في منع استيراد زيت الزيتون

نيسان ـ في الاعلام ليس من مهمتنا الترويج للحكومة. واية حكومة مهنيا هي تحت قصف الاعلام، وسياسات وقرارات الحكومة عرضة للنقد والتقويم والمراجعة اعلاميا.
في القرار الاخير لوزير الزراعة المهندس خالد حنيفات في وقف استيراد زيت الزيتون قد يكون مواطنون استقبلوه بسطحية وعفوية، ودون التعمق ما وراء القرار.
في اعوام سابقة منتج زيت الزيتون الاردني انضرب والبلد غرقت في زيت الزيتون المهرب والمستورد قانونيا، والخاسر كان الاقتصاد الاردني، ومزارعو الزيتون.
و لا اعرف المعترضون والمحتجون وناقدو قرار الوزير ماذا يريدون ؟ تدمير الاقتصاد الزراعي، وفتح باب الاستيراد على مصراعيه سيترتب عليه مستقبلا موت المنتج الزراعي الاردني.
وزراء زراعة سابقون كانوا مؤمنين في تحرير السوق، ولو ان الله اطال في وجودهم في الزراعة،لكنا اليوم نترحم على القطاع الزراعي، ونترحم بحسرة وندب على زيتون الاردنيين في برما وجرش، وعجلون، والطفيلة.
وقف استيراد الزيتون لن يؤثر على اسعار الزيت. وزارة الزراعة تضبط السوق، وتتخذ اجراءات حازمة وواضحة، ولا تسمح لاي احتكارية بان تولد في القطاع الزراعي، وتحاربها قبل ان تشتد عزيمتها وتقوي انيابها.
و فيما يخص تحرير السوق، وهي عقيدة اقتصادية ليبرالية عدوها الاول المزارع والزراعة الاردنية، وعدوها الاقتصاد الزراعي والريفي، وكما انها نخرت التعليم والصحة، وتوسعت في سياسة الخصخصة وبيع اصول الدولة، وخربطت وقلبت المعادلة الاجتماعية الاردنية، وانتجت طبقة من الاثرياء الجدد و طبقة زاحفة من الفقراء والفقراء الجدد، وتلاعبت في هوية الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والثقافية.
اقتصاد الزراعة والزيتون له غطاء اجتماعي، ومزارعو الزيتون الصغار والمتوسطون هم من ابناء الحراثين في الاطراف والمحافظات، وحمايتهم اجتماعيا مصلحة وطنية، ولضمان سيادة وامان اجتماعي واقتصادي وغذائي وطني.
و مفهوم الامن الغذائي في عمقه الاستراتيجي لا يقوم على اقتصاد الاستيراد، والامن الغذائي في شقه البعيد النظر يقوم على توطين الاقتصاد الزراعي، والانتاج التصنيع الزراعي والاكتفاء الذاتي، والاعتماد على الذات.
الذين طخوا على قرار الوزير لم يفكروا بعمق وحس وطني. وهم ضحايا لاطروحات شعبوية استهلاكية ترمي بضاعتها على السوشل ميديا
، وضحايا لمنظومة اتهامية سوداوية وقود تفكيرها « عقلية المؤامرة» ، وتنظر دائما الى الجزء الفارغ من الكأس الممتلئ بالحب والامل، والحياة.
مزارعو الزيتون، ومن يقومون الان بقطاف الزيتون، ويصحون من مطلع الفجر، ويمضون يومهم يتلحفون تحت شمس تشرين المتقلبة ، وغبار الزيتون المتلهف لاول شتوة الخريف لينفض غباره، هؤلاء الصابرون والمكابدون ومجاهدو الارض من يفهمون ويدركون قيمة ومعنى قرار الوزير بمنع استيراد الزيتون.
في احيان كثيرة يجب ان تقال الحقيقة. الدستور