خريطة النفوذ تتغير في مناطق السيطرة التركية شمال سورية
نيسان ـ نشر في 2022-10-26 الساعة 06:35
x
نيسان ـ تشهد مناطق سيطرة القوات التركية في شمال سورية تغيراً في خريطة النفوذ مع دخول هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) إليها إثر اقتتال داخلي بين فصائل محلية موالية لأنقرة.
فمن القوى المسيطرة في المنطقة، وما دور “هيئة تحرير الشام” وتركيا التي أعربت مؤخراً عن احتمال الانفتاح على دمشق؟
من الفصائل المحلية؟
تدور التطورات الأخيرة في ريف محافظة حلب الشمالي، في منطقة حدودية مع تركيا سيطرت عليها الأخيرة مع فصائل سورية موالية لها إثر عمليات عسكرية عدة نفذتها في سورية منذ العام 2016. وتنتشر القوات التركية في قواعد بالمنطقة التي تتولى إدارتها مجالس محلية تتبع المحافظات التركية القريبة، مثل غازي عنتاب وكيليس وشانلي أورفا.
يتقاسم حوالي 30 فصيلا منضويا في إطار ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري” الموالي لأنقرة، السيطرة على منطقة حدودية تمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مروراً بمدن رئيسية، مثل الباب وأعزاز.
تضم الفصائل بشكل رئيسي مقاتلين سابقين في مجموعات معارضة مسلحة تم إجلاؤهم من مناطق سورية أخرى إثر هزيمة فصائلهم أمام قوات النظام السوري، مثل “الجبهة الشامية” التي كانت تنشط في مدينة حلب، أو “جيش الإسلام” الذي كان يعد الفصيل المعارض الأبرز قرب دمشق.
ومن بين الفصائل أيضاً، مجموعات تنشط أساساً في الشمال مثل “فصيل السلطان مراد”، وأخرى برزت مع العمليات العسكرية التركية وبينها فصيلا “الحمزة” و”سليمان شاه”.
وتتقاسم هذه الفصائل النفوذ بين القرى والمدن والأحياء. ويتهم سكان تلك المناطق الفصائل بارتكاب انتهاكات بحقهم، من مصادرة أراض وممتلكات ومحاصيل إلى القيام باعتقالات عشوائية، وإدارة المنطقة بقوة السلاح والتخويف.
وسبق أن اتهمت منظمة العفو الدولية الفصائل الموالية لأنقرة بارتكاب “جرائم حرب” وتنفيذ عمليات إعدام عشوائية خارج القانون.
كيف بدأ التوتر
وما علاقة “هيئة تحرير الشام”؟
تحاذي محافظة إدلب التي تسيطر “هيئة تحرير الشام” نحو نصف مساحتها وترسي فيها نظاماً إدارياً وقضائياً خارج مناطق نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة. وقد بسطت “هيئة تحرير الشام” التي تصنفها واشنطن منظمة “إرهابية” سيطرتها على إدلب مطلع 2019، إثر عامين من الاشتباكات المتقطعة مع فصائل أخرى تراجع نفوذها وانتقل الكثير منها إلى شمال حلب.
وحافظت تركيا على علاقة ود مع “هيئة تحرير الشام”، ولم تسجل أي صدامات بين الطرفين. ومنذ إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة في العام 2016، تسعى “هيئة تحرير الشام” إلى تلميع صورتها. حتى أن علاقتها توترت مع تنظيمات جهادية أخرى بينها تنظيم “حراس الدين” الذي يعد ذراع تظيم القاعدة في سورية.
لكن مناطق سيطرتها شهدت مرارا تحركات احتجاجية على الحكم المتشدد الذي تمارسه الهيئة، والتضييق على الحريات. وفي الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)، اندلعت اشتباكات بين فصيلي “الجبهة الشامية” و”الحمزة” في مدينة الباب في شمال شرق حلب، إثر اتهام الأخير بقتل ناشط إعلامي.
وما لبثت أن توسعت المعارك. وتدخلت “هيئة تحرير الشام” دعماً لفصائل معينة بينها “الحمزة” ضد أخرى على رأسها الفيلق الثالث في “الجيش الوطني السوري” الذي يضم أيضا “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام”.
وبعد أيام قليلة فقط، دخلت “هيئة تحرير الشام” منطقة عفرين وتسلمت مؤسساتها كافة للمرة الأولى. وقال المتحدث باسم الفليق الثالث، سراج الدين الشامي، لوكالة “فرانس برس” إن الهيئة “تسيطر على منطقة عفرين بالكامل، وعلى المؤسسات كافة فيها، وقد تولت الأمن العام وإدارة الحواجز”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين المتقاتلين ينص على أن تتسلم “الهيئة” المؤسسات الخدمية والاقتصادية، وتتولى إرساء الأمن في عفرين، وتنشر عناصرها عند المعابر الفاصلة مع مناطق قوات النظام السوري والأكراد.
وكان من المفترض أن يشمل الاتفاق مناطق أخرى، إلا أنه منذ دخول “الهيئة” إلى عفرين، تظاهر بضع مئات من السكان في مدن عدة رفضاً لدخولها إلى مناطقهم، مرددين هتافات “جولاني (زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني) يطلع برا”.
بعد يومين من الهدوء، تجددت الاشتباكات. وأحرزت “هيئة تحرير الشام” تقدماً في محيط مدينة أعزاز، ثم تدخلت فصائل تركمانية للفصل بين الطرفين، “غالباً بطلب من تركيا”، وفق المرصد. وأسفرت عشرة أيام من المعارك، بحسب المرصد، عن مقتل 28 عنصراً من “هيئة تحرير الشام” و20 مقاتلاً من الفصائل المتحاربة وعشرة مدنيين.
ماذا عن الدور التركي؟
يرى بعض السكان في المنطقة أن “هيئة تحرير الشام” ما كانت لتدخل إلى المنطقة لولا موافقة الأتراك الذين لم تتدخل قواتهم لوقف الاقتتال الداخلي. وقال الشامي بدوره: “حتى الآن، لم يظهر موقف صريح رسمي من الأتراك تجاه هذه التحركات، وربما يدل ذلك على موافقتهم، وربما يكونون غير موافقين لكنهم يقبلون بالأمر الواقع”.
ويقول الباحث نوار أوليفر، من “مركز عمران للدراسات” ومقره تركيا، لوكالة “فرانس برس”: “خلق عدم تدخل تركيا فراغاً في الميدان استغلته ’الهيئة‘ التي لها مصالح اقتصادية وسياسية”، مضيفاً “أن عدم تدخل الأتراك قد يعني الاستفادة من القوى الأكثر تنظيماً لضبط الفصائل”.
وتكثر التساؤلات حول الدور الذي قد تلعبه “الهيئة”، سواء كان في أي عملية عسكرية جديدة قد تشنها تركيا ضد المقاتلين الأكراد، أو في أي تسويات في المستقبل، خصوصاً إثر إعلان مسؤولين أتراك انفتاحهم على إعادة العلاقات المنقطعة منذ سنوات مع دمشق.
ويضيف أوليفر: “تريد الهيئة بعث رسائل واضحة بأنها قادرة على ضبط المنطقة”. ولكن ليس من الواضح حتى الآن حجم السلطة التي قد تمنحها تركيا لـ”الهيئة”.
فمن القوى المسيطرة في المنطقة، وما دور “هيئة تحرير الشام” وتركيا التي أعربت مؤخراً عن احتمال الانفتاح على دمشق؟
من الفصائل المحلية؟
تدور التطورات الأخيرة في ريف محافظة حلب الشمالي، في منطقة حدودية مع تركيا سيطرت عليها الأخيرة مع فصائل سورية موالية لها إثر عمليات عسكرية عدة نفذتها في سورية منذ العام 2016. وتنتشر القوات التركية في قواعد بالمنطقة التي تتولى إدارتها مجالس محلية تتبع المحافظات التركية القريبة، مثل غازي عنتاب وكيليس وشانلي أورفا.
يتقاسم حوالي 30 فصيلا منضويا في إطار ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري” الموالي لأنقرة، السيطرة على منطقة حدودية تمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مروراً بمدن رئيسية، مثل الباب وأعزاز.
تضم الفصائل بشكل رئيسي مقاتلين سابقين في مجموعات معارضة مسلحة تم إجلاؤهم من مناطق سورية أخرى إثر هزيمة فصائلهم أمام قوات النظام السوري، مثل “الجبهة الشامية” التي كانت تنشط في مدينة حلب، أو “جيش الإسلام” الذي كان يعد الفصيل المعارض الأبرز قرب دمشق.
ومن بين الفصائل أيضاً، مجموعات تنشط أساساً في الشمال مثل “فصيل السلطان مراد”، وأخرى برزت مع العمليات العسكرية التركية وبينها فصيلا “الحمزة” و”سليمان شاه”.
وتتقاسم هذه الفصائل النفوذ بين القرى والمدن والأحياء. ويتهم سكان تلك المناطق الفصائل بارتكاب انتهاكات بحقهم، من مصادرة أراض وممتلكات ومحاصيل إلى القيام باعتقالات عشوائية، وإدارة المنطقة بقوة السلاح والتخويف.
وسبق أن اتهمت منظمة العفو الدولية الفصائل الموالية لأنقرة بارتكاب “جرائم حرب” وتنفيذ عمليات إعدام عشوائية خارج القانون.
كيف بدأ التوتر
وما علاقة “هيئة تحرير الشام”؟
تحاذي محافظة إدلب التي تسيطر “هيئة تحرير الشام” نحو نصف مساحتها وترسي فيها نظاماً إدارياً وقضائياً خارج مناطق نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة. وقد بسطت “هيئة تحرير الشام” التي تصنفها واشنطن منظمة “إرهابية” سيطرتها على إدلب مطلع 2019، إثر عامين من الاشتباكات المتقطعة مع فصائل أخرى تراجع نفوذها وانتقل الكثير منها إلى شمال حلب.
وحافظت تركيا على علاقة ود مع “هيئة تحرير الشام”، ولم تسجل أي صدامات بين الطرفين. ومنذ إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة في العام 2016، تسعى “هيئة تحرير الشام” إلى تلميع صورتها. حتى أن علاقتها توترت مع تنظيمات جهادية أخرى بينها تنظيم “حراس الدين” الذي يعد ذراع تظيم القاعدة في سورية.
لكن مناطق سيطرتها شهدت مرارا تحركات احتجاجية على الحكم المتشدد الذي تمارسه الهيئة، والتضييق على الحريات. وفي الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)، اندلعت اشتباكات بين فصيلي “الجبهة الشامية” و”الحمزة” في مدينة الباب في شمال شرق حلب، إثر اتهام الأخير بقتل ناشط إعلامي.
وما لبثت أن توسعت المعارك. وتدخلت “هيئة تحرير الشام” دعماً لفصائل معينة بينها “الحمزة” ضد أخرى على رأسها الفيلق الثالث في “الجيش الوطني السوري” الذي يضم أيضا “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام”.
وبعد أيام قليلة فقط، دخلت “هيئة تحرير الشام” منطقة عفرين وتسلمت مؤسساتها كافة للمرة الأولى. وقال المتحدث باسم الفليق الثالث، سراج الدين الشامي، لوكالة “فرانس برس” إن الهيئة “تسيطر على منطقة عفرين بالكامل، وعلى المؤسسات كافة فيها، وقد تولت الأمن العام وإدارة الحواجز”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين المتقاتلين ينص على أن تتسلم “الهيئة” المؤسسات الخدمية والاقتصادية، وتتولى إرساء الأمن في عفرين، وتنشر عناصرها عند المعابر الفاصلة مع مناطق قوات النظام السوري والأكراد.
وكان من المفترض أن يشمل الاتفاق مناطق أخرى، إلا أنه منذ دخول “الهيئة” إلى عفرين، تظاهر بضع مئات من السكان في مدن عدة رفضاً لدخولها إلى مناطقهم، مرددين هتافات “جولاني (زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني) يطلع برا”.
بعد يومين من الهدوء، تجددت الاشتباكات. وأحرزت “هيئة تحرير الشام” تقدماً في محيط مدينة أعزاز، ثم تدخلت فصائل تركمانية للفصل بين الطرفين، “غالباً بطلب من تركيا”، وفق المرصد. وأسفرت عشرة أيام من المعارك، بحسب المرصد، عن مقتل 28 عنصراً من “هيئة تحرير الشام” و20 مقاتلاً من الفصائل المتحاربة وعشرة مدنيين.
ماذا عن الدور التركي؟
يرى بعض السكان في المنطقة أن “هيئة تحرير الشام” ما كانت لتدخل إلى المنطقة لولا موافقة الأتراك الذين لم تتدخل قواتهم لوقف الاقتتال الداخلي. وقال الشامي بدوره: “حتى الآن، لم يظهر موقف صريح رسمي من الأتراك تجاه هذه التحركات، وربما يدل ذلك على موافقتهم، وربما يكونون غير موافقين لكنهم يقبلون بالأمر الواقع”.
ويقول الباحث نوار أوليفر، من “مركز عمران للدراسات” ومقره تركيا، لوكالة “فرانس برس”: “خلق عدم تدخل تركيا فراغاً في الميدان استغلته ’الهيئة‘ التي لها مصالح اقتصادية وسياسية”، مضيفاً “أن عدم تدخل الأتراك قد يعني الاستفادة من القوى الأكثر تنظيماً لضبط الفصائل”.
وتكثر التساؤلات حول الدور الذي قد تلعبه “الهيئة”، سواء كان في أي عملية عسكرية جديدة قد تشنها تركيا ضد المقاتلين الأكراد، أو في أي تسويات في المستقبل، خصوصاً إثر إعلان مسؤولين أتراك انفتاحهم على إعادة العلاقات المنقطعة منذ سنوات مع دمشق.
ويضيف أوليفر: “تريد الهيئة بعث رسائل واضحة بأنها قادرة على ضبط المنطقة”. ولكن ليس من الواضح حتى الآن حجم السلطة التي قد تمنحها تركيا لـ”الهيئة”.