وظيفة هذا المطبخ ليس تقديم الرواية الرسمية وقت الأزمات فقط، وإنما تقديم الردود المناسبة لكل قضية تشغل الرأي العام، بمنطق الاستباق لا الانتظار، وبعقلية من يحترم ذكاء الأردنيين وعقولهم، لا من يزيد شكوكهم وخيباتهم، وهروبهم إلى وسائل الإعلام أخرى «تدس السم بالدسم».الدستور
السؤال: ما الذي يمنع أن نتخذ الإجراءات ذاتها على جبهتنا الإعلامية، التي تتسرب من خلالها المخدرات المحملة برسائل الدس والتشكيك، والفجور السياسي والأخلاقي؟
تحت عنوان «تغيير قواعد الاشتباك» أصبحت حدودنا الجغرافية خطا احمر، وكل من يتجاوزها يقع تحت مرمى النيران، لا مجال للتسامح مع أي تهديد، هذه اللغة يفهمها العسكريون تماما، نحن في الإعلام بحاجة إلى «تغيير قواعد الاشتباك « بالمعنى الإعلامي، حيث لم تعد الأدوات القديمة مجدية لمواجهة هذا « الزخ» الذي تواجهه الدولة بكافة مؤسساتها، من وراء الحدود وداخلها، الإعلاميون مثل الجنود تماما، يفترض أن يقفوا على الخطوط الأمامية، ويفتحوا عيونهم على كل شاردة او واردة، دفاعا عن أهلهم وبلدهم.
أين هم هؤلاء الإعلاميون، ولماذا لا يقومون بواجبهم الوطني، لماذا تركوا مهمة تشكيل الرأي العام، والتأثير على المزاج العام لغيرهم من رواد «المباشر «، و المغردين خارج السرب ؟
الإجابة،ببساطة، يكشفها واقع الإعلام في بلادنا، حيث تسببت سياسات غير حكيمة بوضع الإعلام في بيت الطاعة، ودفع الاعلاميين للزهد بالمهنة، أو الانسحاب منها، أو ممارسة اقل الواجب تحت دوران طواحين الرغبات و الوصايات والإهمال.
الفراغ الذي تركه إعلام الدولة ملأه إعلام آخر استهدف زعزعة أمن المجتمع والدولة، والاعلاميون الذين تم إقصاؤهم، أو دفعهم لجدران الجوع والصمت، حل محلهم إعلاميون استخدموا ما لديهم من سقوف حريات عالية، فاستقطبوا آلاف المتابعين والمشاهدين، المفارقة أن إدارات الدولة التي ما تزال تتعامل مع الإعلام الوطني الرصين باعتباره المشكلة تارة، والحل تارة أخرى، لم تتحرك حتى الآن لتعزيز الجبهة الاعلامية، وتمكينها من مواجهة ما يدخل عبر الفضاء من مخدرات إعلامية ، ربما تكون أسوأ وأخطر من الكبتاغون والجوكر والكريستال.
أمام هجمة الإعلام المسلح بالمعلومات والتمويلات والأجندات، بكافة نسخها وتجارها والمتناوبين عليها، لم يعد بمقدورنا، دولة ومجتمعا، أن نضع رؤوسنا بالرمال، ونلتزم الصمت أو التطنيش، فالرأي العام يتشكل نتيجة الزخم الإعلامي والمعلوماتي، وصدمة المشاهد بأخبار يريد أن يسمعها، لا يهم إن كانت صحيحة او مجرد إشاعات، المهم أنها جاءت بالتوقيت المناسب، وسدت فراغا لم يملأه أحد، واستجابت لمزاج شعبي ملبد بغيوم الشك والإحباط.
واجب الدولة أن تتحرك على الفور لترميم إعلامها، وبنائه من جديد، ثم توحيد خطابها العام، ورواياتها الإعلامية التي تعبر بحرية ومصداقية عن قيمها وقضاياها ومواقفها ، ومع ضمير الناس واحتياجاتهم، هذا يستدعي وجود مطبخ إعلامي يديره إعلاميون اكفاء، ويتاح من خلاله الوصول لكل المعلومات، وترفع عنه الإدارات العامة وصاياتها، بحيث يكون هو المرجعية المقنعة للجمهور.
وظيفة هذا المطبخ ليس تقديم الرواية الرسمية وقت الأزمات فقط، وإنما تقديم الردود المناسبة لكل قضية تشغل الرأي العام، بمنطق الاستباق لا الانتظار، وبعقلية من يحترم ذكاء الأردنيين وعقولهم، لا من يزيد شكوكهم وخيباتهم، وهروبهم إلى وسائل الإعلام أخرى «تدس السم بالدسم».الدستور
نيسان ـ نشر في 2022-10-19 الساعة 06:30
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي