التعديل الوزاري إذ يجري على أفراد الأسرة الأردنية الواحدة

نيسان ـ إبراهيم قبيلات...
الرجل المثقوب حذاؤه مرّ من امام محل الخضار والفواكه في طريقه الى بيته بعد يوم عمل مرهق، دون أن يدخل المحل برغم أن صغيرته اوصته أن يشتري لها تفاحا.
- يا بابا يا بابا بدي تفاح. قالت له صباحاً.
لم ينس الرجل وصايا ابنته، لكنه لا يحمل ما يكفي لشراء التفاح. هو أصلاً يسير على قدميه قاطعاً السوق حتى لا يستقل سيارة أجرة .
"سأقول لها أني نسيت". قال لنفسه.
هذا الرجل استوقفه التعديل الذي يجريه بشر الخصاونة على حكومته.
إذا سنحت الفرصة واستمعت إليه وهو يسرد شروحاته السياسية المبهرة حول التعديل وتفصيلاته ستندهش كثيراً ثم تسأله : أيها الجائع ما علاقتك أنت بالبطون المتخمة.
وربما سيسأله سائل من شاكلتي : ألم يتصلوا بك بعد؟
آخر يخرج من بيته فجراً ولا يعود إلا بعد العصر، يطارد "الربع دينار"، من أجل أن يطعم أطفاله كما يجب، ثم لا يعيشون بكرامة.
من الممتع له أن يتنقل بين الإذاعات والمواقع الإلكترونية محاولا اقتناص أي معلومة عن التعديل الوزاري.
قد يسأله أحد ما ساخراً من كل ما يجري : متى سيتصلون بك؟.
وقد يحاوره عن تقديراته حول التعديل وما الذي سيجلبه لنا تعديل الخصاونة من سياسات.
لا أعرف سببا يدعونا للاكتراث لكنا نفعل ونشتم ونغضب ونعيد السياقات نفسها عقب كل تعديل على حكوماتهم .
حسنا، هي العادة لا شيء غيرها، فهذا أبو علي متقاعد منذ أزيد من خمسين تعديلاً ، لكنه لا يزال يمارس عادته مع كل تعديل، حتى أوشك أن يتحوّل إلى محلل سياسي عميق الحال، وهو يشرح طبيعة التعديل الوزاري لأفراد أسرته .
ليس غريباً أن يجلس أحدنا في الشرفة ثم يسمع كل شيء من شقة جيرانه ، ويسمع كل التحليلات بين أفراد العائلة الواحدة عن التعديل، ويسمع اختلاف الابن مع أبيه في الرأي.
النقاش سيبدو في حالة غليان، وقد يستخدم الابن بعض المفردات في سبيل إحراج أبيه وإقناع الأسرة الغارقة في الديون أن الخصاونة نفسه استشاره في الأسماء.
إنه بلاء يسكن العقول قبل الشقق، فحتى الجدات يتحدثن عن التعديل الوزاري.
تشعر وانت تستمع الى أحاديث الأردنيين عن التعديل الوزاري أنه إنما يجري في منازلهم.
هكذا تفكر: لكأن التعديل الوزاري يجري على أفراد الاسرة الأردنية الواحدة.